"لاجئات لا سبايا" هو أسم لإحدى الحملات التي تعنى بحقوق الإنسان في الاردن، تشكلت بهدف حماية اللاجئات السوريات اللواتي هربن مع أسرهن من جحيم الحرب الدائرة في سوريا، ممن يريد استغلال معاناة ومصائب هؤلاء الفتيات من أجل هوسه الجنسي.
ومهما تعددت مآس الحروب وويلاتها، فإن أكثرها بشاعة هو استغلال براءة الأطفال وضعف النساء،لأن استغلال الفتيات السوريات بحجة الزواج لم يعد مجرد حالات معدودة، بل تحول، حسب الكثير من الدلائل،إلى ظاهرة بشعة يتم فيها الزواج من قاصرات بعمر( 14- 15 عاما).
مسؤول حملة "لاجئات لا سبايا"،الذي طلب عدم ذكر اسمه، أعرب، وفق صحيفة "الرأي" عن تخوفه من أن تُستَغل محنة السوريات وتستهدف بنشاطاتها اللاجئات، تماما كما فعلت إبان الأزمات السياسية فـي العراق والبوسنة.
ويروج بعض الكتاب العرب والاردنيين،أن هذه الظاهرة البشعة يتم تغطيتها دينيا من قبل بعض رجال الدين، عبر فتاوى تشجع على ذلك تحت ذريعة ستر هؤلاء الفتيات والحفاظ عليهن من الانحراف والاغتصاب.
يقول الخبير في علم الاجتماع الدكتور راشد سليمان الحوامده:"هذه ليست المرة الأولى،إذ ان نفس الأمر حدث في البوسنة والهرسك عندما كان شعبها يتعرض للقتل والاغتصاب على يد المليشيات الصربية، وكذلك فعلوا الأمر ذاته في الشيشان في سنوات الحرب".
ويؤكد المواطن خالد الزبيدي،أحد سكان بلدة الزعتري القريبة من مخيم اللاجئين السوريين:"من الواضح أن هذا النوع من الفتاوى،هو المحبب لدى البعض من المتاجرين بالدين.
هذه الفتاوى اللامسؤولة التي تصدر من بعض رجال الدين،تسيء للأردن وسمعته التي لم تشبها شائبة على مرّ التاريخ، فعلى أرض الواقع،هبّ المواطن الأردني الى نجدة أخوانه واخواته السوريات منذ بداية وصولهم الى المملكة كلاجئين،وتقاسم معهم لقمة عيشه،لا بل تقاسم معه المنزل الذي يسكنه.
الحقيقة الراسخة في المجتمع الأردني،تقول ان هنالك الكثير من حالات النسب والمصاهرة بين الشعبين السوري والأردني قبل بداية الازمة السورية وربما اشتدت مع الازمة السورية قليلا،وهذا يسجله التاريخ ويشهد له القاصي والداني،ويعود ذلك لاسباب عديدة،اهمها قرب الحدود الأردنية السورية الى جانب التقارب في العادات والتقاليد بين الشعبين العربيين.
وتحدث الشاب السوري سامي،المقيم في الأردن منذ سنوات طويلة،أنه زار مخيم الزعتري للاجئين السوريين في مدينة المفرق، الذي يضم نحو (40) ألف لاجئ، عن ظاهرة اجتماعية جديدة بدأت بالانتشار تحمل اسم "زواج السترة"، ويقصد به تزويج الفتيات السوريات، حتى وإن كنّ صغيرات في السن، لأول من يتقدم للزواج بهن، بحجة الستر على شرفهن، من دون وجود شروط ضامنة لاستمرار هذا الزواج، لا شرعية ولا قانونية.
وأثارت ظاهرة "زواج السترة" لدى نضال(33) عاما، الفضول لإعداد دراسة اجتماعية ميدانية حول الموضوع، رصد الشاب السوري المقيم في عمان، والذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، حالات مختلفة من الزواج غير المتكافئ، اجتماعيا أو إنسانيا، وخرج بملاحظات مختلفة أهمها:"مع بدء رحلة اللجوء المقيتة من سوريا إلى الأردن، هربا من أحداث العنف والقتل الدموي، كان من الطبيعي أن تدعو العائلات الأردنية التي لديها أقرباء في سوريا، أقرباءها إلى النزول عندها، بل أن الأكثر من ذلك، ان العديد من العائلات الغنية، أو حتى المتوسطة الدخل، وضع إعلانات عن وجود منازل مجانية للاجئين السوريين".
ويوضح نضال أن "زواج السترة" هذه بدأ باتخاذ منحى خطير وسيّئ مع ازدياد صعوبة العيش في المخيمات، حيث بدأ السوريون بالبحث عن أي طريقة لإخراج أولادهم وإخراج أنفسهم من حياة الفقر والظروف الصعبة غير الإنسانية.
ويضيف "في الوقت نفسه، استغل العديد من الأردنيين الطالبين للزواج الموقف، حيث إن الزواج بفتاة سورية أقل كلفة.
وفيما حاول نضال الاتصال بأصدقاء له على تواصل مع مخيمات اللجوء السورية، في لبنان وتركيا والعراق، للحصول على معلومات عن حصول ظواهر زواج مشابهة، حالت صعوبة الوصول إلى مخيمات اللاجئين في تلك البلدان دون ذلك.
من جهتهم، تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مع هذه الظاهرة التي تكرس جملة من المفاهيم الاجتماعية الخاطئة بحق كرامة الفتيات السوريات وإنسانيتهن.
فعلى موقع "فايسبوك" أنشئت صفحة تفاعلية حملت عنوان (لاجئات... لا سبايا)، دعا أصحابها إلى حملة لحماية حقوق المرأة السورية، ومحاربة امتهان قيمة المرأة السورية، وتحفيز المجتمع الأهلي ورجال الأعمال لدعم المرأة السورية في مخيمات اللجوء أينما وجدت.
وحظيت صفحة "لاجئات... لا سبايا" بتفاعل كبير من رواد الموقع الأزرق، وتعدى عدد المشتركين فيها ( 8000 مشترك)، ولقيت اهتماما كبيرا من وسائل إعلامية وصحف عربية وأجنبية مختلفة، التي أثارت هذه القضية.
وأكد خالد رمضاوي،أحد الشباب الناشطين في الحملة، ضمن مخيم الزعتري، أن عدد حالات الزواج المسجلة والموثقة رسميا لدى مكتب الحملة لم يتعد( 10 ) حالات حتى الآن،لافتا الى انه من الصعب ضبط جميع حالات الزواج المشابهة وتسجيلها، موضحا بأن هناك حالات لم يتمكنوا حتى اللحظة من تسجيلها أو متابعتها، لكونها تجري في الخفاء.
وأشار إلى أن هنالك محاولات كثيرة لتضخيم القضية تقوم بها بعض الوسائل الإعلامية المختلفة، لاستثمار معاناة اللاجئين لمصلحة السياسات التي تنتهجها.
وفي خضم هذا الحديث،امتنع كل من مفتي عام المملكة،سماحة الشيخ عبدالكريم الخصاونة والمفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان الدكتور موسى بريزات،عن الإدلاء بأية تصريحات بهذا الخصوص دون بيان الاسباب.
ووفقا لتصريحات رئيس جمعية الكتاب والسنة الشريك الرسمي للهيئة الخيرية الهاشمية في اغاثة اللاجئين السوريين،زايد حمّاد،فإنه لم ينف تسجيل حالات زواج لسعوديين من سوريات بلغت ما بين(10- 15) حالة مع بدايات اA271;زمة.
ولفت إلى أن الجمعية تلقت طلبات من أردنيين للزواج من سوريات، بلغت نحو 500 طلب زواج، وجميعها حاليا منظورة أمام الجمعية، لكنها تتحفظ على السير بها قدما.
ويقول حماد: "القضية لا تشكل ظاهرة، ونحن لدينا ثلث نسبة اللاجئين الإجمالية، وبمعرفة الجمعية لم يتم تسجيل حالات زواج سوى القليل، لكن أنا أؤكد أن هناك مافيا حاولت بالبداية الاتجار بزواج لاجئات، لكن تم كشفهم وايقافهم، وكان من بينهم مجموعات سورية تروج لهذا الزواج من خلال توزيع صورهن بمبالغ معينة لكن تم ضبطها."
ويضيف حماد إن "الظروف في سوريا أفرزت العديد من الإشكاليات في دول اللجوء، من بينها استغلال فئة قليلة من اللاجئين السوريين الظروف القائمة، كبيع المواد التموينية التي تصلهم كمساعدات للأردنيين أو استدرار العطف من الجهات الداعمة في العلاج والمبالغة في ذلك."
ويشير حماد إلى أن هناك بالفعل رغبة لدى العديد من الشباب الأردنيين بالزواج من سوريات بدوافع الاستقرار الحقيقي، في الوقت الذي يعاني منه الشباب من غلاء المهور في المملكة، وارتفاع كلفة الزواج والشروط التي تطلبها العائلات الأردنية.
وقال: "هناك رغبة لدى السوريات وكذلك الأردنيين ولا عيب في ذلك، لكن درءا للشبهات نشدد على تلك الطلبات، وحتى الآن لم نوافق على زواج إلا 10 أردنيين من سوريات."
وقال الناطق الاعلامي باسم مخيمات اللاجئين في المملكة،إن اطلاق لقب "سبايا" على اللاجئات السوريات في المملكة، هو أمر مستغرب وغير صحيح ومناف للأخلاق والاعراف الأردنية.
وأضاف الحمود أن وصف النساء السيدات السوريات اللاجئات الى الاردن بـ"سبايا" بمثابة استهداف لكراماتهن التي يحافظ عليها الأردن ويصونها من منطلق الدين ومن منطلق الأخوة.