أخبار البلد -
اخبار البلد_ ماهر ابو طير _ اثارت زيارة خالد مشعل رئيس
المكتب السياسي لحركة حماس ضجة كبيرة في عمان،وما بين الذين رحبوا
بزيارته،واولئك الذين قدحوه بعيونهم الحمراء باعتباره قد تمّدد اضعاف ما
يستحق خلال اثني عشر يوماً،فان زيارته بقيت مثيرة للجدل. مشعل ،أكد انه
التقط الحساسيات التي اثيرت حوله، وقال انه لا يسمح لنفسه ان يتدخل في
الشأن الاردني،وهو ليس طرفاً في هذا الشأن وخصوصياته،مشيراً الى انه يفهم
الحساسيات ولايتجاوز عليها.
ويقول مشعل ان لا ذنب له اذا كان
قياديون اسلاميون في الحركة يلمحون الى انهم محسوبون على حماس،قائلا ان كل
ما فعله هو تقديم نصيحة سياسية للاخوان المسلمين بالتروي وعدم مقاطعة
الانتخابات المقبلة،خاتماً كلامه ان مثل هذه النصيحة قدمها كسياسي لا
باعتباره فيصلا او مرجعاً،وهو قدم سابقاً نصائح في دول عربية اخرى،في حالات
شبيهة،وان الامرلا يقتصرعلى الاردن،حتى لا تبدو حماس «الفلسطينية» بمثابة
مرجعية فيصلية لجماعة الاخوان المسلمين «الاردنية».
خصوم مشعل
بالمقابل تتبعوا بعيون اعياها السهر كل تفاصيل زيارته،وقد سجلوا مآخذ عدة
عليه،ابرزها حركتة الواسعة دون تحفظ،اتصالاته بالاعلام،والصدى الاعلامي
الكبير الذي نالته الزيارة،ولقاءاته مع قياديين في الاخوان المسلمين،وحضوره
لاجتماع مخصص لمجلس شورى الجماعة،واتصالاته بسياسيين اردنيين،وتلبيته
لدعوات.
هؤلاء يعتقدون ان الدولة منحت مشعل مساحة للتحرك،غير ان
مشعل تمّدد فيها فوق ماله،دون ان يتذكر الحساسيات التي باتت تعصف هنا،وانه
-وفقاً لرأيهم- لا يجوز مطابقة حالة النصيحة من مشعل في عواصم عربية،مع حال
النصيحة من مشعل للاخوان المسلمين،بسبب الحساسيات التكوينية للنموذج
الاردني. في المقابل فان اصدقاء مشعل يرون في هذه المآخذ مبالغة كبيرة،لان
الرجل جاء بترتيب رسمي،ولان الرجل بقي صديقا للاردن،وهو وان ترك محور دمشق
عمليا،فلا يمكن حسم انتسابه النهائي لمحور الدوحة،ومن الطبيعي ان يلتقي
بالناس هنا،فيما اقباله على الاعلام كان بطلب من هذا الاعلام،وليس بسعي
منه،كما ان مشاركته بالنصيحة للاخوان المسلمين،لا تعني تدخلا،بقدر كونها
رأياً يقوله،وقد قال ذات النصيحة عام 2010 الا ان الاخوان آنذاك قرروا
المقاطعة ولم يأخذوا برأيه. مشعل كثف مساحة حركته في الاردن،بعنوان مهم اذ
قال ان «الفلسطيني ضيف في هذه الحالة»،قاصداً نفسه وجماعته وتنظيمه،وان
«الضيف لا بد ان يحترم الضيافة واصولها،وان لا يتجاوز على هذه الضيافة» وفي
صياغته تلك تعريف لوجوده ولحركته خلال الزيارة في عمان،بمعزل عن المعادلة
التي تريد تقديمه باعتباره قائداً فلسطينياً يتدخل في الشأن الاردني.
الذين
تحسسوا من زيارة مشعل ثلاثة انواع،من حيث الدوافع،الاول ينتقده اساساً
لانه تخلى عن محور دمشق،وهؤلاء يعتقدون ان مشعل اعيد تأهيله وفقا لمعايير
دولية جديدة وهذا يفسر سر فتح الابواب له في الاردن.
الثاني يعتقد
ان فتح الابواب لمشعل يعني صفقة مقبلة،تتعلق بانهاء السلطة الوطنية
الفلسطينية،وتستدل بذلك على «تثويرات الجزيرة» لاهل الضفة الغربية على
خلفية ملف عرفات،وقضايا اخرى،وترى ان مشعل سيكون جزءا من ترتيبات مقبلة بين
الاردن والضفة الغربية.
الثالث له علاقة بالتيار المقاوم لعودته والمؤمن بقرار اخراجه ويريد ان يثبت ان فتح الباب له مكلف،وخاطئ تماما،ولا جدوى منه.
في
كل الحالات،لا بد ان يعترف مشعل ان البيئة السياسية التي جاء اليها
اليوم،ليست كالبيئة التي تركها،قبل اثني عشر عاما،وبيئة اليوم حساسة
جدا،وهذا يقول لمشعل ورفاقه ان حصولهم على مساحة حيوية جديدة في العلاقة مع
الاردن الرسمي والشعبي،لا يمنع من تنبههم للحساسيات التي يغرق الجو بها.
النوايا الحسنة وحدها لا تكفي هذه الايام.