خصخصة الديوان الملكي
الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة
الديوان الملكي منظمة كبيرة الحجم ومعقدة من حيث شبكاتها ومستوياتها وتراتيبها الإدارية الداخلية. تجاوز عدد العاملين في الديوان الملكي (4700) موظف وله موازنة كبيرة ومرهقة للموازنة العامة للدولة وللقارئ أن يتخيل فقط الرواتب الشهرية الفلكية والامتيازات المادية والتأمينات والإكراميات التي يتقاضاها هذا الجيش الجرار من الموظفين ناهيك عن حظوتهم وتأثيرهم على الدوائر الأخرى وعلى أصحاب القرار المتعلق بمصالحهم في مؤسسات الدولة المختلفة. الأهم من ذلك هي موازنة الديوان الملكي من غير فئة الرواتب وهي بالطبع الميزانية الأكبر والتي يصرف منها على مكارم الملك وتبرعاته ومساعداته ومكافآته للوجهاء وشيوخ العشائر والمؤيدين والموالين .لا أحد يعرف تماما كم هي موازنة الديوان غير المعلنة وهل هي تخصص بالكامل من موازنة الدولة الأردنية؟ هل موازنة الديوان تقتصر على ما تظهره الموازنة من أرقام ومبالغ محددة ؟ من يتتبع كلفة المكارم الملكية، ونفقات الرواتب العاملين في الديوان الملكي، ومخصصات وجهاء العشائر، والدعوات الملكية الفاخرة مثل دعوة الملك لثلاثة آلاف موطن لطعام الغداء في الديوان وغيرها من الدعوات في المحافظات كالتي تمت في اربد والسلط والزرقاء وغيرها مضافا إلى ذلك كلف زيارات الملك ومياوماته المقدرة بمليون دينار في اليوم الواحد،وكلفة تشغيل وصيانة الطائرة الملكية وصيانة القصور الملكية المتعددة ورواتب الأمراء والأميرات الهائلة وحراسهم ومكاتبهم يجد بأن مجمل هذه التكاليف تفوق الموازنة المخصصة للديوان الملكي فكيف يتم تغطية ذلك أم أن هناك عجز في موازنة الديوان وربما هناك مديونية تقتضي الاقتراض من مصادر خارجية!
السؤال الذي يحتاج كثير من المواطنين الأردنيين الإجابة عليه هو لماذا هذه النفقات الضخمة للديوان الملكي؟ الديوان الملكي كمؤسسة ليس له ذكر أو نص في الدستور الأردني ولا غرابة في ذلك إذ أنه لا مبرر لوجود هذه المؤسسة الضخمة ما دام أن الملك ذاته مصونة ولا يخضع لأي مسؤولية سياسية ومن يخضع لهذه المسؤولية بدلا منه هي الحكومة صاحبة الولاية العامة المنصوص عليها في الدستور. لماذا إذن هذا العدد من الموظفين الذي يتجاوز مجمل عدد العاملين في وزارات العمل، وتكنولوجيا المعلومات، والتخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والتنمية السياسية، والبيئة مجتمعة؟ ولماذا هذه المخصصات الهائلة إذا كان الديوان غير مسئول عن إدارة وتصريف شؤون الدولة !
الديوان الملكي هو وحدة إدارية ذات مهام خدماتية لوجستية بالدرجة الأولي وليس من طبيعة عملة النهوض بمهام سياسية مثل الدول ذات النظام الرئاسي كالولايات المتحدة حيث أن رئيس الدولة هو رئيس الوزراء مما يقتضي وجود مؤسسة تحيط به لتساعده في تصريف شؤون الدولة آخذين بالحسبان ارتباط عدد كبير من الدوائر التنفيذية بالبيت الأبيض مما يعني حاجته مؤسسة الرئاسة لكادر يعمل في هذه المؤسسة .وينبغي التذكير هنا أنه حتى في البيت الأبيض الذي يشرف على إدارة دولة مؤلفة من خمسين ولاية أصغرها بحجم الأردن فإن عدد العاملين لا يتجاوز (1930) موظفا مقارنة مع (4700 ) موظف في الديوان الملكي لمساعدة الملك على أداء مهام هي من صلب عمل الحكومة.من ناحية أخرى لا يستطيع كثير من المواطنين تفهم سبب وجود فرع لدائرة الأراضي والمساحة في الديوان الملكي تماما مثلما لا نستطيع فهم أسباب وجود دائرة اقتصادية في الديوان. يضاف إلى ذلك تساؤل لا نجد أيضا إجابة عليه وهو لماذا هذه المكاتب والأعداد الهائلة من الموظفين لمكتب الملكة ولمكاتب الأمراء والأميرات والشريفات بحيث أنك تجد ازدحام داخل الديوان ومرتبات إدارية ومسميات وألقاب تجعل المرء يعتقد بأن الأردن إمبراطورية عظمى وأن الملك يدير أصقاع وولايات دول بحجم القارة مثل البرازيل أو الهند.
الدستور الأردني لم يرد فيه ذكرا لتولي الدولة تقديم خدمات للأمراء والأميرات والشرفاء والشريفات فلماذا يتحمل المواطن الأردني الذي "يشحد الملح "نفقات هائلة ورواتب الأمراء التي يتقاضوها من يوم ولادتهم إلى يوم رحيلهم؟وما هي الخدمات التي يقدموها للدولة بالمقابل؟ ولماذا يخصص للملكة هذا العدد الكبير من الموظفين ما دام أنها ليست موظفة وليس لها أي صفة رسمية غير صفة زوجة الملك؟
مرة أخرى الديوان الملكي مؤسسة خدماتية لوجستية بامتياز وليست مؤسسة سياسية ويناط بهذه المؤسسة أعمال بروتوكولية واحتفالية وعلاقات عامة وزيارات واستقبالات ويمكن لمائة موظف القيام بهذه المهام لا بل يمكن خصخصة هذه المهام وإناطة مسؤولية أدائها بشركة متخصصة يمكن أن تنجز المطلوب بكفاءة واقتدار أكثر بكثير من المؤسسة العملاقة الحالية للديوان الملكي. الديوان الملكي ليس وزارة مع أنه أكبر حجما من ست وزارات وليس حكومة مع أنه أكثر تأثيرا من كل الحكومات وليس رمزا دستوريا أو سياديا مع أنه أصبح أكبر رمزية من الحكومة ورئيسها ووزارتها وأجهزتها المختلفة. في زمن تم فيه خصخصة مؤسسات وثروات الأردن الرئيسية من فوسفات وبوتاس والناقل الجوي الوطني والاتصالات والمياه وغيرها فما الذي يمنع من خصخصة الديوان الملكي ليؤدي الأدوار الخدماتية المنوطة به من قبل شركة متخصصة مقابل كلفة مالية قليلة جدا في وقت تم فيه خصخصة المرافئ والموانئ والمياه وربما تتجه النية لخصخصة السجون ومراكز التأهيل آخذين بنظر الاعتبار أن القطاع الخاص أكثر كفاءة وجدارة في إنجاز الغايات والأهداف وبكلف أقل ولنا في تصريحات رئيس بلدية الزرقاء الأخيرة خير دليل على عدم كفاءة القطاع العام في إدارة الخدمات حيث أشار إلى وجود( 71) سائق معينين لسيارة واحدة و(84) عامل لمقسم واحد وربما معطل وهذا العدد يفوق عدد العاملين في وزارتين في المملكة. الديوان الملكي أصبح عبئا ثقيلا على الدولة ورافدا كبيرا لعجز الموازنة ومصدرا لتضخم المديونية كما أنه أصبح مكلفا من الناحية السياسية نظرا لكونه قد أصبح موئلا وملاذا للمتنفذين من رؤساء الوزراء السابقين والوزراء وكبار رجال الدولة وأبنائهم وبناتهم وأحفادهم وشيوخ العشائر وعلية القوم مما يؤدي إلى استثارة سخط وغضب الفئات والشرائح الاجتماعية المستضعفة والمحرومة ضد النظام السياسي برمته ويؤدي بالتالي إلى تأزيم العلاقة المستقرة بين القيادة والمواطنين .
الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة
الديوان الملكي منظمة كبيرة الحجم ومعقدة من حيث شبكاتها ومستوياتها وتراتيبها الإدارية الداخلية. تجاوز عدد العاملين في الديوان الملكي (4700) موظف وله موازنة كبيرة ومرهقة للموازنة العامة للدولة وللقارئ أن يتخيل فقط الرواتب الشهرية الفلكية والامتيازات المادية والتأمينات والإكراميات التي يتقاضاها هذا الجيش الجرار من الموظفين ناهيك عن حظوتهم وتأثيرهم على الدوائر الأخرى وعلى أصحاب القرار المتعلق بمصالحهم في مؤسسات الدولة المختلفة. الأهم من ذلك هي موازنة الديوان الملكي من غير فئة الرواتب وهي بالطبع الميزانية الأكبر والتي يصرف منها على مكارم الملك وتبرعاته ومساعداته ومكافآته للوجهاء وشيوخ العشائر والمؤيدين والموالين .لا أحد يعرف تماما كم هي موازنة الديوان غير المعلنة وهل هي تخصص بالكامل من موازنة الدولة الأردنية؟ هل موازنة الديوان تقتصر على ما تظهره الموازنة من أرقام ومبالغ محددة ؟ من يتتبع كلفة المكارم الملكية، ونفقات الرواتب العاملين في الديوان الملكي، ومخصصات وجهاء العشائر، والدعوات الملكية الفاخرة مثل دعوة الملك لثلاثة آلاف موطن لطعام الغداء في الديوان وغيرها من الدعوات في المحافظات كالتي تمت في اربد والسلط والزرقاء وغيرها مضافا إلى ذلك كلف زيارات الملك ومياوماته المقدرة بمليون دينار في اليوم الواحد،وكلفة تشغيل وصيانة الطائرة الملكية وصيانة القصور الملكية المتعددة ورواتب الأمراء والأميرات الهائلة وحراسهم ومكاتبهم يجد بأن مجمل هذه التكاليف تفوق الموازنة المخصصة للديوان الملكي فكيف يتم تغطية ذلك أم أن هناك عجز في موازنة الديوان وربما هناك مديونية تقتضي الاقتراض من مصادر خارجية!
السؤال الذي يحتاج كثير من المواطنين الأردنيين الإجابة عليه هو لماذا هذه النفقات الضخمة للديوان الملكي؟ الديوان الملكي كمؤسسة ليس له ذكر أو نص في الدستور الأردني ولا غرابة في ذلك إذ أنه لا مبرر لوجود هذه المؤسسة الضخمة ما دام أن الملك ذاته مصونة ولا يخضع لأي مسؤولية سياسية ومن يخضع لهذه المسؤولية بدلا منه هي الحكومة صاحبة الولاية العامة المنصوص عليها في الدستور. لماذا إذن هذا العدد من الموظفين الذي يتجاوز مجمل عدد العاملين في وزارات العمل، وتكنولوجيا المعلومات، والتخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والتنمية السياسية، والبيئة مجتمعة؟ ولماذا هذه المخصصات الهائلة إذا كان الديوان غير مسئول عن إدارة وتصريف شؤون الدولة !
الديوان الملكي هو وحدة إدارية ذات مهام خدماتية لوجستية بالدرجة الأولي وليس من طبيعة عملة النهوض بمهام سياسية مثل الدول ذات النظام الرئاسي كالولايات المتحدة حيث أن رئيس الدولة هو رئيس الوزراء مما يقتضي وجود مؤسسة تحيط به لتساعده في تصريف شؤون الدولة آخذين بالحسبان ارتباط عدد كبير من الدوائر التنفيذية بالبيت الأبيض مما يعني حاجته مؤسسة الرئاسة لكادر يعمل في هذه المؤسسة .وينبغي التذكير هنا أنه حتى في البيت الأبيض الذي يشرف على إدارة دولة مؤلفة من خمسين ولاية أصغرها بحجم الأردن فإن عدد العاملين لا يتجاوز (1930) موظفا مقارنة مع (4700 ) موظف في الديوان الملكي لمساعدة الملك على أداء مهام هي من صلب عمل الحكومة.من ناحية أخرى لا يستطيع كثير من المواطنين تفهم سبب وجود فرع لدائرة الأراضي والمساحة في الديوان الملكي تماما مثلما لا نستطيع فهم أسباب وجود دائرة اقتصادية في الديوان. يضاف إلى ذلك تساؤل لا نجد أيضا إجابة عليه وهو لماذا هذه المكاتب والأعداد الهائلة من الموظفين لمكتب الملكة ولمكاتب الأمراء والأميرات والشريفات بحيث أنك تجد ازدحام داخل الديوان ومرتبات إدارية ومسميات وألقاب تجعل المرء يعتقد بأن الأردن إمبراطورية عظمى وأن الملك يدير أصقاع وولايات دول بحجم القارة مثل البرازيل أو الهند.
الدستور الأردني لم يرد فيه ذكرا لتولي الدولة تقديم خدمات للأمراء والأميرات والشرفاء والشريفات فلماذا يتحمل المواطن الأردني الذي "يشحد الملح "نفقات هائلة ورواتب الأمراء التي يتقاضوها من يوم ولادتهم إلى يوم رحيلهم؟وما هي الخدمات التي يقدموها للدولة بالمقابل؟ ولماذا يخصص للملكة هذا العدد الكبير من الموظفين ما دام أنها ليست موظفة وليس لها أي صفة رسمية غير صفة زوجة الملك؟
مرة أخرى الديوان الملكي مؤسسة خدماتية لوجستية بامتياز وليست مؤسسة سياسية ويناط بهذه المؤسسة أعمال بروتوكولية واحتفالية وعلاقات عامة وزيارات واستقبالات ويمكن لمائة موظف القيام بهذه المهام لا بل يمكن خصخصة هذه المهام وإناطة مسؤولية أدائها بشركة متخصصة يمكن أن تنجز المطلوب بكفاءة واقتدار أكثر بكثير من المؤسسة العملاقة الحالية للديوان الملكي. الديوان الملكي ليس وزارة مع أنه أكبر حجما من ست وزارات وليس حكومة مع أنه أكثر تأثيرا من كل الحكومات وليس رمزا دستوريا أو سياديا مع أنه أصبح أكبر رمزية من الحكومة ورئيسها ووزارتها وأجهزتها المختلفة. في زمن تم فيه خصخصة مؤسسات وثروات الأردن الرئيسية من فوسفات وبوتاس والناقل الجوي الوطني والاتصالات والمياه وغيرها فما الذي يمنع من خصخصة الديوان الملكي ليؤدي الأدوار الخدماتية المنوطة به من قبل شركة متخصصة مقابل كلفة مالية قليلة جدا في وقت تم فيه خصخصة المرافئ والموانئ والمياه وربما تتجه النية لخصخصة السجون ومراكز التأهيل آخذين بنظر الاعتبار أن القطاع الخاص أكثر كفاءة وجدارة في إنجاز الغايات والأهداف وبكلف أقل ولنا في تصريحات رئيس بلدية الزرقاء الأخيرة خير دليل على عدم كفاءة القطاع العام في إدارة الخدمات حيث أشار إلى وجود( 71) سائق معينين لسيارة واحدة و(84) عامل لمقسم واحد وربما معطل وهذا العدد يفوق عدد العاملين في وزارتين في المملكة. الديوان الملكي أصبح عبئا ثقيلا على الدولة ورافدا كبيرا لعجز الموازنة ومصدرا لتضخم المديونية كما أنه أصبح مكلفا من الناحية السياسية نظرا لكونه قد أصبح موئلا وملاذا للمتنفذين من رؤساء الوزراء السابقين والوزراء وكبار رجال الدولة وأبنائهم وبناتهم وأحفادهم وشيوخ العشائر وعلية القوم مما يؤدي إلى استثارة سخط وغضب الفئات والشرائح الاجتماعية المستضعفة والمحرومة ضد النظام السياسي برمته ويؤدي بالتالي إلى تأزيم العلاقة المستقرة بين القيادة والمواطنين .