إذا كانت هناك أموال منهوبة سواء من المال العام أو الخاص ، وسواء كانت كبيرة أو صغيرة ، فيجب استردادها بالطرق القانونية ، وبعد صدور أحكام قضائية قطعية. هذا أمر مفروغ منه وليس محل خلاف أو اجتهاد ، والمفروض أن المؤسسات المتخصصة بمكافحة الفساد قائمه بواجبها في هذا المجال.
المشكلة أن استرداد الأموال المنهوبة تحول إلى شعار سياسي يردده البعض ويستخدم للحيلولة دون اتخاذ أي قرار هام لتصحيح الأوضاع الاقتصادية والمالية الشاذة ، فلا يجوز للحكومة أن تحرك ساكناً أو تتصرف بشكل أو بآخر قبل أن تسترد الأموال المنهوبة!.
يقول هؤلاء: قبل رفع أسعار المحروقات كان يجب أن يتم استرداد الاموال المنهوبة فحاجة الخزينة يجب تلبيتها من استرداد الأموال المنهوبة ، وإيرادات الموازنة يمكن تعويضها باسترداد الأموال المنهوبة. ولا داعي للخوف من عجز الموازنة فسد العجز ممكن باسترداد الأموال المنهوبة ، ولا يجوز للحكومة أن تقترض المال وتراكم المديونية قبل أن تسترد الأموال المنهوبة ، وهكذا.
يخلط هؤلاء بين المال العام والمال الخاص ، فاسترداد الأموال المنهوبة من الشركات تعود لتلك الشركات والأموال المستردة من تجار البورصات الوهمية تعود للمغفلين الذين استثمروا مدخراتهم عند هؤلاء النصابين ، وإذا افترضنا أن القضاء استطاع استرداد 340 مليون دينار من وليد الكردي فإن المبلع يعود لمساهمي الشركة وليس للخزينة.
لا توجد فيما نعلم قضايا هامة ضد فاسدين بخصوص أموال منهوبة من الخزينة ، وبالتالي يمكن أن تعود إليها فيما إذا تم استردادها ، والحكومة لا تستطيع أن تمول عجز موازنتها ، أو دعم السلع الاستهلاكية أو تمويل صندوق المعونة الوطنية من الاموال المنهوبة.
الأموال المنهوبة ليست مصدرأً دائمأً ومتجددأً للتمويل ، فلا يمكن استردادها إلا مرة واحدة ، في حين أن موازنة الدولة وإجراءاتها مستمرة ومتجددة ويجب أن توضع في الطريق الصحيح بصرف النظر عن استرداد أو عدم استرداد الأموال المنهوبة ، وإذا تم تصحيح الاوضاع المالية الشاذة عن طريق زيادة الإيرادات المحلية وضبط النفقات المتكررة وبالتالي تقليص العجـز إلى المستوى الآمن ، فإن استرداد أية أموال منهوبة تخص المال العام يمكن أن تستخدم لتخفيض المديونية.