يتصور كثير من المراقبين و الاعلاميين أن مؤتمر الخلافة الذي عقد بالقاهرة في السابع من شهر يوليو الجاري هو مجرد حدث عادي , مثل أي مؤتمر يقيمه حزب التحرير , أو غيره من الأحزاب , و هذا مجافي للحدث الضخم و الجلل الذي حدث في داخل نقابة المحامين بالقاهرة , و ذلك بعد رفض نقابة الصحفيين عقد مؤتمر الخلافة بها , و لا اظن إن ذلك إلا كان علي تعمد من طرفين إحدهما خارج النقابة و هو أمن الدولة المتخفي في ثوب الأمن الوطني كذباً و زوراً و بهتاناً و الذي مازال يمارس دوره في الحرب علي المخلصين من أبناء الدعوة و لا يمنعه عن ممارسة دوره في الملاحقة و الاعتقالات و تلفيق القضايا إلا الظروف الراهنه للبلاد , و من المعروف إن أذناب أمن الدولة في النقابة أكثر من ما يتصور, الطرف الثاني في منع مؤتمر الخلافة كان و بلا شك أصحاب الإيدلوجيات المضادة للفكرة الإسلامية و علي رأسها التيار الناصري و اليساري و هي التيارات التي تعشش في أركان النقابة , و هي تيارات رضعت مع اللبن كراهية الإسلام , و لو قدر للإسلام قريباً أن يعود لمات هؤلاء كمداً و حسرة فما بالك و شعار مؤتمر الخلافة ( خلافة علي منهاج النبوة ) و هي الخلافة التي يعتبرونها هم و أسيادهم الخطر الأكبر , و قد بذلوا الغالي و النفيس في إسقاطها فكيف يسمحوا الآن بعودتها و حتي بمجرد مؤتمر يبشر بعودتها قريباً و الدعوة إليها , إن كلام التيارات الغير إسلامية عن حرية الرأي و التعبير هي كلمات ساقطة بمجرد خروجها من أفواه هؤلاء و إني أري إنه يجب أن يبحثوا عن عمل آخر يخدموا به أسيادهم في الغرب في منع عودة الإسلام , و ليعلم من ورائهم أن خط الدفاع الأول قد سقط في إمتحان الحرية المزعوم و عليه فقد سقطت الأقنعة و ليبحث الغرب عن شخصيات جديدة تحمل فكره و رأيه غير هؤلاء , و سنقسطهم أيضاً بإذن الله و إن غداً لنظره قريب .
لقد كان أخر مؤتمر للخلافة في القاهرة في عام 1925 , برعاية الملك فؤاد و هو المؤتمر الذي فشل بسبب رغبة بريطانيا في إفشاله عن طريق عملاؤهم من حكام البلاد الإسلامية حينها , و بالفعل فشل و اتفقوا علي الإجتماع في العام القادم و لم يأتي العام القادم إلا و قد أصبجت الخلافة في طي النسيان و استمر النسيان و بدأت الخلافة تظهر في الأفق علي أنها المدينة الفاضلة التي لن تتحقق و ينظر علي أنها نوع من الذكريات التاريخية , و أصبح الحديث عنها موضع استهجان من قبل كثير من فئات الأمة و عاد النظر إلي عودتها مرة أخري كمن ينظر إلي أحداث يوم القيامة , و إنها ممكن أن تقام بعد ألف عام , و اصبح الشعور العام لدي جميع المسلمين في العالم إن الكلام عن الخلافة و إمكانية عودتها مجرد خيالات و اؤهام , حتي إن الحركات الإسلامية التي قامت بعد سقوط الخلافة مباشرة تكلمت عن الخلافة علي إستحياء و كانها خشيت من وصمها بالرجعية إن ذكرت كلمة الخلافة , حتي قيض الله لهذه الأمة و من داخل مسري النبي الكريم في بيت المقدس من يبشر بعودة الخلافة و يدعو لها بل و يعمل لها و تصبح الخلافة علي يديه ليست مجرد تاريخ أو حلم بل واقع حقيقي تبحث الأمة عنه و لا تهتدي أبداُ ما دامت لم تصل إليه , فهي العزة لهم و الكرامه التي يبحثون عنها في في الأفكار و الايدلوجيات و الأرضية التي ثبت للجميع أنها فاشلة ولا تستحق إلا اللعنات , و بات من المؤكد إنها تسسير بالبشرية نحو تدميرها و اعلان دولة الشيطان بدلاً من أن يحيا الإنسان و هو خليفة الله في الأرض بأحكام السماء التي تجعل منه أقرب بطاعته إلي الملائكة , إن المذاهب الأرضية كلها قد أفلست و هانحن الآن و من قلب القاهرة و هي المدينه التي قدر لها الله ان يحفظ الإسلام فيها , و أن ترد كيد أعدائه في أكبر محنة تعرض لها الإسلام و هي الهجمة البربرية التتارية و استطاع شعار واسلاماه أن يجذب المجاهدين من كل أرجاء الدولة الإسلامية و ينطلقوا من قاهرة المعز لكي تباد القوة المعادية في أيام معددوة علي أيدي فرسان الجهاد منطلقين من القاهرة , و لو قدر غير ذلك لأصبح الإسلام آثراً بعد عين إلا أن يشاء الله شيئاً , و من قبلها كانت محنة الغارات الصليبية و التي أيضاً للقاهرة النصيب الأكبر في التصدي لهم , هكذا أعلن دعاه الخلافة في مؤتمرهم أن القاهرة قريبا سوف تكون حاضرة للعالم الإسلامي و منها سوف تنطلق جيوش المسلمين لتحرر الأقصي الأسير لكي يصبح مقر دولة الخلافة كما بشر النبي الكريم صلي الله عليه و سلم بذلك . إن مؤتمر الخلافة كان فاصل حقاً بين عهدين , عهداً كان دعاه الخلافة يتكلمون فيها علي استحياء و في سرية شديدة لاقناع الجماهير بها , و عهداً آخر يجهر فيها بالدعوة إلي الخلافة و معاتبين علي من لا يلحق بالركب منهم بل ان المؤتمر هو فاصل بين زمنين , زمن كان الدعوة تضطهد و تسجن و بين زمن ترفرف فيه الراية في قاهرة المعز , إن شباب دعوة الخلافة في القاهرة الآن يرددون الآن نغزوهم و لا يغزوننا , إن مؤتمر القاهرة قد يكون هو البداية الكبري لانطلاق قطار الخلافة حتي يصل إلي محطته الرئيسية في بيت المقدس قريباً . إن علي دعاه الخلافة في العالم أجمع الآن مسئولية كبري وهي رفع الغطاء عن دعوتهم أمام العالم أجمع بكل الوسائل و السبل فإعلانها في القاهرة لدلالة قويه علي أن العالم كله ينتظر منا نحن حملة الدعوة أن نخرج هذا العالم من عبودية غير الله و إعلان عبوديته لله كاملة غير منقوصة إننا لا يجب أن نتوقف خاصة و إن المحرومين من رضوان الله في العالم كثير و هم ينتظرون القرآن لكي يخرجوهم من الضلال إلي النور .
إن الخلافة و هي حكم شرعي واجب , و هي الفريضة الغائبة حقاً و هي بشري نيينا العظيم لا يجب أن يحملها أفراداً ينتمون إلي حزب فقط بل يجب ان يسير معهم المليار مسلم وهو واجب عليهم ومن يتخلف عن ذلك بأي دعوي كانت يظل في رقبته إثماً عظيم , لا يمحوه في الدنيا غير العمل لها و السعي علي إقامتها , و الإسراع في ذلك , فالمسلمون جرحي و قتلي في بلاد العالم , و بلادهم محتلة و ممزقة فمن ينقذهم من هذا الهوان غير خليفة يحكم بكتاب الله و سنة رسوله , يقيم أحكام الإسلام و يحي الجهاد و ينادي بأعلي صوته واسلاماه فيرد عليه مليار مسلم يلقون في قلوبهم أعدائهم الرعب و يعود للامة مجدها المسلوب و شرفها الممزق و تصبح كما كانت في مصاف الامم العظمي . ويرونه بعيدا و نراه قريبا
محمود طرشوبي