لم يعد بالإمكان أخذ أرقام الموازنات العامة مأخذ الجد لعدم التقيد بها وبروز الحاجة لإصدار ملاحق للمزيد من النفقات، وحدوث تجاوزات قد لا تكون مغطاة، لا في الموازنة ولا في الملاحق ، ولا يظهرها سوى الحساب الختامي الذي يمثل إغلاق حسابات السنة، وهو ما لا يحدث عندنا، فالحساب الختامي مؤجل، وإذا ُحسب للاستعمال الداخلي واستكمال القيود فإنه لا ينشر.
يقول وزير المالية إن معدل الاكتفاء الذاتي بمقياس تغطية النفقات الجارية للحكومة من الإيرادات المحلية تحسن إلى مستوى 85% ، وهي نسبة متدنية حتى لو كانت صحيحة، ولكنها للأسف ليست كذلك، لان أخذ خسائر الكهرباء بالحسبان ضمن النفقات الجارية يخفض نسبة الاكتفاء الذاتي إلى 75% ، وهي نسبة ما زالت غير مقبولة، وإن كانت أقل سوءاً مما كانت في السنة الماضية.
أما العجز الذي عكسته أرقام الموازنة العامة، وهو 3ر1 مليار دينار بعد المنح أو 4ر5% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن أخذ الخسائر المقدرة للكهرباء بالحساب ضمن النفقات يرفع العجز إلى 2ر2 مليار دينار أو 1ر9% من الناتج المحلي الإجمالي.
وإذا كان المقصود من الموازنة العامة أن تعكس سياسات الحكومة لسنة قادمة، وأن تلخص الوضع المالي للحكومة بأوسع معانيه، فلا بد أن يؤخذ عجز المؤسسات الحكومية المستقلة بالحسبان، بحيث نحصل على موازنة شاملة للقطاع العام الذي يقع تحت سيطرة الحكومة.
إذا كانت موازنة 2013 قد أعدت وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وبعد التشاور مع بعثة صندوق النقد الدولي، فمعنى ذلك أن البرنامج متواضع جداً، وليس له متطلبات تستوجب قرارات صعبة من شأنها تغيير الاتجاه، وفي هذه الحالة فإن على الحكومة أن تسبق البرنامج، فالمفروض أنها أحرص على الإصلاح من صندوق النقد الدولي.
يبقى أن مقارنة أرقام موازنة هذه السنة بما حدث في السنة الماضية تشير إلى قدر من التحسن، ولكن السنة الماضية ليست سنة مثالية أو عادية حتى يمكن القياس عليها، فقد كانت أسوأ سنة في تاريخ المالية العامة الأردنية. ومن هنا فإن المطلوب من الحكومة أن يكون الإنجاز الفعلي أفضل من تقديرات الموازنة وأن يكون العجز الفعلي أقل مما تستهدف الموازنة.