العدل أساس الملك، قاعدة ذهبية في إدارة شؤون الدولة وتوثيق وشائجها، والدولة التي لا تسعى إلى إقامة العدل بين الناس، معرّضة للإنهيار في أي لحظة..
هذا ما يجب أن يعيه رجال الدولة، أي دولة، وإلاّ فإن حالة الاختلال ستظل هي السائدة، وهي حالة مشوبة بعدم الرضى، الذي يصل إلى درجة السخط أحياناً، مما ينذر بكوارث تُهدّد بقاء الدولة برمتها.. إنْ لم يكن على المستوى المادي الملموس، فعلى المستوى المعنوي المحسوس..!
في نظرة سريعة إلى أوضاعنا المحلية، نجد أن فرص العدالة لا تزال محدودة، والسبب الرئيس أن المسؤول مرتعد، ومتردد، وخائف.. فهل يمكن لمسؤول من هذا النمط أن يقيم العدل بين الناس، ويصون حقوق العباد، في الوقت الذي تتمتع فيه الدولة بقيادة ذات عمق تاريخي وإرث يجمع عليه الناس..!؟
في نظرة سريعة لأوضاعنا، نجد أن الناس في حالة ضجر وغضب وتأفف ويأس، ولو كانت العدالة هي السائدة لما رأينا هذه الأوضاع، ولما وصلت الحالة بالبعض إلى درجة التفكير الجادّ بالرحيل..!
في نظرة سريعة، نجد أن الطبقية التي كنّا عبر أزمنة غابرة نمقتها، عادت تُطل علينا بكل تفاصيلها ورمزيتها وعنفوانها، وقد أغلقت الطرقات، ولم يعد ثمّة فرصة للنزول من عربات السيادة، للوقوف على حال مئات الآلاف من سكان الطابق السفلي في مدن الجنوب، وجيوب المدن..!!
في نظرة سريعة، نجد مسارات واضحة نحو تكريس حالة الاختلال والهوان، وإضعاف شأن المواطنة الصالحة، وهي أخطر ممارسة سياسية يمكن أن تقوّض أركان الدولة بالكامل، فهل ثمّة من يقرع ناقوس الخطر ليحذّر من مغبّة استهداف المواطنة..!؟
في نظرة سريعة، نجد إيغالاً في الترف السياسي على حساب الترف الاجتماعي، وهي حالة يصعب معها ترتيب أولويات أي دولة، فتكون النتيجة المنتظرة؛ فوضى في كل شيء، وتعامي عن الحقيقة، ونكوص إلى التخلّف، ونزقاً اجتماعياً مرعباً..!
في نظرة سريعة، نجد أن حال السلطات، أشبه بالفزعات، والسبب أن التفكير بالمكنون الاجتماعي والسياسي لا زال ضعيفاًُ، وأن وصول البعض إلى كرسي السلطة كان ظالماً، مما زلزل الأرض تحت أرجل كراسيهم، ففقدوا قدرتهم على اختيار المسار المناسب، فأدى الأمر إلى مشهد مضحك من مشاهد حوار الطرشان..!!
في نظرة سريعة، كلمة قالها أحدهم والدمعة تنحدر على وجنته، أي ظلم أكبر من أرى ابنتي تُخيط حذاءها كي تتمكن من الذهاب إلى مدرستها، لعدم قدرتي على شراء حذاء لها..!!
في نظرة سريعة، قال، وله سنوات يبحث عن فرصة عمل يرتزق منها؛ أفِ لهذا الدور، أمَا كان أجدى بالمسؤول أن يقرّر: أيهم أولى بالحياة نحن أم منْ شهدوا صراع الأضداد.. فلا عمل ولا ارتزاق في ظل منافسة محمومة وصراع محتدم بلا إنصاف..!!
في نظرة سريعة، نجد رحلة البحث عن الكرامة الإنسانية، رحلة يائسة، فيما تنرقب جموع غفيرة على الجانب الآخر، مشهد السحب من الكرامة بلا حدود، وليس أمامها سوى الانتظار والصبر..!!
في نظرة سريعة أخيرة، نجد حالات الانسحاب تسود، وحالات التنازل تزيد، وحالات التخلي عن المسؤولية تتفاقم.. فإلى متى..!؟
أيها السادة؛ نحن في أمسّ الحاجة إلى ضبط إيقاع دولتنا.. وإلاّ..!!!
Subaihi_99@yahoo.com