أخبار البلد -
اخبار البلد_ بقلم بسام البدارين _ الخلاصة التي وصلت إليها خلية تفكير مصغرة نظمت نقاشا مغلقا الأسبوع
الماضي في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية تشير بوضوح إلى
أن الأكثر تفائلا بين المشاركين يتحدث عن فوضى وإحتقانات في صفوف الشارع مع
توفر فرصة للإستدراك خصوصا بعد العودة لسياسة رفع الأسعار تدريجيا مع
العودة للمدرسة المحافظة في إدارة الحكم والدولة.
الحوار عقد أصلا للبحث
في المفارقة الإحصائية التي برزت عندما تبين بأن الحكومة الجديدة برئاسة
الدكتور فايز الطراونه حصلت على نسبة توقع لا تزيد عن 51 بالمئة في
الإستطلاع الإستباقي الموسمي الذي يعده المركز حيث كانت أخفض نسبة تحصل
عليها حكومة منذ عدة سنوات.
خلال النقاش الذي شارك به إعلاميون خبراء
وسياسيون تبين بأن الأكثر تشاؤما هم الذين يتحدثون عن إضطرابات سياسية
وأمنية على خلفية إقتصادية هذه المرة أما المعتدلون في مزاجهم فطلبوا ضمنيا
من أصحاب القرار في مؤسسات الدولة عدم إظهار السرور بإنكفاء حراك الشارع
والتراجع عن الإصلاحات الشاملة والبحث في السؤال التالي : أين يتجمع ويتنظم
الإحتقان بعدما تختفي مظاهره العلنية في حراك الشوارع؟.
السؤال يبدو
مرهقا وصعبا للغاية لكن اللافت في إجتماع خلية التفكير هذه هو الإجماع على
أن إدارة الأزمة حتى الأن فاشلة وأن البلاد لا زالت تعاني من عدم وجود
'مطبخ سياسي' حقيقي وموثوق قادر على إدارة الأزمة المالية الحادة التي
تجتاح البلاد والتي إنتهت بتسريب شائعات عن إحتمالية إستعانة الحكومة
بودائع البنوك إذا لزم الأمر.
غياب المطبخ النخبوي القادر على التفكير
بحلول إبداعية هو الملاحظة التي يتبناها رجل دولة رفيع المستوى من طراز
أحمد عبيدات الذي أصدرت جبهته الوطنية مؤخرا سلسلة بيانات شديدة اللهجة في
إنتقاد 'أسلوب الحكم' والذي يبحث حاليا مع الإسلاميين عن تأسيس جبهة وطنية
عريضة تجبر النظام على التوقف والتأمل وتحتوي المجازفات ما دامت ماكينة
القرار لم تعد تستمع للنصائح أو لا تريد الإصغاء لها.
لا يوجد من يجيدون
الإصغاء في طبقة القرار اليوم والنخبة المستحكمة تزين لصاحب القرار
السياسات الخاطئة.. هذا ما قاله عبيدات في أحد الإجتماعات قبل ان يدخل تيار
الأخوان المسلمين في حالة كمون ترقبا لما سيحصل في مصر خلال الشهر المقبل.
وقبل
ذلك نجح الشيخ زكي بني إرشيد تحديدا ومن خلال موقعه المتقدم والمستحكم في
الجماعة الأخوانية بتأجيل سلسلة تصعيدات حساسة يقترحها معتدلون من طراز
سالم الفلاحات وإرحيل الغرايبة حتى تتضح الرؤية أكثر وحتى لا تدخل الجماعة
في حالة صدام مع النظام من الواضح أن البعض في مستويات القرار يسعى لها.
وكانت تلك بحد ذاتها مفارقة مستجدة في المشهد الأخواني حيث يعمل صقور الجماعة الأخوانية على تهدئة حمائمهم.
لكن
داخل الصف الأخواني وداخل أطر جبهة عبيدات يتكاثر النقد لأسلوب وإدارة
الحكم خصوصا بعد تعيين الحكومة الجديدة برئاسة فايز الطراونه الذي يكتفي
بالصمت المطبق عندما يتعلق الأمر بتوجيه أسئلة محددة ومفصلية له كما يتعامل
ببرود سياسي يحسد عليه عندما توصف حكومته مباشرة بأنها حكومة الـ'نعم'.
الشيخ
إرشيد إقترح في أحد الإجتماعات مؤخرا بأن بعض المسئولين في القرار يسعون
إلى إستفزاز المعارضة ودفعها للتصعيد حتى يمرر القصر الملكي مشروعا
بإعتبارات أمنية بحتة لإستعادة هيبة الدولة وإرشيد طالب بعدم السماح لهذا
السيناريو بالعبور عبر الصبر وتجنب التصعيد في مرحلة حساسه ترتفع فيها
نسبة المخاوف بسبب الأزمة المالية والإقتصادية.
بالمقابل يقترح المحلل
السياسي خالد رمضان بأن الإكتفاء بالعمل على 'ترميم' المركز الأمني
البيروقراطي العشائري كوصفة تقليدية لمواجهة حزمة من الأزمات سلوك لا يمكن
القول أنه ينطوي على حكمة في الوقت الذي طرح فيه عضو لجنة الحوار الوطني
مبارك أبو يامين وعبر لـ 'القدس العربي' على المحتفلين بإنكفاء وتراجع
الحراك السياسي السؤال المحرج التالي: ليقل لنا الحكماء إذا إنحسر الحراك
كظاهرة منظمة وسلمية أين سيذهب الإحتقان خصوصا في الأيام المقبلة حيث
يستعصي الإصلاح السياسي ولا تستمع الحكومة للنصائح ويزداد الضغط الإقتصادي
على الناس؟