عمان- دفعت ضغوط اجتماعية عاشتها أم في محافظة الزرقاء الأسبوع الماضي إلى قتل ابنتها البالغة من العمر أربعة أعوام، بعد أن عايرها زوجها على مدى أعوام، كونها حملت بطفلتها خلال فترة الخطوبة.
ورغم أن الطفلة "شرعية" كون والدتها حملت بها بعد عقد القران، إلا أن ذلك لم يشفع للطفلة لدى والدها وعائلتها من جهة أبيها.
ودأب هؤلاء على تسمية ابنتهم بـ"ابنة الحرام"، فيما رفض الأب أن تقيم الطفلة لديه في المنزل ما دفع بأحد الجيران إلى احتضانها وتربيتها باعتبارها ابنة لهم.
مصدر تعامل مع القضية يقول إنه "رغم رفض الأب الذي أنجب طفلتين آخريين من ذات الزوجة، رعاية الطفلة التي أثبت فحص DNA أنها من صلبه، إلا أن الطفلة كانت تزور والدتها بشكل دوري".
ويضيف أنه "وخلال إحدى زيارات الطفلة لأمها، قام الأب بالإساءة لزوجته ومعايرتها بأن ابنتها ابنة حرام ما دفع الأم إلى قتل الطفلة خنقا وسط حالة من الانفعال والهيجان العاطفي".
رئيس قسم الطب الشرعي في محافطة الزرقاء ابراهيم عبيدات، الذي أشرف على تشريح جثة الطفلة، قال إن "نتيجة التشريح أكدت أن الطفلة توفيت نتيجة الخنق"، مؤكدا أنه "لم يكن على الجثة أي آثار للعنف أو الضرب أو التعذيب".
من جهته، يبين مستشار الطب الشرعي، الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة، هاني جهشان إنه "رغم أن الطفلة ولدت بعد زواج الأبوين والحمل تم خلال فترة عقد القران، إلا أن بعض فئات المجتمع تنظر إلى هذا الحمل باعتباره حملا غير شرعي".
وحول قتل الطفلة من قبل والدتها، يقول جهشان إن "التخلي عن الأطفال وقتلهم مأساة شائعة في دول العالم المعاصر كافة بغض النظر عن الخلفيات الإثنية والعرقية والاجتماعية والثقافية".
يشرح جهشان أن سبب إقدام الأم على هذا الفعل هو اختلال ارتباطها الأمومي بالطفل الذي يبدأ بحمل غير مرغوب به، كأن يكون ثمرة تعرضها للاغتصاب أو الاستغلال الجنسي أو ثمرة زنا أو سفاح المحارم أو تكون الزوجة كرهت زوجها، أو بسبب الفقر وضيق الحال وكثرة الأطفال.
ويبين أنه رغم تعدد الأسباب، إلا أن السبب الأكثر انتشارا لهجر أو قتل الطفل "اتقاء العار من حمل غير شرعي". وحول الوضع النفسي للأم، تشعر المرأة التي تفكر بالتخلص من جنينها أو وليدها أنها وحيدة في حالة عزلة، ولا يوجد من يقدم لها العون، كما تصارع ظروفا نفسية وجسدية واجتماعية تفوق طاقتها لذلك تكون عاجزة عن مواجهة مشكلتها والمجتمع المحيط بها، وتشعر أنها منبوذة وفي حالة إنكار لواقعها".
بيد أن جهشان يشدد على أنه "بأي حال من الأحوال معاناتها هذه لا تعتبر سببا أو مبررا لأن ترتكب جريمة بشعة أو لأن تخفف عنها العقوبة".
وبحسب قانون العقوبات، فإن قتل الوليد عقب ولادته يشكل جريمة قتل عمد أو قصد يمكن أن تصل عقوبتها للإعدام، إذا كان مرتكب الجريمة أي شخص غير الأم، وتكون العقوبة مخففة إذا قامت بالفعل والدة الطفل.
أما جريمة قتل الطفل بعد مضى عام على ولادته وبغض النظر إذا كان نتاج حمل شرعي أو غير شرعي فلا يوجد أي مرجعية قانونية خاصة لتخفيف العقوبة مشابهة للنصوص المتعلقة بجريمة قتل الوليد، حسب النص القانوني.
يشير جهشان إلى أن عواقب قرار المرأة بالتخلص من طفلها ستؤثر عليها مدى حياتها، وتتصف هذه العواقب بالقنوط وبالكرب الشديد والندم والشعور بالذنب، لهذا عادة ما يحكم القضاة في هذه القضايا بأخف عقوبة ممكنة، وقوانين العقوبات بالعادة تساعد على ذلك.
يتابع "الأم هي الوحيدة المرئية في هذه الجريمة، فبالإضافة لبشاعة فعلتها بقتل طفلها، فإنها توصم اجتماعيا بسبب هذا الحمل حتى وإن كانت ضحية الجريمة وليست مرتكبتها، ونادرا جدا ما يتم التعاطف معها، ويتفاقم وضعها سوءا بسبب تخلي أسرتها عنها أثناء محنتها".الغد