دأبت السلطات المسؤولة في الأردن على تشكيل الوزارات بطريقة معينة، ومن أشخاص من طبقة معينة أو فلنقل من طراز معين، فهم إما وزراء سابقون أو موظفون كبار أو من أقارب وأصدقاء الرئيس المكلف، مع بعض الاستثناءات لإدخال بعض الكفاءات أو الاختصاصات المعينة على وزارات مهنية أو ذات طبيعة خاصة، ولم تخرج أي وزارة منذ عدة عقود عن هذا المجال.
ومثل هذه الوزارات كانت تختص فقط بتصريف أمور الدولة العادية من موظفين وأسعار واستيراد وتصدير وتجارة وأمن وعدالة وصحة وتعليم، وغير ذلك من أمور الدولة،
أما السياسة العامة والسياسة الخارجية فهي من اختصاص الجهات العليا التي تمارسها وحدها، بل إن بعض القرارات يعلم بها رئيس الوزراء ووزير الخارجية مثلاً عند نشرها في الصحف، مع أنها تتعلق باختصاصهما المباشر!
وقد بقي الحال على ذلك كما قلنا عدة عقود ، وكان بعض الرجال الذين يأنفون من العمل على هذه الصيغة يعتذرون عن قبول المنصب الوزاري لهذا السبب.
وعندما كلف الدكتور عبدالله النسور بتشكيل وزارة يوم الأربعاء 10/10/2012 -وأنا أكتب هذا المقال صباح يوم الخميس الساعة العاشرة أيضاً- توقع الناس أن تختلف الصورة؛ فالرجل له تاريخ طويل في المعارضة وحجب الثقة عن الوزارات الأربع الأخيرة، وكان صوته في مجلس النواب يكاد يكون وحيداً في إثارة مسائل تهم الرأي العام، وتنتقد الأمور الخارجة عن القانون، ويطرح مشاكل المواطنين وطلباتهم بجرأة واستمرار.
والآن جاء دوره في أن يصلح ما كان يشكو منه، وينتقده ويطالب بتغييره، فهل يكون حساب السرايا مثل حساب القرايا كما يقول المثل الأردني؟ ننتظر ونرى اداء الأشخاص الذين سيختارهم وزراء معه، والمثل يقول المكتوب يقرأ من عنوانه، فإذا جاءت وزارته مثل غيرها من الوزارات السابقة، فلن ننتظر شيئاً وسنضرب كفا بكف ونقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
أما إذا جاءت الوزارة بالرجال الرجال الذين لهم قدرة، ولهم سمعة طيبة وسيرة معروفة بالجرأة والنزاهة والقدرة والكفاءة فعندها نقول: صدق الرجل فيما عاهد عليه، ولنعطه وفريقه فرصة لتطبيق ما كانوا ينادون به، وإلى حين مرور وقت كاف للحكم فعلينا الانتظار.