لا لزوم للتهوين من شأن العجز المالي في 2012 بحجة أنه يقل قليلاً عن تقديرات صندوق النقد الدولي ، ذلك أن تقدير العجز في الموازنة المركزية يضعه عند مستوى 1651 مليون دينار ، تضاف إليه خسائر شركة الكهرباء الوطنية المقدرة بحوالي 1197 مليون دينار بكفالة الحكومة ، مما يصل بالعجز الكلي إلى 2848 مليون دينار ، أو 13% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي نسبة عالية جداً وغير مقبولة. لكون النسبة المئوية المأمونة للعجز المالي في الأوضاع الطبيعية هي 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
تعتبر الدول مأزومة مالياً وبحاجة للتصحيح الاقتصادي والتقشف إذا بلغ العجز 6% من الناتج المحلي الإجمالي ، ومع ذلك فالحكومات الأردنية المتعاقبة تحملت العجز بضعف هذه النسبة قبل أن تقرع أبواب صندوق النقد الدولي طلباً للإنقاذ.
الموازنة المركزية للحكومة التي يتم نشرها سنوياً لا تعبـّر عن الصورة الكاملة للوضع المالي للقطاع العام ، ويجب أن تضاف إليها موازنات المؤسسات الحكومية المستقلة ، وخسائر شركة الكهرباء الحكومية ، وكل النفقات المستحقة وغير مدفوعة العائدة للمقاولين والموردين وغيرهم.
تريد الحكومة الآن أن تقدم موازنة جديدة لسنة 2013 من شأنها تخفيض العجز بحوالي 300 مليون دينار ، وليس معروفاً كم ستكون خسائر شركة الكهرباء في سنة 2013 ، ولكن حتى لو انخفضت إلى النصف ، فإن إجمالي عجز القطاع العام سيبلغ 9ر1 مليار دينار ، أو أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهو عجز كبير بجميع المقاييس.
هذا هو العجز الممكن حدوثه تحت أحسن الاحتمالات ، ولكنه يمكن أن يرتفع فيما إذا تأخرت قرارات تصويب أوضاع الكهرباء والماء ، وفي هذه الحالة فإن المديونية سترتفع في سنة 2013 بما يناهز مليارين من الدنانير ، إلى مستوى يتجاوز 80% من الناتج المحلي الإجمالي.
من المؤكد أن سنة 2013 ستكون أفضل مالياً من السنة السابقة ، ولكنها تظل سنة صعبة ، تستوجب المزيد من تصويب الأوضاع وإعادة الاقتصاد الأردني إلى سكته الصحيحة ، علمأً بأن الإصلاح المالي والاقتصادي الحقيقي يظل بحاجة لوزير مالية غليظ القلب ورئيس وزراء أشبه بالبلدوزر لا تعيقه العقبات التي تقف في الطريق ، ويستحق دعم جميع القوى المسؤولة التي تهمها المصلحة الوطنية قبل الشعبية الرخيصة.