ياسر أبو هلالة في حوار ساخن مع ليث شبيلات

ياسر أبو هلالة في حوار ساخن مع ليث شبيلات
أخبار البلد -  

حت عنوان (حوار مع ليث شبيلات) كتب الزميل ياسر أبو هلالة مقالة للمناقشة والدخول في حوار حول ما كتبه السياسي البارز المهندس ليث شبيلات في مقالة نشرت في يومية القدس العربي الاحد.

وتاليا مقالة الزميل أبو هلالة :

من كل الذين أنساقوا في تأييد النظام السوري أسفت على اثنين ، وهما المناضل التاريخي يعقوب زيادين والكاتب أحمد أبو خليل ، لما يحملانه من نزاهة أخلاقية وعمق فكري وتجربة نضالية . وما أحببت أن أتصل بهما فتتحول المعاتبة إلى مغاضبة وأخسر ودا لاختلاف الرأي. المفارقة أنهما اتصلا محاورين ، ومع استمرار الخلاف إلا أنهما اتفقا على تشخيص النظام بالمجرم وقضيتهما هي رفض التدخل الأجنبي والحفاظ على سورية وطنا موحدا لأبنائه.

أما ليث شبيلات فلا أستطيع فهم موقفه إلى الآن، وان كان بالمجمل حيادي " إيجابي" وهو يصب في صالح النظام السوري ، كما موقف زيادين. فالنظام السوري يكفيه ان تقف معه إيران وروسيا والصين. وخلال عامين أمدوه بكل صنوف الذخائر والسلاح والخبراء والاتصالات والتنصت والتشويش ، بل والرجال المقاتلين من الحرس الثوري وحزب الله وجيش المهدي، وما صفقة المالكي الذي جاء بفضل الدبابة الأميركية مع روسيا بمليار ين الا دعما لبشار، ولك أن تسأل ماذا فعل وزير دفاعه لمدة شهر في موسكو؟؟؟ بعد ذلك كله لا يحتاج النظام بيانا يؤيده يحتاج فقط طعنا بالثورة وتشكيكا بها واتهاما لها بالعمالة للأجنبي. وهذا ما لم يقصر به شبيلات ، ومقابل ذلك يقبل منه اتهام أعوان النظام بالجلاد ين والدمويين، ويشيد بسلمية الثورة ونبل مطالبها التي تعرضت لسوء الاستغلال من بعد.

في القدس العربي، كتب ليث شبيلات مهاجما المعارضة، ومعرضا بما أكتب، مستعينا بأسعد أبو خليل. ويكشف في المقال سرا خطيرا أني على سلم رواتب قناة نفطية، فضلا عن استضافة في فنادق الخمسة نجوم . وبفعل خلفيتي مع الحركة الإسلامية تذكرت أنه صوفي ويعقوب زيادين حزبي شيوعي. وسألت من الصوفي الذي ينكر ذاته ومن الحزبي الذي تتضخم ذاته فلا يرى أحدا؟

سبق وان اتصل بي شبيلات مشيدا وشاكرا، وانا اليوم أقول أنه خسارة بالنظام السوري، وهو من خيرة المعارضين في الأردن، ولا أبني موقفا منه بناء على تعريض في مقال.فهو أول من حدد خريطة طريق للمعارضة لم تلتزم بها للأسف ، عندما طرح عام ٨٩ برنامج النقطة الواحدة وهو تعديل الدستور بشكل يعيد للركن النيابي معناه. ولا زلت اذكر آنه الوحيد الذي وقف مع معان في محنتها يوم تخلى عنها الناس قبل عقد وتركوها مست باحة تواجه تعسف الدولة وظلمها. ومنذ العام ٨٤ وانا أتابع مواقفه وأؤيد آكثريتها. وأول مرة اعتقلت كانت سنة ٩٥ أثناء تغطيتي لخبر اعتقاله.

ذلك كله لا يمنع دون الخلاف الحاد معه على مقاله في القدس العربي، فانا اعمل بقناة سبق ان استضافته مرات في فنادق نجوم خمسة، وهو ما تفعله الميادين اليوم وهي الممولة من جيوب المناضلين ! ولا يسوؤه ان قلت انه وسطني لأعزاء عليه للعمل في قطر وأكل أموال السحت. ولم تكن قطر يومها تقاتل مع تشي جيفارا في أدغال الكونجو. أنا أعمل في مؤ سسة قطرية وسبق ان علمت في الحياة اللندنية المملوكة لخالد بن سلطان وعملت في الرأي والغد والسبيل وغيرها ، وكنت دوما منسجما مع ذاتي ولا ابدل قناعاتي بتبدل الوظائف.

لكن لم أخذ جنسية بريطانية ولا قطرية ولا سعودية .. ولكن أسعد أبو خليل الذي يهجو أميركا أكثر من أسامة بن لادن على سلم الرواتب في جامعة أميركية ويحمل جنسيتها، ومع انه يعرف نفسه بالملحد والفوضوي الا انه اختار الإمبريالية ولم يذهب للدراسة في الاتحاد السوفيتي او كوبا او كوريا الشمالية . وهو ظل ضيفا دائماً على الجزيرة وينزل في فنادق ٥ نجوم، وأذكرك بانه كان السبب في إغلاق مكتب الجزيرة في الأردن.

لست بوارد الدفاع عن عملي بالجزيرة، فهذا ما افخر به، ولا أدين من يعمل في أميركا ، ولو كنت من أسرة لديها القدرة ان تدرسني مثلكما في الاميركية لما ترددت، وهذا لا يمنع من معارضة سياساتها فزيادين أيضاً خريج الأميركية. ولكن ارفض وجهة نظر الخميني التي تبنتها القاعدة من بعد باعتبارها الشيطان الأكبر.وقولي لمسيرة ملص الذي ضمنته في المقال مجتزأ، أنا قلت له خلافي مع أميركا في دعم اسرائيل واحتلال العراق وأفغانستان، وغير ذلك أنا معها عندما دعمت المجاهدين ضد الاتحاد السوفيتي وعندما قاتلت الصرب في البوسنة ( ولم تحتلهما). وقلت له لو كانت عدوا مثل اسرائيل فاني لا استعمل الآي فون وقال لي انه لا يستعمله فقلت له ليث شبيلات يستخدمه وتوجد بدائل سامسونج ونوكيا وغيرها.

أميركا الشيطان الاكبر بنظرك، ولكن هذا الشيطان لم يتدخل في سورية وبالمناسبة تدخله في ليبيا ( وهذا سأفصل فيه لاحقا) كان تاليا لفرنسا، ومقابل الفيتو الروسي كان الفيتو الأميركي يرتفع على السلاح النوعي للثوار. ولو سمحت أميركا بدخول السلاح النوعي لحسمت المعركة مبكرا لصالح الثوار . الشيطان الاكبر احتل العراق بمساعدة ايران وتواطؤ روسيا بشبهة وجود سلاح كيماوي، تبين انه لم يوجد. وهو يعارض تسليح الثوار نوعيا ويقبل بوجود سلاح كيماوي عند النظام ، ويحتاط الا يصل الى الثوار بالله عليك من الأوثق أميركيا، النظام ام معارضيه ؟

أني اعرف الثوار جيدا، ومن لا اعرفه خير ممن اعرف، اتصل بي عبدالله الطنطاوي معاتبا لأني لم ارد على هاتفه قبل مدة، لان احد ثوار حلب وهو طبيب عمره ثلاثون عاما احب ان يراني، المؤسف انه استشهد قبل ان أراه في عملية الميدان الاستشهادية في حلب ، وغيره كثر ممن يتصلون وصوت الانفجارات يشوش عليهم. انت لا تعرف ابا الحسن وهو لم يصل للثلاثين، خبير امن شبكات انترنت وهو مؤسس شبكة شام وعندما استشهد عشرات من مراسلي الشبكة طلق النت وكتب على حسابه في سكايب " نحن الذين على الجهاد تبايعوا لا نبتغي غير الشهادة مقصدا" دخل يقاتل وقطع كل الاتصالات ، الا مع من لا تنقطع عنه الاتصالات.

هؤلاء وغيرهم من زهرة شباب سورية أسأل الله ان يحشرني معهم، ولا أسأله ان يحشرك مع بشار الذي لا تذكر اسمه الى اليوم بسوء، وهؤلاء قطعا ليسوا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا،كما في خواتيم سورة الكهف ، بل هم فتية الكهف في مطلع السورة الذين " آمنوا بربهم وزدناهم هدى" . ان هؤلاء يقاتلون بالسلاح الفردي من كلاشنكوف وقواذف وعبوات ومفخخات، وما تفعل هذه بطائرات وحوامات ودبابات. انني أطالب أميركا برفع الحظر عن السلاح النوعي، كما حصل في ليبيا.حتى يتمكن هؤلاء من تحرير بلدهم من الطاغية والاحتلالين الايراني والروسي بأقل كلفة.

تعرض باني محسوب على الاخوان، وهذا شرف كبير لا ادعيه وتهمة لا أنكرها ، لقد أكرمني الله باني من عائلة إخوانية " شامية" ، فالوالد رحمه الله انضم للإخوان في جامعة دمشق في عام ١٩٦٠ ، وأول شيخ لي في المسجد من اخوان سورية المطاردين حينها . هو ابو عبادة وسيم الهاشمي ، وكان من الثلة الاولى التي أعدمها حافظ الاسد في السبعينيات، وقد فقدت والدي وشيخي بوقت متقارب. توفي والدي شابا، وكان قبل سفره يوصيني بالتزام المسجد وحضور دروس الشيخ الذي كان شابا أيضاً، ومن يومها صدمتني حقيقة الموت الذي يودي بالشباب ، والدي بحادث سيارة، وأبو عبادة بالإعدام وحق لي ان اعتبر النظام السوري من يومها شيطانا اكبر.ومن يومها تعلمت ان حقيقة الموت لا يواجهها غير حقيقة الايمان، وهذا ما تربيت عليه في المساجد في حلقات الاخوان وأسرهم .

منذ ١٩٩٧ لم تعد لي علاقة تنظيمية بالاخوان، وحتى عندما كانت، كنت اختلف معهم،وكان الوقوف معك من قضايا الخلاف، اليوم أتفهم موقفهم ، انت فرد لا تطيق العمل الجماعي بتعقيداته وتراتبيته، عكس يعقوب زيادين الذي لا يمانع اليوم ان يكون عضوا في لجنة تدافع عن عمال المياومة، وذلك لا يعيبك، فقد رضي الرسول الكريم لابي جندل ان يعمل لحسابه وخارج دولة المدينة وقال عنه " مسعر حرب لو ان معه رجال" ووجودك فردا لا يقلل تكاليف المواجهة على جماعة، بل يقلل تكاليف اتخاذ الموقف والقرار.

وفي النهاية موقف الاخوان من التدخل الدولي ومن التعاون العسكري مع اميركا نفس موقفك . لكن فرديتك لا تجعلك تضرب يمينا وشمالا وتنكر تضحيات جماعة تشكل الضمانة الاساسية في مواجهة الطغيان والاحتلال، والله وحده يحصي كم من شهيد لهم صعدت روحه في سورية او تونس او ليبيااو فلسطين او العراق او مصر او افغانستان .. وكم من أنات معذب في الزنازين او مطارد مهجر في المنافي على مدى ثمانية عقود.

تعود للمناضل الذي استشهد شقيقه، وربما ظلمته وشتمته لكن ما اعلمه انه عاد بحضن النظام قبل الثورة ورتب أموره ، وان تبين لي غير ذلك فاني امتلك شجاعة الاعتذار علانية، ولكن اين هو من نضالات الاخوان على مدى اربعة عقود من حكم البعث، وهم فقدوا اكثر مما فقد، الم تقل انك اختلفت مع الاخوان بسبب تقصير هم مع الشيخ سعيد حوى رحمه الله المسؤول العسكري في التنظيم ؟ هل تعلم كم قدمت عائلة حوى من شهداء اذكر لك قصة المنشد يحيى حوى فقد قتل والده امام عينه وهو ابن اربع سنين في احداث حماة الاولى ، هم أولياء الدم ولا يسامحون فكيف نسامح نحن ؟

لست بمتصدر للسوريين ولا موجه لهم، هم ثاروا ودفعوا الكلفة برضى ، وما أنا الا مناصر لهم مهموم بهمهم، وهم لا يريدون ان يستبدلوا الاحتلال بالاستبداد، بل سيقاتلون الاحتلال ان وقع، والتدخل الدولي، وليس الأميركي من اعظم الاختراعات البشرية بعد الحرب العالمية الثانية، في تلك الحرب تحالف ستالين الشيوعي مع الرأسمالي تشرتشل وأميركا من بعد وهزموا النازية. ولولا التدخل الدولي لبقي النازيون يحكمون نصف اوروبا.

هل تطالب بقوات ردع عربية كالتي أدخلت سورية الى لبنان ؟ وما موقفك من التدخل الدولي على الارض روسيا وايرانيا ئ؟ وهل قاعدة طرطوس الروسية تقود قبائل العرب العاربة في معركة تحرير الاسكندر ون السليب ام الجولان؟ هل تعلم ان اشرس المناطق في المواجهة هي مناطق النازحين من الجولان المحتل وهم يزيدون على المليون؟

وبخصوص القوات الاميركية في الاردن موضوع المقال، هل لك ان تدلني لو كنت رئيس وزراء دستوري كيف يمكن ان تحمي المواطنين من إخطار السلاح الكيماوي المحتمل؟ من قتل نحو الأربعين ألفا من شعبه حتى اليوم وهو لا يزال في السلطة ماذا سيفعل بعد ان يسقط؟ فعلا الا تخاف على الشعب الاردني من شرور السلاح الكيماوي؟واطمئنك عن معرفة ان الدولة عندنا لا تزود الثوار بالسلاح حتى لا تغضب النظام الارعن، وهي تفضله على بديله المحتمل ، والسلاح يدخل من تركيا ويشترى من مخازن المالكي وحزب الله والجبهة الاقل تسلحا هي درعا ، لانها متاخمة للأردن . ومع ذلك النظام السوري لا يؤتمن شره.

بتجرد لو كنت مكان الدولة عندنا لكنت تعاونت مع الأمريكان والإنجليز والفرنسين وأي بلد ، باستثناء العدو الصهيوني، للوقاية من شرور السلاح الكيماوي، فنحن ليس لدينا مع الأسف أقمار اصطناعية وطائرات بدون طيار تحدد اماكن تلك الاسلحة وتحبطها قبل ان تبيد الأردنيين قبل الإسرائيليين ، لان العدو لديه القدرات على حماية نفسه. وهذه المرة لن يهتف شعبنا ب" بالكيمياوي يا بشار " وكم اشعر بالأسى لأننا يوم هتفنا " بالكيمياوي يا صدام " لم نصغ لحكمة يعقوب زيادين الذي خرج عن نص المعارضة وعارض احتلال الكويت !

صدقا أحاول ان أفهمك ، واسأل الله ان يهدينا سواء السبيل ، وفي الفم ماء كثير، وحسبنا ان نلتقي في يوم" تبلى السرائر" وفيه تتحقق عدالة السماء. ومن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز.فاز بدار " ما بها ملل .. بها الأحباب قاطبة كذا الأصحاب والرسل بها ابطال امتنا بها شهداؤنا الاول " . وتلك الدار خير من فنادق الخمس نجوم وخير من النفط والغاز.


**

وكان شبيلات كتب تحت عنوان (ضياع البوصلة: هل كل الطرق تؤدي إلى... واشنطن؟ ) المقالة التالية :

اللهم لا تجعلني ولا أحد من الذين تصيبهم مقالتي من (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) 104 الكهف فأولئك هم الأخسرون أعمالاً كما وصفتهم الآية التي سبقت.

أرسل السيد أسعد أبو خليل تغريدة بالأمس يقول فيها: '(أنا كنت دائماً أقول: أبشع المعارضات العربيّة وأجبنها هي المعارضة الأردنيّة (الإسلاميّة والليبراليّة خصوصاً). مرّ خبر نشر قوات أميركيّة هناك فعلقت بتغريدة: (صدقت).

من ناحية أخرى هل تريد من المعارضة أن تصدق بانيتا وتكذب مصدرا اردنيا مسؤولا؟ لقد غزي العراق من هنا والمعارضة في سبات عميق). فغرد مؤكداً ما لا يستطيع أحد أن يخالفه فيه: (لا بالفعل يا ليث. فتشت في الصحافة الأردنية وكأن الموضوع يعني بلدا آخر غير الأردن. مشغولون برئيس وزراء جديد.) فأجبت: (الم تسمع قولي أن الطبيب ينصح الحكومة بحبة معارضة صباحا وأخرى مساء من اجل إطالة العمر). فأضاف بتغريدة أخرى: (بالفعل. هؤلاء يستحقّون الطريقة التي تحدّث عنهم عبدالله على برنامج 'جون ستيورات').

إذا علمت أنه عند غزوالعراق أرسلت 99 شخصية أردنية، كلهم إلا اثنان من أركان النظام (4 رؤساء سابقون وخمسون وزيراً سابقاً ورؤساء أعلى المحاكم ومدراء مخابرات إلخ)، رسالة إلى الملك عبد الله الثاني تنتقد السياسية الأردنية فيما يخص العراق وعلاقة الأردن بأمريكا وإدخال القوات الأمريكية الغازية إلى العراق من الأردن، ظننت والحال هكذا أن المعارضة كانت لا بد قائمة قاعدة بسبب الموضوع. ولكن للأسف لم يكن الأمر كذلك! فالنظام يدرك أن المعارضة تضع لنفسها سقوفاً ذاتية لا تتخطاها. بل إن الوجود العسكري الأمريكي والمناورات والتدريبات كانت منذ 1990 (وما زالت ) في نمو مضطرد على قدم وساق بإشاحة وجه القوى 'الحية' إلا ببيان خجول من وقت إلى آخر وكفى الله المؤمنين القتال (طرد عذر).

حتى ذلك الوقت لم يكن هنالك شك في صدق مشاعر القوى المعارضة من خصومة أمريكا وقواتها، فالإخوان المسلمون أنكروا على فريق إخواني عراقي مجيئهم على الدبابات الأمريكية. ومع أن رسالتي الودودة إلى سماحة السيد حسن يوم 28 آب 2003 والتي تمنيت على حزبه إدانة أصدقائهم الذين جاؤا على ظهر الدبابات الأمريكية مثلما أدان الإخوان المسلمون يومها محسن عبد الحميد ومجموعته الاخوانية على التعامل مع المحتل أغضبت أصدقاءنا في الحزب وأبعدت 'المنار' عني. إلا أنه وحتى ذلك اليوم، لم يكن هنالك شك في صدق مناهضة 'معارضتنا' للأمريكان، لذلك وحتى ذلك الوقت قد ينطبق ما ذهب إليه الأخ أسعد من توصيف للحال: الخوف المؤدي إلى الخور. أي أن البوصلة كانت محافظة على صحة التوجه ولكن الهمة والبتع ما كانا ليرتقيا إلى مستوى المسؤولية.

أما اليوم فبالإضافة إلى حسابات الخوف فقد دخل علينا متغير جديد أصاب فيروسه معارضات المنطقة بأسرها بعد أن كان لا يصيب عادة إلا القوى المستفيدة من الحكم وقليل من المعارضات. فقد أثرت المصيبة التي تجري في سوريا والتي يتحمل مسؤوليتها الأولى والكبرى نظام قابل المطالبات المشروعة لشعبه بتبلد عجيب وتمسك بالفاسدين والبطاشين الدمويين حتى استدرج هو أكثر من غيره قوى التدخل الخارجي أقول أثرت تلك المصيبة حتى على الصادقين وقد كانوا كثراً، مصداقاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عن آخر الزمان (فتن كقطع الليل المظلم. يصبح المرء مؤمنا فيمسي كافراً ويمسي مؤمناً فيصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل) وخير من عبر عما يجوش في صدري بأفضل مني الشاعر تميم البرغوثي في مقالته 'خمس أزمات أخلاقية حول الأحداث في سورية' http://shubeilat.com/2012/03/01 بتاريخ 28-2-2012.

لقد كشفت حرارة الفتنة عن نوعية المعادن، ففي الوقت الذي لا يمكن لأي حر محترم إلا أن يدعم بالكامل المطالب المشروعة للشعب السوري الثائر وأن يدين بشدة الجرائم التي ارتكبها جلادو القمع، إلا أن ذلك مهما غلا ثمنه لا يسمح لصاحب وطنية أصيلة أن يسوغ اللجوء للأجنبي. وكنت قد كتبت في هذا سلسلة مقالات متدرجاً حتى الوصول إلى مقالتي: (الإخوان المسلمون بيضة القبان بين المعارضة الوطنية ومعارضة النيتو) التي استبشرت بنشرها كاملة في صحيفتهم الأردنية ' السبيل' http://shubeilat.com/2011/11/22/ في 19-11-2012. لكن حساب القرايا لم يطابق حساب السرايا، إذ أنك للأسف تشهد مسوغات الالتجاء للأجنبي من قبل تنظيم حزبي عريق أخطأ تكتيكياً بالابتعاد عن صفوف المعارضة الوطنية التي كانت تنفرد في الأشهر الست الأولى بشعار اللاءات الثلاث: لا للطائفية لا لعسكرة النضال المدني ولا للتدخل الأجنبي، وتوجه لإنشاء المجلس الوطني الذي حاول الانفراد في تمثيل الثورة ولو توقف الأمر على ذلك لكان ممكن فهمه ضمن صراع على قيادة الثورة التي اطلقها الشعب، ولكن وللأسف كشف التكتيك عورة استراتيجية غير متوقعة من أصحاب المبادئ إذ تخطى المجلس الوطني الذي يشكل الإخوان رافعته الخطوط الوطنية الحمراء بالتنسيق الكامل مع قوى الاستعمار واعداً الناس بسرعة وصول القوى العسكرية الأجنبية 'لإنقاذهم' الأمر الذي لم يحدث وضاع الناس بسبب من ذلك كما يقول المثل 'فرق عملة' على مذبح الصراع.

وعودة إلى موضوع معارضة الوجود العسكري الأمريكي في الأردن، لا نستطيع اليوم أن نجزم بأن الحذر المعتاد وحده هو سبب عدم ارتفاع 'المعارضة ' الإسلامية إلى مستوى مسؤولية قيادة تحرك شعبي ضده.

فموضوع التدخل الأجنبي بات محرجاً للإخوان في الأردن الذين صدرت عن مراقبهم العام وقيادات أخرى تصريحات رافضة له في الوقت الذي يقعون عملياً في الموقف المعاكس بسكوتهم وعدم إدانتهم لإخوانهم المنشغلين في طلبه. وللإنصاف فقد دعمتني العديد من الشخصيات الاخوانية الأردنية في مساعي حثيثة غير ناجحة لمحاولة اقناع قيادات سورية موجودة في الأردن لتغيير موقفهم من التدخل الأجنبي، ولكن الجو الاخواني العام للأسف لا يسر. حتى إن كتاباً محسوبين عليهم كتبوا عاتبين على الأمريكان تأخرهم عن التدخل.
وقال أحدهم معاتباً الشعوب الإسلامية الثائرة ضد الأمريكان بسبب الفيلم المسيء للرسول كيف ننسى أفضال أمريكا علينا في ليبيا ولا مشكلة عندنا مع الأمريكان سوى في أفغانستان وفلسطين!!!

لذلك فما عاد الخوف من تحدي النظام في مسألة وجود الأمريكان هو السبب الرئيسي لخفوت فعاليات الاستنكار، بل إن الوجود قد يكون لا سمح الله مرغوباً فيه عند البعض ممن انقلبوا من معاداة الأمريكان إلى العتب عليهم لتلكؤهم وتأخر نجدتهم العسكرية للثورة في سوريا! عندما تعلو المصالح فوق المبادئ يبدأ مسلسل إنهيار المصلحين والثورات. وما أسوقه لاحقاً لا يعطي عذراً للذين يسقطون اليوم في الفخ الذي سقط فيه الغير.

فيبدو أن مقولة السادات (90' من الأوراق بيد أمريكا) توسعت من الرجعيين لتشمل الثوريين. فإيران المستهدفة اليوم من الأمريكان والصهاينة والتي أسمت أمريكا بالشيطان الأكبر، غضت الطرف عن الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق وكانت أول من اعترف بمجلس بريمر مقدمة المصلحة القومية على مبادئ الثورة الإسلامية ولكننا رغم موقفها ذاك وموقفها من العراق فلن نؤيد الحلف الأمريكي 'الإسرائيلي' المتشكل ضدها اليوم.

والنظام السوري الذي أرسل قوات الجيش العربي إلى حفر الباطن مرتكباً خطيئة يدفع ثمنها اليوم والذي تعاون في الحرب على 'الارهاب' إلى درجة فتح سجون سرية للتحقيق مع معتقلي جوانتنامو، قاده سوء تدبيره في التقاط رغبات شعبه إلى المصيدة: مصيدة المنتصر فيها مهزوم. واخوان العراق جاؤوا على الدبابات الأمريكية ورغم تلقيهم انتقاداً من إخوانهم إلا أن حبال الود لم تنقطع. واليوم بقية الاخوان يقبلون التدخل الأجنبي ومجلسهم الوطني الذي يقبلون في قيادته شخصيات ذوي عضوية في مؤسسسات استخبارية علنية (تحت أسماء مراكز دراسات وغيره) يكاد ينفلق وهو يستجدي التدخل العسكري. فهل أصبح القاسم المشترك المؤسف للغالبية للكثيرين ممن يعادون السياسة الأمريكية التعاون مع الأمريكان. ونحن إذ ندرك بألم هذا الذي جرى بالأمس من قبل من انتقدنا بشدة ويجري اليوم ممن صدمونا بتبريراتهم اللاوطنية لا نملك سوى أن نعارض التدخل الأمريكي السابق والحالي ثم اللاحق إن كان ذلك من قبل الأنظمة الرجعية أو الثورية أو المعارضات.

وفي خضم هذا الخلط المجنون يقدم من أضاعوا البوصلة ممن قد لا نشك في صدق عواطفهم ونواياهم على مهاجمة المتمسكين ببوصلة الثبات وعلى تخوينهم رغم عدم رد هؤلاء عليهم بالتخوين. لأن هنالك فرقاً بين المغضوب عليهم (الخون عن سابق عمد وإصرار) وهم البعض وبين غالبية الآخرين من الضالين (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً). فلإن كنتَ مؤيداً لحركة الجماهيرالتي لا يعلو على شرعيتها شيء لكنك ترفض التدخل الأجنبي فإنك تصبح عندهم 'شريكاً' في سفك دماء الشعب، و'عميلا مأجورا مستفيدا إلخ إلخ'. وفي الوقت نفسه يغمز الطرف الآخر الذي غازل الأمريكان في بعض فتراته من قناتك مشككاً بأنك قد استخذيت لللأمريكان. وكما يقال: (هات حيكها).

قد بلغت الجراءة بالبعض ممن هم موظفون على جدول رواتب مؤسسات إعلامية نفطية وغيرهم ممن تمول إقاماتهم الباذخة ومؤتمراتهم الأبذخ الأموال الأجنبية بما يعطيهم 'مصداقية' هائلة من حيث 'الحرية والسيادة والاستقلال' أن يتطاولوا مثلاً على أحد أقدم المعارضين السوريين وأثبتهم فيصفونه بأنه عميل للنظام رغم هجرته القسرية ورغم تقديم عائلة العودات الكريمة عشرات الشهداء، لماذا؟ لأنه يريد إسقاط النظام دون تدخل أجنبي. فيا شين على بوصلة أصبح شمالها جنوباً وجنوبها شمالاً. فأصبح مقياس 'وطنيتك' عند هؤلاء بقدر التصاقك بالأجنبي.

ولعل من المناسب أن أذكر قصة معبرة عن تقلب البوصلة. ففي خريف 1999 دعاني العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع إلى الغذاء بعد أن ألقيت كلمة في مكتبة الأسد بحضور كبار المسؤولين انتقدت فيها وجود الجيش العربي السوري في الخندق الأمريكي وكذلك اشتراك الرئيس حافظ الأسد مع زملائه العرب في تنفيذ الإرادة الأمريكية بمحاصرة العراق، وعلى المائدة احتد النقاش بيني من جهة وبين السيدة زوجة العماد والعقيد (يومها) مناف طلاس من جهة أخرى مما جرهما للقول بأن صدام حسين عميل للأمريكان. فأجبت: 'يا تقبروني! كم كنتم تمارسون الوطنية في حفر الباطن!' فيا أيها الصادقون في طلب الحرية والسيادة والاستقلال اصحوا واحذروا وأحسنوا تلمس خطواتكم، فأينما تولوا فثم وجه الله. وليس وجه الولايات المتحدة. وإن كل نضال ليست بوصلته القضية الفلسطينية ومناهضة الصهيونية والرأسمالية الأمريكية وأدواتها الوحشية العسكرية والاقتصادية والسياسية فهو إلى ضلال مبين

 
شريط الأخبار الملك والرئيس البولندي يتابعان تمرينا عسكريا مشتركا لمكافحة الإرهاب وزير الطاقة: لا مواقف سياسية من استخراج الثروات الطبيعية في الأردن شركة البترول الوطنية: أكثر من 300 بئر سيتم حفرها لتطوير حقل الريشة الصفدي يترأس أول اجتماع لمكتب دائم النواب..وتسمية أعضاء لجنة الرد على خطبة العرش ما هي صلاة الاستسقاء وكيف تصلى؟ إدارة السير: اشتعال مركبة على طريق المطار باتجاه جسر الارسال قرارات جديدة للحكومة الأردنية مجلس إدارة جديد لجريدة الدستور .. أسماء التربية توعدت بمعاقبتها.. هل اعتدت الطالبة على معلمتها "بأضافرها" ام بسلاح ابيض !! الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الثلاثاء .. تفاصيل الكساسبة يشكك في قانونية عضوية المقاولين.. والنقيب الدويري : لا تلتفتوا الى "التشويش" واجراءاتنا قانونية الشرق الأوسط القابضة توزع أرباح بنسبة (7%) وتعيين عمر الداوود بالأوسط للتأمين الدكتور محسن أبو عوض: خطاب جلالة الملك يضع الجميع أمام مسؤوليات المرحلة القادمة - تصريحات وفيديو الأوقاف تدعو لأداء صلاة الاستسقاء السبت المقبل ‎بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية في الأردن تقدم تقريرها النهائي متضمنًا 18 توصية تهدف إلى تعزيز الإصلاحات الانتخابية الجارية.. صور الشرق الأوسط القابضة توزع أرباح بنسبة (7%) وتعيين عمر الداوود بالأوسط للتأمين الضمان: بدء العمل بنظام الحماية الاجتماعية المرتبط بتأمين الأمومة صفارات الأنذار تدوي في صفد و محيطها وأصابة 5 جنود باستهداف من مسيرة "لبنانية" نقابة الأطباء تنقلب على زياد الزعبي.. والناطق الإعلامي: "النقيب أخطأ" اعفاء المركبات المنتهي ترخيصها لأكثر من عام من رسوم التَّرخيص والغرامات