يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بكل ما أوتي من قوة وجهد لإفشال اتفاق وقف النار في غزة، وعرقلة الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، الذي ينتظره الفلسطينيين على أحر من الجمر، بعد عامين من حرب دامية وقاسية.
الإعلام العبري وخلال الأسابيع الأخيرة كثف حديثه عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ومدى تمسك نتنياهو بعدم الوصول لتلك المرحلة "الحساسة والصعبة” بالنسبة له، رغم الضغوط الأمريكية والدولية وحتى العربية من قبل الوسطاء لتنفيذ الاتفاق حسب البنود المطروحة.
وعلى أرض الواقع كثف الجيش الإسرائيلي خروقاته لاتفاق وقف النار، فواصل حربه وقصفه وقتله وارتكاب المجازر، وحتى اغتيال قيادة بارزين في كتائب "القسام” وكان آخرهم القيادي "رائد سعد” الرجل الثاني في "القسام”، على أمل أن يستفز ذلك "حماس” وتنجر لمربع التصعيد مجددًا وتعلن إلغاء اتفاق التهدئة.
في المقابل، أكدت "حماس” أن تلك الضربات الإسرائيلية المستمرة تشكل انتهاكاً للاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة بمشاركة مصرية قطرية، ودعت الوسطاء إلى لجم إسرائيل.
في حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يزور واشنطن الأسبوع المقبل، وغيره من مسؤولي حكومته مراراً، أن إسرائيل لن تتوانى عن مهاجمة "حماس”، مؤكدين ضرورة تسليم سلاحها.
بينما تسعى الولايات المتحدة إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، الذي نص على نشر قوات استقرار دولية، وتشكيل "مجلس سلام” وحكومة تكنوقراط محلية تدير القطاع، على أن تبدأ أعمال إعادة إعمار مناطق غزة التي تحولت إلى ركام ودمار.
وفي تطور لافت، تحدث وسائل إعلام عن رسائل تحذير نقلت لحركة "حماس” في الخارج من قبل دول عربية، بأن إسرائيل تسعى لاغتيال قيادتها حال سنحت الفرصة لذلك، وذلك بأمر مباشر من نتنياهو لإفشال الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار، وجر "حماس” للتصعيد مجددًا.
ورجح الإعلام العبري، بأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة تواجه الكثير من العقبات والعراقيل ومن الصعب أن يتم الانتقال لها في الوضع، حتى لو سلمت حركة "حماس” جثة آخر أسير موجود في غزة.
فيما ذكرت وسائل إعلام أخرى بينها صحيفة "هارتس”، أن أي ملف متعلق بغزة سيبقى مجمدًا هذه الفترة حتى اللقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض المقرر الأيام القليلة المقبلة، وهو ما يعني فعليًا استمرار القصف والضربات على غزة حتى تحديد مصير ملف التهدئة والمرحلة الثانية.
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ذكر أن الولايات المتحدة تعمل على التحرك بسرعة لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة، مضيفاً أنّ "الحرب توقفت في غزة، وهناك بالفعل المزيد من العمل، ونعمل على إنهاء المرحلة الأولى والانتقال لتنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة”.
وربط روبيو دخول كامل المساعدات إلى الأجزاء التي تسيطر عليها حماس بوجود قوة قادرة على تأمينها بالكامل بعيداً عن الحركة، و”لذلك نحن في عجلة من أمرنا بشأن القوة الدولية والاتفاق على تكنوقراط فلسطينيين يتولون الأمور، من أجل دخول المزيد من المساعدات، ثم الانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار”.
وفي الأثناء، تتجه الأنظار إلى ميامي، إذ قالت متحدثة البيت الأبيض إن المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر سيعقدان اجتماعا آخر اليوم مع مسؤولين من قطر ومصر وتركيا، وأوضحت أن ويتكوف سيبحث في ميامي مع الوسطاء القطريين والمصريين والأتراك الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب.
وكان موقع أكسيوس قد نقل عن مصادر قولها إن المسؤولين الذين سيلتقيهم ويتكوف هم رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان، والمصري بدر عبد العاطي.
وفي هذا الإطار، قال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس” باسم نعيم، إن المحادثات المقررة في ميامي للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف خروقات إسرائيل للهدنة، وأضاف نعيم لوكالة الصحافة الفرنسية "يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وضع حد للعربدة الإسرائيلية المستمرة ووقف كافة الخروقات والانتهاكات وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ”.
وكانت قطر ومصر -اللتان تتوليان دور وسيطتين وضامنتين لوقف إطلاق النار في غزة- حضتا في الآونة الأخيرة على الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة الرئيس الأميركي.
وتنص المرحلة الثانية على أن تُسلّم حماس أسلحتها وتنسحب إسرائيل من مواقعها الحالية في غزة وتتولى سلطة انتقالية الحكم في القطاع مع انتشار قوّة استقرار دولية.
ويبقى التساؤل المطروح… هل يفعلها نتنياهو ويغتال قادة "حماس” في الخارج ويبعثر أوراق غزة؟ ومن القادر على منعه؟