لا يتوقع ان تحتل البرامج السياسية حملات المرشحين للانتخابات المقبلة ، سواء اكانوا ضمن قوائم وطنية ام فرادا ام حزبيين ، الا فئة قليلة ستتثبت في مبادئها وبرامجها .
الواقع يشير الى ان تنامي الضغوطات المعيشية على المواطنين ، وازدياد حالات التعاطي بالمال السياسي «القذر» الذي يستغل حاجات الاردنيين ، سيحتل اولويات العملية الانتخابية ، خاصة مع ضعف الاقبال على الانخراط في الاحزاب السياسية التي مازالت فاعليتها في جذب الجمهور لها « معطلة « .
في ضوء الحالة الراهنة للمشهد السياسي في البلاد ، فانه من المرجح ان تتشكل حالتين انتخابيتين للمرشحين ، الاولى منصبة في البيان الانتخابي الذي سيوزع على العامة من الناخبين ، وسيتضمن مبادئ عمل وبرامج نتفاجا من مستواها وقدرتها على الوصول الى كافة نقاط الخلاف في المحتمع ، وكانك امام تشخيص حقيقي واقعي لازمات البلاد ومشاكل العباد .
الحالة الثانية ستركز على الممارسات الفعلية للمرشحين ، والذين سيحاولون بشتى الوسائل للوصول الى اصوات الناخبين وباي ثمن ، بغض النظر عن الشعارات التي حملوها في بياناتهم الانتخابية.
هذه الممارسات ليست بجديدة لا على المرشحين ولا على الناخبين ، فالكل يستغل الوضع لما فيه مصلحته الشخصية ، الامر لن ينتهي عند يوم الاقتراع ، ستتواصل المشاكل فيما بعد بين طرفي عملية الانتخاب ، فالمرشح الذي سيصبح نائبا لن يلتفت الى ابناء دائرته ولا الى الناخبين الذين صوتوا له ، لانه يعتقد انه هو صاحب الفضل له ولماله في الوصول الى المقعد النيابي ، في حين سيبقى الناخبون يشكون النائب الذي لا يلتفت لهم ولا يلبي مطالبهم بعد الوصول الى قبة البرلمان.
الناخب لديه فرصة تاريخية اليوم لاحداث التغيير الحقيقي في المجتمع ، والقضاء على السلوكيات غير الرشيدة التي تحدث هنا وهناك في العملية الانتخابية ، فبيده احداث الفارق ، وبيده الارتقاء بالعمل النيابي ورفع شانه واعادة هيبة مجلس النواب الى وضعها السابق.
لا يعقل ان يقوم الناخب بتكرار سلوكيات العملية الانتخابية التي حدثت في 2007 و2010 ثم يطالب بالاصلاح ، والشفافية ومحاربة الفساد ، الامر بحاجة الى ثورة حقيقية داخل نفوس الاردنيين في النهوض بسلوكياتهم اولا ، وقطع الطريق على من يحاول ان يصور الاردنيين بانهم يلهثون وراء المال ويبيعون اصواتهم .
الناخب عليه مسؤولية وطنية هامة في هذه المرحلة ، فاذا كان ينتقد المجالس النيابية السابقة على ضعفها الرقابي وعدم جديتها في فتح ملفات الفساد الكبرى ، فانه مطالب اليوم باثبات جديته باحداث التغيير من خلال اختيار المرشحين القادرين على فهم عملية الاصلاح الوطني والارتقاء بها ، والترفع عن صغائر الامور ، والوصول فعلا الى نائب للوطن قادر على نقل هموم المجتمع والسير بها والدفاع عنه.