اخبار البلد
صناعة الأحذية من الصناعات التي تتنافى وتنافسية الاقتصاد الأردني كون
مدخلاتها مستوردة بشكل كبير كما أنها صناعة تحتاج للمياه بكثرة في إنتاجها، وعليه فهي
صناعة مكلفة للغاية ولا تتناسب واحتياجات أو تنافسية الاقتصاد الأردني، ولا تشكل أي
ميزة نسبية في منافسة المستورد منها. وبالمفهوم الاقتصادي فهي ذات قيمة مضافة ضعيفة،
ولا تتناسب واحتياجات الاقتصاد الوطني في خلق الوظائف واختراق الأسواق الأخرى. وعليه
فإن صناعة الأحذية تصبح غريبة عن الاقتصاد الوطني في ظل المعطيات المشار إليها سابقا.
الشاهد من كل ذلك أن الاقتصاد لا يمكنه أن يعتمد على هذه الصناعة في حلول
مشاكل البطالة أو الفقر أو النمو الاقتصادي أو الإصلاح الاقتصادي المطلوب، وجل ما يمكن
التفكير فيه هو الحاجة لاستيراد تلك الأحذية لغايات الاستعمال البشري الطبيعي المتمثل
بالانتقال من مكان إلى آخر داخل المنازل أو في الطرقات أو من وإلى أماكن العمل. وفي
ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية محليا وزيادة الضرائب على تلك المشتقات، فإن استهلاك
الأحذية قد يزداد اعتمادا على ترشيد استهلاك الطاقة. ولعل الفائدة هنا تكمن في الآثار
البيئية لتخفيف الانتقال عبر وسائل النقل التي تنفث سمومها في الهواء فتؤدي إلى تلويثه،
وإلى زيادة حرارة الجو في ظل ظروف الصيف القائظ التي نشهدها اليوم. وقد يخفف ذلك من
فاتورة استيراد النفط التي باتت مرهقة للاقتصاد الوطني، فالمعاوضة بين استيراد الأحذية
واستيراد النفط هي في صالح ميزان المدفوعات بشكل كبير. كل ما في الأمر أن على المواطن
أن يكون رشيدا، وأن يقبل بالمعاوضة بين المشي على قدميه باستخدام الأحذية مقابل الانتقال
بالمركبات لما يشكله ذلك من تخفيف للضرر على البيئة والموازنة والمديونية.
بيد أن النظرية الاقتصادية تشير صراحة إلى ضرورة تقسيم العمل وتخصيص الموارد
بفعالية، وهذا يعني ضرورة استخدام المورد الاقتصادي فيما خصص له، وعدم توجيهه إلى استخدامات
أخرى لا تخدم الغرض من صناعته، ما يشكل هدرا للأموال والموارد المادية والبشرية التي
استُخدمت من أجل إنتاجه أو استيراده وتوزيعه. ذلك أن هدر الموارد يشير إلى عدم رشد
الجهة التي تستخدمها في غير مكانها، ويهدد جهود الإصلاح، ويبدد أهداف التنمية الاقتصادية
والسياسية والاجتماعية. ومن هنا فللحذاء استخدام واحد معروف، وكل من يسعى لاستخدامه
في غير مكانه فهو يشكو من حالة عدم رشد وهو مشتت لجهود الإصلاح ومبدد لطاقات الدولة
ومسار نجاحها. ولعل بعضهم في مجلس النواب بحاجة للاطلاع على هذا المقال للعودة للرشد
ووقف هدر جهود الإصلاح حتى نتقدم بالمسيرة إلى الأمام. فاستخدام الأحذية في المجلس
النيابي لغير غاياتها هدر للإصلاح ومبدد لطاقات الوطن ومنقص لمكانته ولتقدم الشعوب
!!! .
kwazani@orange.jo