عندما نشارك في استطلاع الرأي في مراكز الدراسات الوطنية غالبًا ما تصدمنا النتائج، فغالبًا مركز الدراسات في الجامعة الأردنية بعد 100 يوم على تشكيل أي حكومة يعطي نتائج غير متفقة مع الواقع حيث يشير دائمًا إلى الرضا الشعبي للأداء الحكومي، بينما حين نشارك باستطلاعات خارج نطاق الرقابة الحكومية يظهر العكس وهذا بالفعل مع نتائج مركز الدراسات العربي الأوروبي في باريس، حيث أشار الاستطلاع الأخير حول الأردن إلى:
تراجع الإصلاح في الأردن مؤشر لفوضى تهدد الأمن والاستقرار في البلاد
باريس - خاص
اظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات العربي - الأوروبي في باريس أن عدم ملكية الحكومات الأردنية المتعاقبة للولاية العامة هو احد الأسباب الرئيسية وراء الأزمات الحكومية المتتالية في الأردن. وقال 83.3 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع أن الأزمة اليوم في الأردن هي أزمة حكم وليس أزمة حكومات ، وان وجود حالة من عدم الاستقرار السياسي ناتج عن صراع بين ما يسمى قوى الشد العكسي وهم المتنفذون المستفيدون من استمرار الحالة الراهنة على ما هي عليه وبين أية حكومة توجهها إصلاحي .
واعتبروا أن تداخل السلطات الثلاث إضافة لحكومات الظل والممثلة بالمجلس الأمني وعدم تقديم تنازل سياسي ملموس من قبل العاهل الأردني للإصلاح بمثابة مؤشر لدخول الأردن حالة عدم استقرار . إما 11.9 يرون أن عدم انسجام الحكومات مع الشعب الأردني هو السبب وراء الأزمات الحكومية . أما 4.8 في المئة يرون أن المتغيرات الداخلية والإقليمية تفرض واقع تغيير الحكومات السريع . وخلص المركز إلى نتيجة مفادها :
لا تمر عدة أشهر على ولادة حكومة جديدة في الأردن إلا وتستقيل ليعود العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى تكليف نفس رئيس الحكومة بتشكيل حكومة جديدة او بتكليف شخص أخر غالباً ما يكون من ضمن المحيطين بالقصر .
هذه الحالة فرضتها عدة أسباب منها :
الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه الأردن وارتفاع نسبة البطالة وكثرة المديونية وضعف توافر فرص العمل وغلاء الأسعار .
حصول ربيع عربي في أكثر من دولة دغدغ مشاعر البعض في الأردن للقيام بالمثل ، أو على الأقل للمطالبة بالإصلاح خاصة وان القوة السياسية الرئيسية في الأردن هي حركة "الأخوان المسلمين " أي هي الامتداد الطبيعي للسلطات الناشئة في مصر وتونس والمغرب وليبيا .
عدم قدرة النظام على إحداث إصلاحات سريعة تستجيب لمطالب المواطنين مخافة إن تتحول إلى فوضى تهدد الأمن والاستقرار في البلاد .
وجود حساسيات وطنية ما بين من ينتمي أصلا إلى هذا البلد وبين من هو وافد منذ فترة زمنية محددة .
الصراع السياسي الحاصل بين من يريد مواصلة مسيرة السلام مع إسرائيل وبين من يريد وقفها.
تداعيات الوضع السوري والوضع العراقي على مجريات الأمور في الأردن.
التركيبة الديموغرافية المعقدة وأبعادها العائلية والعشائرية .
وجود متنفذين من أصحاب المكتسبات الذين لا يرغبون بإحداث أي تغيير أو تطوير.
ضعف الموارد التي تمتلكها الدولة وشح المساعدات الخارجية .
من هنا ، وكما قال أكثرية من شارك في هذا الحوار، إن المشكلة باتت اليوم مشكلة حكم وليس مشكلة حكومة وهذا ما يسعى إلى حله العاهل الأردني الذي لا زال وجوده ضرورة وطنية ، والذي يعي إن الإصلاح طريق ناجح للاستقرار.
وفي ظل هذا الاستطلاع الذي شاركنا به فإننا نجده يحاكي الواقع وإننا في الأردن من الأكيد نمضي نحو المجهول.
مالك خلف القرالة