لو ان الحكومات السابقة التزمت ببيانات التكليف الخاصة بها فيما يتعلق بالشان الاقتصادي، وكان هناك مجالس نواب فاعلة في الرقابة على تنفيذ ما تعهدت به السلطة التنفيذية لما آلت الاوضاع الاقتصادية الى ما هي عليه الان .
بعد حديث الملك الاخير مع «الراي « يتضح ان معالجة الوضع الاقتصادي لا يندرج فقط على الاعتماد على جيوب المواطنين ، وهذا ما اكد جلالته بان الامر يتجه الى حزمة اجراءات وسياسات متكاملة كلها في سياق تحفيز الاقتصاد الوطني ، وخلق بيئة مواتي للاعمال ، معتمد على عنصر الاستقرار.
الكل يعلم ان الحكومة لم يكن امامها خيارات اقتصادية على المدى القريب سوى تغيير آلية الدعم، واستبعاد الشرائح غير المستحقة والتي كانت تستحوذ على ما نسبته 60 بالمئة من اجمالي دعم الخزينة، لكن من المفترض ان تواصل الحكومة مراجعتها لقيم الدعم النقدي المقدم للمواطنين بشكل يتناسب مع معدلات التضخم، وبما يضمن الحفاظ على اعلى درجات العدالة في التوزيع ودعم المستحقين، والاحتفاظ باكبر قدر من المرونة لتعديلها في الاوقات المناسبة، وان تحافظ على ماسسة الراقبة الرسمية على الاسواق، وتباشر في تعزيز شبكات الامان الاجتماعي .
اما على المدى المتوسط والبعيد، فان الامر يحتاج الى جهد حكومي كبير في النهوض بالسياسات الاقتصادية كما دعا الملك الحكومة في ذلك، خاصة فيما يتعلق بضبط الانفاق الحكومي، الذي يجب ان يكون سياسة عامة لا فزعة تظهر وقت رفع اسعار المحروقات .
والاستمرار في ترشيد الاستهلاك ببرامج وخطط ثابتة خاصة في الطاقة الكابوس الاكبر للخزينة، وتعزي عمليات المساءلة والمحاسبة لكل من تسبب بهدر المال العام، حتى يشعر المواطن ان الجميع يتحمل المسؤولية وليس المواطن وحده ،.
دائما ما كانت توجيهات الملك للحكومات بالتركيز على الطبقات الفقيرة وايلاء العناية لهم، والاستمرار في تقديم كافة الخدمات التي تساعدهم على الحياة الكريمة وادخال طبقات ذوي الدخول المحدودة في عمليات الانتاج والتدريب ليكونوا عناصر فاعلة في العملية الانتاجية للمجتمع .
التوجيهات الملكية للحكومات تصب اساسا على خدمة المواطن الذي هو لب عملية التصحيح الاقتصادي ومحورها، وبشكل يسير فيه الاقتصاد على خطوات ثابتة نحو الاعتماد على الذات وتحقيق الاستقلال المالي لتحصين القرار السياسي .
لذلك ان المهمة الاكبر للحكومة في تعي عملية الاصلاح الاقتصادي استكمال العمل الماسسي في التنمية من خلال مراجعة وتسريع الإصلاحات الاقتصادية لتحسين البيئة الاستثمارية، وإيجاد نوافذ تمويلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المحافظات، وتشجيع المشاريع الريادية وتوفير مبادرات التمكين والتدريب وحاضنات الأعمال التي تولد فرص العمل للأردنيين، مع تركيز الجهود على تنمية المحافظات من خلال اللامركزية، وبما يعزز توجهات تجذيرالديموقراطية المحليية .
لا يمكن لاي حكومة ان تواصل الاصلاح وفق سياسة الفزعة، الامر بحاجة الى ماسسة في العملية الاصلاحية، تتناول مجمل التغيرات والمرتكزات الاقتصادية بكافة القطاعات، ومراجعة ما يمكن مراجعته لجعل بيئة الاستثمار المحلية نقطة جذب للمراكز المالية الباحثة عن مواطن آمنة .