أخبار البلد -
اخبار البلد
تشير نتائج الدراسات التي أجريت من قبل العديد من المؤسسات العلمية العريقة كجامعة هارفرد ومنظمة التعاون الاقتصادي OECD وغيرها إلى أن فرض ضرائب مرتفعة على القطاعات الاقتصادية يؤثر سلبا على معدلات النمو الاقتصادي. بينما أشارت الدراسات نفسها إلى أن تخفيض الإنفاق الحكومي خاصة الإنفاق الاستهلاكي يزيد من النمو الاقتصادي.
وأشارت نتائج مسح لدول منظمة التعاون الاقتصادي للفترة 1980-2000 أن زيادة بنقطة مئوية واحدة لنسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي تعمل على تخفيض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 0.3 بالمئة ، أو بنسبة 0.6-0.7 بالمئة إذا أخذ الأثر على الاستثمار بعين الاعتبار.
كما أن نتائج دراسة أخرى أجريت من قبل البنك المركزي الأوروبي على 15 دولة من الاتحاد الأوروبي ودول منظمة التعاون الاقتصادي خلال الفترة 1970-2004 بينت أن زيادة نقطة مئوية واحدة في نسبة الضريبة للناتج المحلي الإجمالي تعمل على تخفيض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.12 نقطة مئوية لدول منظمة التعاون وبحوالي 0.13 نقطة مئوية لدول منطقة الاتحاد الأوروبي.
الدراسة نفسها أشارت إلى أن زيادة نسبة الإنفاق الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنقطة مئوية واحدة يخفض الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 0.12 نقطة مئوية لدول منظمة التعاون الاقتصادي وبحوالي 0.13 نقطة مئوية لدول الاتحاد الأوروبي. نتائج دراسات أخرى على دول ومناطق مختلفة في العالم أكدت النتائج نفسها.
صندوق النقد الدولي أيضا أكد أن تخفيض الإنفاق الحكومي يجلب نتائج أكثر نجاحا في تعديل وإصلاح وضع الموازنة العامة والمديونية العامة للدول. فتخفيض الإنفاق الحكومي يعني التزاما أكثر وأجدى للإصلاح المالي ويعطي إشارات واضحة لتخفيض مستويات أسعار الفائدة في السوق وبالتالي يدفع بالطلب من القطاع الخاص. لذا فمن الأفضل تخفيض الاقتراض عن طريق خفض الإنفاق وليس عن طريق زيادة الضرائب.
رفع الضرائب على الشركات ستكون اثاره سلبية على جانب العرض في الاقتصاد وستكون له نتائج سلبية أيضا على الإيرادات في المدى الطويل. رفع مستويات الضريبة حاليا قد يعمل على زيادة الإيرادات خلال السنة المعنية ولكنه سيعمل على تخفيض معدلات النمو الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل وسيعمل بالتالي على مفاقمة العجز في الموازنة وزيادة حجم وأعباء المديونية. وهنا يجدر التذكير أن مثل هذه النتائج السلبية على النمو الاقتصادي تكون متفاقمة أكثر في مراحل التباطؤ والركود الاقتصادي وستحمل نتائج عكسية وسلبية على الطلب الكلي وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام.
الأردن اليوم يعيش في مرحلة هو بأمس الحاجة فيها لاستخدام أدوات السياسة المالية بحكمة واقتدار. وكما نعلم فالسياسة المالية قد تُستخدم لأغراض التحفيز أو لأغراض الإصلاح المالي. نحن بحاجة لأدوات السياسة المالية اليوم لأغراض الإصلاح المالي نظرا لتفاقم عجز الموازنة العامة للمملكة ولتزايد أعباء المديونية العامة للمملكة.
الإصلاح المالي الناجح هو الذي يركز أكثر على تخفيض النفقات الحكومية خاصة الجارية منها وليس على رفع الضرائب. وحتى تكون نتائج الإصلاح المالي ملموسة على النمو الاقتصادي وخزينة الدولة يجب تخفيض الإنفاق الحكومي وأن يرافقه أيضا تخفيض مقبول على معدلات الضريبة وليس رفع لمعدلات الضريبة. رفع الضريبة سينتقل مباشرة إلى المواطنين على شكل ارتفاع في أسعار السلع والخدمات. تخفيض الضريبة سيحسن من الجباية ولنا في الأردن تجربة ناجحة في السنوات الماضية. ترشيد الإنفاق الحكومي خاصة في مسألة الدعم لبعض السلع ومسألة الإعفاءات من الرسوم والضرائب أمر ملح ويساعد في إصلاح المالية العامة للدولة.
تحسين جباية الضريبة وليس رفع الضريبة هو المطلوب. قطاعات واسعة في الأردن لا تدفع ضرائب وقطاعات واسعة تعمل تحت الأرض وهي خارجة عن مظلة الاقتصاد المنظم ويجب العمل ضمن خطة مدروسة لإدخال هذه القطاعات تحت مظلة الاقتصاد الرسمي وتعويض الخزينة والاقتصاد أموالا نازفة كبيرة من هذا الجزء الفاقد من الاقتصاد.