الانتماء الوطني

الانتماء الوطني
أخبار البلد -  
لقد حظي مفهوم الانتماء باهتمام كبير من قبل الباحثين، ولا سيما نتيجة للثورة التقنية التي شهدها العالم في مجال الاتصال، والتي جعلت الأفراد والجماعات في المجتمعات النامية عرضة للتأثر بثقافات الدول المتقدمة ذات القدرات التقنية والمالية الهائلة، التي مكنتها من الهيمنة على وسائل الإعلام، وبالتالي نشر قيمها، والترويج لسياساتها، والدعاية لأهدافها، مستهدفة شعوباً بأكملها إذا ما اقتضت مصالحتها ذلك.
ويرجع كلمة الانتماء إلى الفعل الثلاثي المجرد المكون من الحروف الثلاثة الأصلية وهي : النون ، والميم، والالف المنقلبة عن ياء " نمى ينمي" أو المنقلبة عن واو " نما ينمو" والانتماء لغة هو كل ارتفاع او زيادة او انتساب ، فيقال انتمى فلان فوق الوسادة ، أي ارتفع ، ونما الخضاب أي زاد حمرة او سوادا، وانتمى فلان إلى أبيه أي انتسب واعتزى. أما الانتماء اصطلاحا فيعرفه منصور(1989) بأنه "شعور فردي بالثقة يملأ النفس ، وشعور بأن الإنسان ليس وحيداً ، وليس ضعيفاً ، ولا يسير منفردا في عالم يجهله، بل هو يملك السند، وأنه جزء من جماعة يمكن أن تدافع عنه ضد المجهول، سواء أكان هذا المجهول قوة معادية ، ام ظروفا قاهرة أم أي شيء آخر"
وبما ان الانسان كائن اجتماعي ، وهو بحاجة إلى الانتماء للآخرين في سائر اطوار حياته، وهذه الحاجة تشبع بداية عن طريق الأسرة، ثم يظهر بعد ذلك انتماؤه في مجالات متعددة، فينتمي لجماعة الاصدقاء، وللمهنة، وللديانة، وللوطن، وللقومية.
وتعد نظرية (ماسلو) Maslo، والتي صنف فيها الدوافع- من أهم النظريات التي تناولت موضوع الانتماء ، حيث افترض ان حاجات الإنسان تنتظم بشكل هرمي متدرج، يبدأ بالحاجات الفسيولوجية ، ثم حاجات الأمن ، ثم حاجات الانتماء، ثم حاجات تقدير الذات، فحاجات الفهم والمعرفة.
فالانتماء لا يعني التطابق بين المنتمي والمنتمي إليه، حيث تظل الهوية الشخصية للمنتمي قائمة ومتمايزة ، كما لا يسيطر المنتمي إليه على عواطف المنتمي، بل تظل القيادة في قبضته، في حين يبقى الفرد المنتمي مالكاً لناصيته وإرادته ، فهو يعبر عن تلك الإرادة من خلال تصرفاته باختيار وحرية، ولا يكون أسيرا لإرادة المنتمي إليه.
ويجب علينا أن نفرق بين الولاء والانتماء فالولاء " عاطفة الاخلاص لشخص ، أو بلد ، أو قضية ، وهو اتجاه أو عاطفة تعلق أو تشبت والتمسك بفرد، او جماعة ، او مؤسسة ، ويمكن التمييز بين الولاء والانتماء على النحو التالي:
اولا: إن الولاء لجماعة لا يقتضي بالضرورة أن يكون الفرد جزءا منها، بل يكفي وجود مشاعر تجاه الجماعة أو الفكرة ، في حين أن الشرط الأساسي في الانتماء أن يكون الفرد جزءا من الجماعة المنتمي لها.
ثانياً: أن معنى الولاء يحتمل أن يكون للذات- في مثل هذه الحالة- يقترب معنى الولاء من معاني النرجسية أو الانانية ، في حين أن الانتماء – على إختلاف مجالاته، لا يكون للذات.
ثالثا: إن الولاء كما يتبين من معناه، يمكن أن يدعم الانتماء ويقويه.
ولقد أظهرت الدراسات التي تناولت موضوع الانتماء اختلافا حول مجالات الانتماء ، ويعزى ذلك إلى اختلاف أغراض الدراسة فمنهم من قسمها إلى قسمين : الانتماءات الأولية الطبيعية، والانتماءات الحديثة.
ومنهم من قسمها إلى اربعة انواع هي : الانتماء الديني والمكاني والأسري، والسياسي، ومنهم من قسمها إلى ثلاثة ابعاد وهي: الانتماء للاسرة، والمكان والانتماء السياسي.
ولكي نبين معنى الانتماء الوطني فلا بد لنا ان نتطرق إلى تعريف كلمة "وطن" فتعني في اللغة العربية منزل إقامة الإنسان، ولد فيه ام لم يولد، ولفظ مواطن يعني الذي ينشأ معك في وطن واحد، أو الذي يقيم معك فيه،
والوطنية هي: ارتباط وانتساب الفرد او الجماعة إلى قطعة معينة من الأرض والتعلق بها،وحب أهلها وأصحابها، والحنين إليها عند التغرب عنها، والاستعداد للدفاع عن كيانها ضد الاخطار التي تهددها.
فالانتماء الوطني كما يراه (القاعود والطاههات) بأنه: انتساب حقيقي للوطن فكرا وعملاً ، والالتزام بالدين وتعاليمه والثبات على منهجه، والارتباط بالأرض، والاعتزاز والفخر بالشعب الأردني ، والأمة العربية، والعمل الجاد الدؤوب من أجل الصالح العام، والقيام بالواجب المطلوب على اكمل وجه في جميع المجالات وبالاعمال التطوعية بكافة انواعها، والمحافظة على اللباس والزي الشعبي، والعادات والتقاليد التي يرضى عنها المجتمع ، والتكافل والتعاون داخل الأسرة ، مع صدق القول والعمل على مستوى الفرد والجماعة في ترجمة هذه النشاطات إلى سلوك حقيي للوطنية الصادقة من منظور قومي، يؤمن بوحدة الأمة العربية(القاعود والطاهات،1995)، ولكي نتعنق في معنى الانتماء يجب علينا ان ندرك معنى القيم لارتباطها الوثيق بالانتماء : والتي عرفها الخطيب بأنها " معايير للحكم على سلوك الفرد في المجتمعن والتي تعمل على توجيه سلوكه، وتحدد استجاباته المتوقعة في مواقف الحياة المختلفة(الخطيب،2003).
فالقيم تعمل كموجهات لسلوك الافراد والجماعات إلى ما هو مرغوب فيه ، أو مرغوب عنه، وهي ذات طبيعية معيارية ، ومكتسبة ، من خلال تفاعل الفرد مع المواقف والخبرات الفردية والاجتماعية المختلفة وللقيمة ثلاثة مكونات : المكون المعرفي: والذي يتضمن المعلومات والحقائق الموضوعية المتوفرة لدى الفرد عن موضوع القيمة ، والمكون الوجداني وهو عامل نفسي داخلي ، يتحكم في تحديد ما هو مرغوب فيه ، أو مرغوب عنه، والمكون السلوكي: ويتمثل في ترجمة القيمة غلى سلوك عملي يمارسه الفرد، والجماعة في مواقف الحياة المختلفة.
ويمكن تصنيف القيم إلى:
1. القيم الوطنية : وهي القيم المتعلقة بشعور الفرد بالانتماء لوطنه ، كالاعتزاز بالرموز الوطنية ، والالتزام بالقوانين والانظمة السائدة ، وتشجيع المنتجات الوطنية، والمشاركة في الاعمال التطوعية ، والمناسبات الوطنية ، والتضحية دفاعا عن الوطن.
2. والقيم السياسية: وهي القيم المتعلقة باهتمام الفرد بالمشاركة الإيجابية في النشاط والعمل السياسي ، وحل مشاكل الجماهير ، والسعي إلى المراكز السياسية والاجتماعية، ويمتاز الاشخاص الذين تسود عندهم هذه القيم بصفات القيادة في نواحي الحياة المختلفة ، وقدرتهم على توجيه غيرهم والتحكم في مصائرهم.ومن أبرز هذه القيم : الديمقراطية والحرية والعدالة.
ومن مظاهر الانتماء الوطني في المجتمع الاردني : التضحية من أجل الوطنن والقيام بالواجب المطلوب على أكمل وجه، القيام بالاعمال التطوعية والخيرية بكافة انواعهان والمحافظة على اللغة الرئيسية، وطريقة الأكل ، والتحدث عن الآخرين، والمحافظة على اللباس والزي الشعبي، والمحافظة على العادات والتقاليد التي يرضى عنها المجتمع. والتكامل والتعاون داخل الاسرة الواحدة.
ومن أهم معوقات الانتماء الوطني : عدم مراعاة بعض الافراد للقيم، والعادات، والتقاليد السائدة في المجتمع، وإقدام بعض الافراد على أعمال التخريب في المرافق العامة، وانتشار الجرائم الاقتصادية مثل اختلاس المال العام، والرشوة ، والتزوير. وازدياد معدلات الهجرة والنزوح للخارج، والتفاخر بالحصول على الجنسية الأجنبية. والتقاعس عن تلبية نداء الوطن، والتخلي عن الواجب في أوقات المحنة، استغلال السلطة والنفوذ لمصالح شخصية، كجمع المال بطرق غير مشروعة ، أو الانتقام من الغير وعرقلة مصالحهم، وفشل الاسرة والمدرسة في غرس الانتماء لدى الناشئين، واختلاف القيم والمعايير وتضاربها في المجتمع، وانتشار البطالة ، والبطالة المقنعة، وعدم استغلال اوقات الفراغ، وما ينتج عنه من مشكلات لدة الشباب، تضارب الايدولوجيات في المجتمع، والتعصب العرقي ، او الطائفي داخل المجتمع الواحد، وعدم المساواة في الفرص والحقوق ، وزيادة التفاوت الطبقي، وتعرض المجتمع لبعض الأزمات القاسية، كالحروب المدمرة ، أو انهيار اقتصاد الدولة .
لذا علينا نحن الاردنيين الذي ننادي بالانتماء الوطني وبالرغم من العوقات الحالية أن نتكاتف معا وان ندافع عن انتماءنا للاردن الحبيب حتى نلوذ بأنفسنا من الطامعين الذين يتربصون للأردن ويحاولوا زرع الفتنة بيننا ،أن نقف وقفة واحدة في الدفاع عن انتماءنامن خلال الاهتمام بالعوامل التي تعدم الانتماء الوطني لدى افراد المجتمع بالعمل على :
إشباع حاجات الاطفال منذ مراحل نموهم ، وتعويدهم على عدم إشباع حاجاتهم على حساب حاجات الغير.
توفير عنصر القدوة سواء في الاسرة ، أو المدرسة ، أو من خلال القيادات المختلفة في المجتمع.
توفير الامن والاستقرار لافراد المجتمع ، ومحاولة التخلص من كل العوامل التي تسبب لهم القلق والتوتر.
تحقيق مناخ ديمقراطي ، يمكن افراد المجتمع من غبداء الرأي ، والتعبير عن الذات.
إتاحة ظروف اقتصادية ، واجتماعية مناسبة ، مما يجعل الافراد يشعرون بالاشباع المادي والاجتماعي.
ارتباط كافة المشاريع والانجازات التي تقام على ارض الوطن باسم الدولة، لأن ذلك من شأنه أن يقوي الاحساس بالانتماء الوطني ، وليس باسم شخص معين.
توفير فرص العمل لكل أفراد المجتمع وسيادة معيار الكفاءة في هذه الفرص.
شريط الأخبار الدويري: غارات اليوم تؤكد وجود ثغرة أمنية لدى حزب الله مصدران إسرائيليان يتحدثان عن مؤشرات إيجابية باغتيال نصر الله شهيدان و76 جريحا حصيلة أولية لضحايا غارات الضاحية الجنوبية لبيروت مصدر في الحزب: حسن نصر الله بخير الهيئة العامة للتأمين البحري في اتحاد شركات التأمين تنتخب اللجنة التنفيذية للدورة 2024-2026 برئاسة عودة أبو دية بورصة عمان في أسبوع .. أرقام ونسب هل ستؤثر الأوضاع في لبنان على الاقتصاد الأردني؟ اللجنة العليا لدافعي الفاتورة العلاجية في اتحاد شركات التأمين تبحث مستجدات لائحة الأجور الطبية وتصدر توصيات حاسمة الجيش الإسرائيلي: قصفنا المقر المركزي لحزب الله فصل مبرمج للكهرباء عن مناطق في إربد والمفرق السبت نتنياهو: لا مكان بإيران لن تطوله أيدينا.. ولن تملك (نوويا) الحوثيون يعلنون عن أوسع عملية في "معركة طوفان الأقصى"... استهداف 3 مدمرات أمريكية تسجيل أول طعن بنتائج القائمة العامة في الانتخابات النيابية الصفدي لميقاتي : موقف الأردن ثابت في دعم لبنان البنك الدولي: فلسطين تقترب من السقوط الاقتصادي الحر أحداث أمنية ساخنة في أسبوع.. جرائم بشعة وخلية جرمية وضرب أوكار المخدرات عدد كبير من الإسرائيليين يتوجهون نحو سيناء الجيش يحبط محاولة اجتياز طائرة مسيرة إلى الأردن والد الصديق مجدي ابو جلود في ذمة الله "حزب الله" يكشف عن عمليات نفذها اليوم ضد أهداف إسرائيلية