الذين لا ينظرون فقط الى نصف الكأس الفارغ، يعرفون جيدا أن عدة انجازات جوهرية وقعت في البلاد كانت بفعل التعديلات الدستورية المتقدمة التي تعتبر أبرز انجازاتها الهيئة المستقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية.
أقل ما يقال في التعديلات الدستورية انها جوهرية تمثّل خطوة واسعة على طريق الإصلاح الحقيقي.
تعديلات عززت من دور السلطتين التشريعية والقضائية، وحققت غالبية مطالب الحراك الشعبي الأردني الذي كان يطالب، بشكل عام، بالعودة إلى دستور عام 1952.
التعديلات الدستورية وضعت الاصبع بدقة على اوجاع الحياة البرلمانية، وما تعانيه من مثالب، وتم فيها تجاوز مرحلة الانتخابات المشكوك فيها، فوجود هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، منح الثقة للناخبين أن صوتهم الانتخابي في صناديق الانتخابات سوف يذهب لاصحابه الشرعيين، كما ضمنت حق المرشحين الذين يرون أن ظلما وقع عليهم، بأن القضاء العادل هو الحكم في هذا الموضوع، وليس كما كان يحدث سابقا، أن الحكم والخصم هم اعضاء مجلس النواب المنتخب.
يكفي اننا تجاوزنا مرحلة القوانين المؤقتة، وعلينا ايضا تجاوز المرحلة المظلمة التي تغولت فيها الحكومة على المادة 94 من الدستور وأقرت 211 قانونا مؤقتا خلال اقل من ثلاث سنوات، في أكبر اعتداء على السلطة التشريعية بتاريخ الأردن منذ تأسيسه عام 1921.
في الافق حديث عن حلول للالتفاف على قضية القوانين المؤقتة من خلال فرض حالة الطوارئ لـ 48 ساعة فقط، واجراء تعديل ما على قانون الانتخاب، من أجل انهاء حالة المقاطعة للانتخابات، لكن هناك صعوبة سياسية في تمرير هذه الحالة حتى لو سمحت بها التعديلات الدستورية.
التعديلات أسست لمرحلة جديدة في الأردن في إطار المحكمة الدستورية، التي كانت مطلب المشتغلين بالعمل السياسي والعام منذ عشرات السنين.
في التعديلات الدستورية اشياء كثيرة نستطيع البناء عليها للوصول الى مرحلة الاردن الديمقراطي الحقيقي، وهي الان وديعة في قلوب الاصلاحيين والأحزاب والنقابات وفعاليات المجتمع المدني، وعليها أن تعزز الايجابيات وتبني عليها، وتحاول أن تمحو السلبيات للوصول الى التعديلات النموذج، في مجلس النواب المقبل.
لقد أضافت التعديلات الدستورية، مدماكا قويا للحياة السياسية الاردنية، وإذا استطعنا دمج هذه التعديلات مع مخرجات لجنة الحوار الوطني، فنكون قد أعدنا لدستور عام 1952، روحه الحقيقية، وتكون لدينا من الأدوات التنفيذية المتقدمة لتحقيق الإصلاح السياسي المنشود.
كنا نتمنى ان تكون ابواب المحكمة الدستورية مفتوحة أمام مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، وليست حصرية على السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكنها في المحصلة خطوة إلى الامام يمكن البناء عليها مستقبلا.
وكان يُؤمل أن تضم المحكمة إحدى النساء ممن تنطبق عليهن شروط العضوية وهن كثر في الأردن، ذلك أن الاتجاه العالمي والممارسات الفضلى تنص على أن التمثيل النسائي في مثل هذه المحاكم، ومثال ذلك أن آخر عضو انتخب في المحكمة العليا في الولايات المتحد إمرأة.