أخبار البلد -
ليس هناك من ينكر قدرة الإخوان المسلمين على حشد مظاهرة من عدة آلاف مشارك ، ولكن ذلك لا يضيف شيئاً إلى معرفتنا بأن الجماعة تقاطع الانتخابات لأنها ترفض قانون الانتخاب غير الملائم لمصلحتها أو المفـّصل على مقاسها.
في الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات يهم الإخوان أن يتجاوب الشعب معهم لا أن يلتزم أعضاؤهم بالحضور والمشاركة في المظاهرات. أما الالتزام فهو مؤكد ، وأما تجاوب الشعب فأبعد ما يكون.
ليس أدل على ذلك من مظاهرة يوم الجمعة الماضية التي رفعت شعار مقاطعة الانتخابات ولم تستطع أن تجتذب سوى سبعماية شخص بما فيهم المتفرجون ، وممثلو وسائل الإعلام الذين يغطون الحدث.
يبدو واضحاً أن الدعوة الإخوانية لمقاطعة الانتخابات تحولت في التطبيق إلى مقاطعة شعبية للمظاهرات ، والنأي عنها باعتبار أنها دعوة غير بناءة ، تكمن وراءها أجندة مصلحية خاصة ، وليس لها مبررات وطنية.
قانون الانتخاب أبقى على الصوت الواحد في مستوى الدائرة ، ولكنه استحدث القائمة الوطنية والتمثيل النسبي بجرعة ليست صغيرة ، تمثل بداية قابلة للتوسع بعد اتضاح نتائج التجربة.
في هذه المرة سيكون لدينا قانون جديد للانتخاب يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام ، وهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات ، وقناعة تامة بأن الانتخابات القادمة ستكون حرة ونزيهة بدون أية تجاوزات ، فما هو مبرر المقاطعة؟.
الانتخابات العامة والبرلمان الذي سينبثق عنها وسائل وأداوت ديمقراطية للمشاركة في صنع القرار وإبداء الرأي وممارسة المعارضة من موقع دستوري ، فلماذا يريد المقاطعون ممارسة المعارضة من الشارع ، وإبداء الرأي من مكبرات الصوت ولو أمام جمهور مكون من سبعماية متظاهر.
لا خلاف على ضرورة الإصلاح ومحاربـة الفساد والحكومة البرلمانية ، ولكن هذه الاهداف تتحقق في مؤسسات الدولة وفي مقدمتها البرلمان. وعلى المطالبين بالديمقراطية ان يكونوا ديمقراطيين ، وأن يلتزموا باللعبة الديمقراطية ، وهي ليست متاحة لهم فقط ، بل إنهم مدعوون بقوة للمشاركة فيها.
مقاطعة الوسائل الديمقراطية لتحقيق التغيير المنشود تعني اختيار وسائل غير ديمقراطيـة ، وعدم الاستفادة من التجارب المرة والدامية في بلدان الربيع العربي ، ومحاولة ابتلاء الأردن بالفوضى الخلاقة ، علمأً بأن ما ستخلقه أو تمهد له الفوضى الخلاقة معروف سلفاً ومخطط له من قبل ، وهو الحل النهائي لقضية الشعب الفلسطيني في وطن بديل على حساب الأردن.