لن أكرّر ما سبق أن كتبته أكثر من مرة حول كلفة هيكلة رواتب القطاع العام التي بلغت حوالي 400 مليون دينار للعام الحالي، ولن أقارن هذا المبلغ بالوفر الذي ستحققه الخزينة جراء قرار رفع الدعم عن المحروقات والمقدّر بـ (420) مليون دينار، فالقضية واضحة تماماً، وكان يمكن أن تتخفّف الحكومة الحالية من جزء كبير من الضغوطات الشعبية والسياسية الهائلة جراء قرارها الأخير لو أن وزير تطوير القطاع العام، العابر لثلاث حكومات حتى الآن، نجح في تنفيذ الهيكلة بأقل كلفة ممكنة، وهي الكلفة التي كانت مقدّرة زمن حكومة الدكتور معروف البخيت والبالغة حوالي (70) مليون دينار ليس إلاّ..!!
على أي حال، لن أدخل في هذا الجدل، ولن أتطرق للطريقة العكسية المشوّهة التي نفّذ فيها الوزير الهيكلة إياها، ولكن سأتوقف عند حديثه أمس للتلفزيون الأردني وتطرقه لقرار رفع الدعم عن المحروقات، فقد أشار إلى إلى أن قيمة التعويض الذي قررت الحكومة تقديمه للأسر ذات الدخل الذي يقل عن (800) دينار، قد لا تكفي، وأن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت ربما أشهر أو سنة حتى نتبيّن فيما إذا كان مبلغ التعويض السنوي كافياً أم لا من أجل إعادة النظر فيه، وهذا الكلام نوافقه عليه تماماً، لا بل نعتقد، ولدينا حسبتنا، بأن هذا المبلغ الذي ستحصل عليه الأسرة الأردنية المستحقة للتعويض لن يكفي لبضعة أشهر لتعويضها عن ارتفاع الأسعار الذي سيرافق تحرير أسعار المحروقات، فضلاً عن قيمة الارتفاع بالمحروقات ذاتها..!!
الملفت في الموضوع، أن ما قاله الوزير الخوالدة يتناقض تماماً مع تأكيدات رئيس الوزراء الذي سمعناه عبر أكثر من فضائية يُقْسِم بأن أكثر من (70%) من الأسر الأردنية ستستفيد من التعويض بما يزيد عن فارق الأسعار، وستربح من مبلغ الدعم الحكومي بوفر جيد، وأنها بالتالي لن تُضارّ من قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية بل ستكسب، فأيهما نصدق الوزير أو الرئيس..!!؟
هذا التناقض واللهجة التي تحدث بها وزير التطوير تشي بأن الوزير غير واثق بقرار الحكومة وإنْ قال بأن قرار رفع الدعم سيخدم الوطن والمواطن، وأنّ لديه شكوكاً في كلام رئيسه حول استفادة غالبية المواطنين من مبلغ التعويض، وهو ما كرره الرئيس مرات ومرات، وفي اعتقادي لو أن بعض الوزراء الآخرين أطلقوا تصريحات حول الموضوع لكانت مختلفة ومتفاوتة وربما متناقضة، وهو ما يشكّكنا بكل ما خرجت به علينا الحكومة من أرقام حول الدعم والتعويض وإفلاس الخزينة وغيرها..!
خطاب الحكومة متناقض، وأرقامها أصبحت موضع شك، وفي اعتقادي أن إنقاذ خزينة الدولة من الإفلاس كان ممكناً لو أحسن بعض الوزراء الحاليين والسابقين إدارة ملفات كبيرة تندرج ضمن مسؤولياتهم، ومن ضمنهم وزير التطوير الحالي الذي لم يُحسن تنفيذ مشروع الهيكلة الذي ألحق ضرراً كبيراً بخزينة الدولة وهو ما سمعناه من أكثر من وزير مالية سابق وحالي..!!
أما آخر الكلام، فأعيد: تنظر إلى أحدهم فتكفّ عن الكلام، فإذا تكلم عصف بك الملامْ.. والله حسبنا ونعم الوكيل.
Subaihi_99@yahoo.com