أخبار البلد -
اخبار البلد_ تعج الساحة الحقوقية بالعديد من التساؤلات حيال آداء المركز الوطني لحقوق
الإنسان، خلال الأربعة شهور المنصرمة، أي منذ بدء ولاية عامة جديدة
للمؤسسة.
وفيما يبدو فإن بوادر عديدة تدخل في دائرة التأكيدات بأن ولاية موسى بريزات
تبدو مغايرة تماما عن ولايات سبقت، سطر فيها المركز إنجازات لن تنسى بحقه.
في المرحلة الراهنة الملتهبة بنار الثورة والتحرر وانتهاكات حقوق الإنسان
والتوق إلى الحرية، اكتفت المؤسسة الوطنية المفترض بها أن تشكل خط الدفاع
الأول عن الإنسان وحقه في التعبير، بالصمت حيال قضايا ساخنة على الساحة
المحلية.
في هذا المقام يطرح بأن البيان الذي إن جازت تسميته بـ"الأوحد" الصادر يوم
الخميس الماضي بشأن تحرك المركز للدفاع عن شباب "حراك الطفيلة"، يشفع
بالقليل القليل للمركز، بيد أنه جاء متأخرا كثيرا، واتسمت جهود المركز التي
ذكرها البيان بـ"الصامتة"، وهذا وصف حق.. فكيف للشارع أن يتنبأ بأدوار لم
يعلن عنها؟!
لم يحالف المركز الحظ في اختيار توقيت إصداره البيان، فأغلب الاتجاهات
المراقبة تؤكد أن التلويح الجدي "لحراك الطفيلة" بتنظيم اعتصام يوم غد
الاثنين، استدعت بقوة ضرورة إصدار البيان.
ويخشى ما يخشى بأن الخوف بات محركا لعجلة الدفاع عن قضية في هذه البلاد،
ربما أصاب المركز في تدارك الموقف المتأزم باختياره الإعلام سبيلا لطمأنة
شباب الحراك الثائرين، الذين أسندوا حملتهم في مناصرة حقهم لمؤسسة رسالتها
الأساسية الدفاع عن حقوق الإنسان، لكن المركز بالتأكيد لم يفلح في توقيت
الإعلان عن جهوده.
والسؤال هنا: ما الذي يخسره المركز إذا ما أعلن عن جهوده في متابعة قضايا
انتهاكات حقوق الإنسان؟ أوليس من حق المتظلم أن يعرف أين وصلت شكواه، أم هي
ملفات باتت توصف بــ"سري للغاية"؟، والآمال معقودة على ألا يحتاج متظلمو
حقوق الإنسان ممن تنتهك حقوقهم أفرادا وجماعات للاعتصام أو الاحتجاج بأي
وسيلة كانت من أجل انتزاع حقوقهم.
السياسة الإعلامية للمركز رسمت معالمها بشكل واضح، والبصمة الحكومية واضحة
العيان، لأجل ذلك كان العتب شديدا على المركز؛ فالمراقب لما ينشر في وسائل
الإعلام أو مما يمتنع الصحفيون عن نشره بكل ما يتعلق بالمؤسسة مقتصر على
أخبار العلاقات العامة، من زيارات للمركز واستقبالات بعيدا عن الجهود
والأدوار التي يفترض بالمركز القيام بها.
لم يعهد في تاريخ المركز الصمت، وهو وجد لينطق لا ليسكت، فإن كان لا بد له
وأن يصمت، فإنه من الأفضل أن يصبح وزارة لا مؤسسة مستقلة؛ وفي الحالين
تختلف الأدوار المطلوب أداؤها من المؤسسة، ولا عتب حينها.
ولمن لا يعلم، فإن التحولات في أدوار المركز لم تبدأ منذ أربعة شهور، بل
جاءت تدريجيا منذ أيار العام الماضي، أي منذ تعيين مجلس أمناء جديد للمركز،
تغلب عليه الصبغة الاقتصادية لأعضائه، ويغيب عنه أشخاص من ممثلي المجتمع
المدني، ما يؤكد بأن مؤسسة الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات في البلاد
باتت ديكورا شكليا ابتدعته الحكومة.
ونطرح في تساؤلاتنا حول أداء المركز وأدواره الحقيقية تساؤلا عن غياب
الإعلان عن التقرير السنوي للمركز حول أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العام
الماضي 2011، حتى اللحظة.
قارب العام على الانتصاف وما يزال تقرير المركز في طي الكتمان، فمتى سيفرج
عن التقرير، وماذا تبقى من العام؛ إذ إنه من المفترض أن يكون المركز قد بدأ
في إعداد تقريره السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان للعام الجاري 2012.
على ما يبدو يتجه سلوك المركز في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان باتجاه
إجراءات تجوز تسميتها بـ"الاحتجابية" و"الاحترازية"، إجراءات لا تليق
بالتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان، ولا تتفق مطلقا مع عصر لاهب بالحدث
يتوق للتحرر ويرفض الظلم والاعتداء على الحقوق.
يغيب عن ذهن القائمين على المركز الحاجة الماسة لاستثمار واقتناص فرصة
تسجيل الإنجازات العظيمة في الانتصار لحقوق الإنسان، ضمن ساحة لاهبة بالحدث
ساعة فساعة، كما يغيب عنهم تماما فرصة استثمار الإعلام كسلاح لنصرة رسالة
الدفاع عن حقوق الإنسان، وكشف الانتهاك.
على الساحة المحلية وبين يدي المؤسسة الوطنية المستقلة جملة قضايا ينتظر
منه أن يكون فيها لاعبا ضاغطا ومؤثرا نحو خدمة حقوق الإنسان والدفاع عنها،
ولا يفهم النقد في حق المركز على أنه انتقاص من شأنه بقدر ما يلعبه النقد
من دور رقابي يقصد منه الاستمرار في العطاء وبناء الإنجازات لا وقفها أو
هدمها.