أخبار البلد -
في المغرب، قررت الحكومة زيادة أسعار المحروقات ابتداء من شهر حزيران (يونيو)
الحالي، بنسب قدّرها المراقبون بالمرتفعة.
أهمية القرار أنه صدر هذه
المرة عن حكومة إسلامية، يرأسها عبدالإله بن كيران، زعيم حزب العدالة والتنمية
الإسلامي الذي فاز في الانتخابات التشريعية المبكرة، وهي أول حكومة يقودها حزب
إسلامي في تاريخ المغرب.
مبررات الحكومة المغربية لم تختلف عن المسببات
التي قدمتها حكومة فايز الطراونة لزيادة أسعار سلع وخدمات، منها الكهرباء والبنزين.
إذ أرجعت الحكومتان قرار كل منهما إلى عدم قدرة دولتيهما على تحمل دعم مادة
المحروقات، وذلك لمواجهة تقلبات أسعار المواد النفطية في السوق الدولية، والضغط
الذي تشكله على موازنة الدولة وعجزها ودَينها.
العوامل المشتركة الأخرى
بين القرارين أن الحكومة المغربية زادت الأسعار بنسبة تصل إلى 27% رغم أن البلاد
تواجه ضائقة مالية وحراكا شعبيا يطالب بالتغيير، وكذلك الأردن.
والفارق
الوحيد هو أن حكومة بن كيران جاءت استجابة للمطالب الشعبية الداعية للإصلاح، فيما
جاءت حكومة الطراونة الانتقالية لتنقل الأردن إلى مرحلة جديدة بعد وضع قانون
الانتخاب، أي أنها ليست انعكاسا لطموحات الشارع.
تشابه الحلول
الاقتصادية بين الحكومات الحزبية الإسلامية وبين الحكومات التقليدية واضح وجليّ؛
فبعد محاولات التأجيل، لم يجد بن كيران بداً من رفع الأسعار كحل للمأزق، ليس لأن
الرفع هو الحل الوحيد، بل لأن الأحزاب الإسلامية تعاني من قصور وضعف شديدين في
برامجها الاقتصادية.
وفي دراسة مركز كارنيغي حول الأجندات الاقتصادية
للأحزاب الإسلامية، التي أعدها الباحثان الزميلان محمد أبو رمان وإبراهيم سيف، يتضح
أن البرامج الاقتصادية للأحزاب الإسلامية الصاعدة في ظل الربيع العربي ضعيفة.
وأكدت
الدراسة أن البرامج الاقتصادية لأربعة أحزاب إسلامية في كل من تونس، والمغرب، ومصر،
والأردن، "محدودة" رغم ما اكتسبته تلك الأحزاب من قوة سياسية جديدة عبر صناديق
الاقتراع، أو ما ستظهره في انتخابات مقبلة.
أردنيا؛ تظهر الدراسة أن
البرنامج الاقتصادي لحزب جبهة العمل الإسلامي لم يتطور على مدى الـ 20 عاما
الماضية، بخلاف التطور الكبير في خطابها السياسي، وعلاقتها مع الدولة بهذا الخصوص.
لا
أريد أن استبق الأحكام، لكن غياب برامج وخطط اقتصادية؛ مالية ونقدية، عن الأحزاب
الإسلامية، ربما يكون ورقة التوت، بحيث يتكشف ضعفها في هذا الجانب الذي يشغل الناس
ويتربع على سلم أولوياتهم.
بحسب ما جاء في الدراسة من تفاصيل؛ لا تملك
الأحزاب الإسلامية عناصر النجاح، وما في جعبتها يجعلها مهيأة للفشل في إدارة الشأن
العام، خصوصا أن أهم أسباب الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، وتحديدا في الأطراف،
اقتصادية. وهذا ما تؤكده نتائج دراسات أخرى تكشف أن الفقر والبطالة والفساد عوامل
ساهمت بشكل كبير في بدء المطالبة بالإصلاح.
نتائج البحث غاية في
الأهمية، وعلى جميع هذه الأحزاب التي ما تزال تعتمد في طرحها الاقتصادي على
الشعارات البراقة والشعبوية أن تدرس النتائج جيدا، لعل وعسى أن تخرج برؤية واضحة
وقوية تقوم على أسس اقتصادية قابلة للتطبيق، تقدم بديلا عن اللعبة التي تمارسها
الحكومات منذ عقود، حتى لا تلقى هذه الأحزاب مصير تلك الحكومات، وتواجه الفشل
الاقتصادي الذي لحق بالحكومات التقليدية، وتفقد شعبيتها لدى الرأي العام.
الملف
الاقتصادي الذي يمس حياة الناس ولقمة عيشهم ومستوى معيشتهم ووظائفهم، سيصبح في لحظة
ما أكثر تأثيرا من الحديث عن السياسة وتداول السلطة والمشاركة وقانون الانتخاب.