لصوص الصحة النفسية: أعداؤنا الخفيون في رحلة الحياة المعاصرة

لصوص الصحة النفسية: أعداؤنا الخفيون في رحلة الحياة المعاصرة
أ. د. اخليف الطراونة
أخبار البلد -  
في عالمنا المعاصر، تتزايد الضغوط الأكاديمية والاجتماعية بشكل مستمر، ويظهر في حياتنا أعداء خفيون يُعرفون بـ "لصوص الصحة النفسية”. هؤلاء ليسوا مجرمين يرتدون أقنعة، بل يتخفون في تفاصيل حياتنا اليومية: في رسائل البريد الإلكتروني التي لا تنتهي، في الإشعارات الرقمية المستمرة، وفي علاقات صامتة لكنها مستنزفة للطاقة. تأثيرهم يمتد إلى أعماق قدرتنا على التفكير، والإبداع، واتخاذ القرارات، وغالبًا ما يتركنا غارقين في الإجهاد النفسي دون أن ندرك مصدره.

أحد أكثر هؤلاء اللصوص شيوعًا هو لص المقارنة، الذي يظهر بشكل واضح عبر وسائل التواصل الاجتماعي. نرى نجاحات الآخرين وكأنها نتائج سهلة، بينما الحقيقة غالبًا ما تكون سنوات طويلة من الكفاح والصعاب غير المرئية. المقارنة المستمرة تقلل من شعورنا بالإنجاز وتضعف التقدير الذاتي، بينما التحدي الحقيقي يكمن في أن يكون معيارنا لأنفسنا نحن، لا للآخرين.

هناك أيضًا لص الإرهاق المزمن، الذي ينبع من الانشغال المستمر والسعي لتحقيق الإنجاز بلا توقف. تجاهل إشارات الجسد والعقل للراحة يؤدي إلى استنزاف الطاقة النفسية ويقوض القدرة على التفكير العميق والإبداع المستدام. كل دقيقة مخصصة للراحة ليست رفاهية، بل استثمار حيوي لإنتاجية أعلى وأفكار أوضح.

ومن أخطر هذه اللصوص العلاقات السامة، فالأشخاص الذين يزرعون الشكوك في أنفسنا أو يحوّلون كل تفاعل إلى اختبار عاطفي يمثلون عبئًا نفسيًا كبيرًا. اختيار المحيط الاجتماعي الداعم أمر أساسي للحفاظ على التركيز والطاقة الذهنية، وهو شرط أساسي لتحقيق الأداء الأكاديمي والمهني المتميز.

السعي إلى الكمال يمثل لصًا آخر، فهو يحوّل الإنجازات إلى شعور دائم بالفشل، ويقلل من متعة التقدّم والتحسين المستمر. الجودة والعمل المتقن أهم من المثالية المطلقة التي لا يمكن بلوغها، ويجب أن يكون السعي للكمال متوازنًا مع الرضا عن الإنجازات المستمرة.

حتى الضوضاء الرقمية اليومية يمكن أن تكون لصًا مستترًا، فالهواتف والإشعارات المتلاحقة، ومقاطع الفيديو، والرسائل التي لا تنتهي، كلها تسرق التركيز والهدوء. القدرة على إدارة ما يصل إلينا من محتوى رقمي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحفاظ على الطاقة النفسية والقدرة على الإنتاج العلمي والمهنية العالية.

إن حماية الصحة النفسية تتطلب وضع حدود واضحة للعمل والراحة والتفاعل الرقمي، وإدارة الطاقة الذهنية بعناية، ومعاملة الذات بلطف ورحمة كما لو كنا نتعامل مع شخص مقرب يمر بظرف صعب. كما أن الاختيار الواعي لما نعرض له أنفسنا من محتوى ومن نتواصل معهم ومن الأفكار التي نسمح لها بالبقاء في ذهننا يعد جزءًا أساسيًا من هذا الحماية.

الصحة النفسية ليست رفاهية، بل رأس المال الحقيقي الذي تُبنى عليه كل إنجازاتنا، سواء الأكاديمية أو المهنية أو الشخصية. المحافظة عليها ليست خيارًا، بل شرط أساسي للعيش بإنتاجية وإبداع ورضا حقيقي عن الذات. من يدرك هذا يستطيع تحويل الضغوط إلى فرص للنمو والتفوق المستدام. 
شريط الأخبار "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب Formycon وMS Pharma توقّعان اتفاقية شراكة حصرية لتسويق النظير الحيوي لدواء ® Keytruda الأمن يطلق خدمة التدقيق على المركبات لمعرفة قيودها وطلباتها مقتل ابو شباب والاحتلال يعلق أنظار الأردنيين تتجه بشغف إلى واشنطن لمتابعة قرعة المونديال غدا تعرف على أغنى 10 أشخاص في العالم 4 اصابات بحادث للباص السريع في عمان ارتفاع أسعار الجفت والحطب يضع ومأزق كلفة التدفئة الإيعاز بالإفراج عن 453 موقوفا إداريا الملخص اليومي لحجم تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة الخميس وتغلق تداولاتها بنسبة انخفاض 0.18% عامل وطن: ضاغطة نفايات انهت حياتي ومنذ شهور اطلب لقاء امين عمان الشواربة