اخبار البلد – احمد الغلاييني
وردة تنتظر من يستقبلها... يشتم رائحتها دون ان يقطفها ، ربما كان حلمها ان تكون طبيبة ، او مهندسة ، او محامية ، او قاضية ، و ربما وزيرة او سيدة مجتمع تخدم وطنها ، لم نرى من قبل إبتسامتها ولكن شعرنا بدموع والديها، وإخوتها ، واقاربها ... حيث كان للورد نصيب ان يقطف قبل آوانهِ .
كان الجمعة يوم بركة المسلمين وكانت العيون تتلهف لإجازة نهاية الأسبوع ، لنعود الى اليوم الذي سبق تلك الحادثة الشنيعة ولنتوقف مطولاً بعد مجيء الليل... كانت نائمة تحلم بالغد ، و انها ستذهب إلى أجمل بقع الارض "البحر الميت".. وإلى اكبر فنادقهِ "الهوليداي إن" ربما كانت تحلم ان ترى "اقاربها" وصديقاتها هناك ، يلعبون بالماء وبالرمل ، يناكفون أهلهم ليحصلوا على المزيد من الفرح بعد ان اغمضت عينيها لتترقب صباح يوم جديد "كتب فيه نهايتها".
انطلقت السيارة والضحكة والغناء والرقص يملآن مقاعدها ، ربما كانت تنتظر ان تعود لتحدث صديقاتها واصدقائها عن الرحلة ... رحلة الموت .
دنيا عايد عبد الكريم ابو أسليم ، طفلة في عمر التسع سنين ، ارادت ان تشبع نفسها بالثقة وان تمارس هوايتها ، وهي ان تسبح في بركة ماء ذاك الفندق الذي كان وجه شؤم على اهلها . نزلت وسبحت لكن الدقائق تمر اكثر واكثر وهي مازالت تحت الماء ، لم يلاحظ احد اختفاءها ، ولكن يد الله امتدت لها لتخرجها شهيدة .
ماتت دنيا واسودت الدنيا بعيون اهلها... عين الأم التي كانت تريد أن تنقذها وهي تحاول ان تسرق من انفاسها لصدر إبنتها ، لكن خوفاً من الفضيحة انتشلت ايادي الفندق السوداء البنت ورمتها خارج الفندق بعد الهلع الذي اصاب المرتادين على المسبح .
كان المنقذ يدخن وينظر بطبيعة الحال للنساء ، وكان جباناً خشي ان ينزل الماء وينقذها او يتجرأ لأن يتحقق من الأمر،قبل ان ينقذها احد الذين كانو يسبحون معها لينقلها مع والدتها إلى مستشفى الشونة الجنوبية ، حيث لايوجد في الفندق اي اطباء او مسعفين او عيادات "إسعافات أولية" ، ولأن القانون عندهم يمنع دخول طبيب خاص فضلوا ان تذهب إلى المستشفى ، ذاك الذي لايتمتع بأي خدمات عالية الجودة .
جاءت الشرطة.. لتقول الإدارة: ان المنقذ الجبان هو من انقذ حياتها ! ، لكن حبل الكذب قصير فكان الحق ظاهراً والباطل مهزوماً . فكذبهم الشاب صاحب اليد البيضاء في اخراجها من المسبح ، حيث اوقف المنقذ ونسيوا المسبب الأول مدير البركة والمدير العام للفندق اصحاب الجريمة الأولى والذين كانوا يتهربون من الصحافة لأنهم بطبيعة الحال هم مذنبون ايضاً .
دنيا انتقلت إلى جنة الله ملاكاً شهيدة شفيعة لسبعين من أهلها ، و"الهوليدي إن" انتقل إلى مزابل الفنادق التي استهترت بأرواح الابرياء .
يا ام دنيا لاتحزني فالله يرى دموعكِ ودنيا تعشق إبتسامتكِ