في الأخبار أن الجامعة الاردنية كلفت مركزها للدراسات الاستراتيجية بإعداد دراسة ترسم صورة الأردن من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما ستكون في عام 2030.
يقول رئيس الجامعة أن هذا المشروع يجسد رغبة الجامعة في خدمة المجتمع ، ولن يستغرق أكثر من سنة واحدة ، ولن يكلف أكثر من ماية ألف دينار ، وستقدم نتائجه للحكومة مجانأً.
أريد أن اطمئن رئيس الجامعة الأردنية بأن الحكومة التي ستتسلم الدراسة لن تقرأها لسبب بسيط هو أن مدى اهتمام أية حكومة أردنية لا يمتد لأبعد من سنة إلى سنتين ، وآخر ما يقلقها هو ما سيكون عليه الأردن بعد 18 عامأً أي في عهد حكومة أخرى.
هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها محاولة لاستشراف المستقبل الأردني البعيد ، فقد جرت محاولة في الجمعية العلمية الملكية عام 2000 تهدف لاستشراف حالة الأردن في عام 2020 أطلق عليها سمو الامير حسن اسم عشرين عشرين.
وقد تم صرف النظر عن الفكرة بعد الجلسة الأولى عندما تساءل أحد الحاضرين عن الافتراضات التي ستقوم عليها الدراسة ، فماذا سيحدث للقضية الفلسطينية ، وماذا سيحدث للاقتصادات الإقليمية وخاصة في مجال البترول ، وكيف ستتطور علاقات الأردن العربية والدولية ، وما حجم المنح التي سيتلقاها الأردن ، وهل سيتقارب العرب أم يتباعدون ، إلى آخر هذه السلسلة من المؤثرات الخارجية الحاسمة التي لا تخضع للسيطرة ، ولا يمكن التنبؤ بها ، ولكنها تؤثر بشكل جوهري على حالة الأردن الاقتصادية ومستقبله السياسي والاقتصادي.
صندوق النقد الدولي ، الذي يرعي خطة تصحيح اقتصادي على مدى أربع سنوات ، رسم خارطة مبدئيـة لما ستكون عليه جميع مؤشرات الاقتصاد الأردني ، خلال السنوات الخمس القادمة لكنه أدرك استحالة التنبؤ ، فقرر أن يراجع ويعدل أرقامه وتوقعاته كل ستة أشهر ، أي أن هذا هو المدى الزمني لما يمكن أن تصل إليه التوقعات.
مشروع عشرين عشرين كان تقليدأً لمصر التي قامت بمشروع كهذا ، وقيل في حينه أن بلدأً كبيراً كمصر يمكن التنبؤ بأوضاعه بعد عشرين سنة ولكن ذلك لا ينطبق على الأردن لشدة تأثره بعوامل خارجية ومتغيرات لا يمكن حصرها.
حتى في مصر ، فشل المشروع لانهيار الافتراضات التي قام عليها والمستندة على فكرة الاستقرار والاستمرارية.