اخبار البلد
الاستغفال الحقيقي لمشاعر الاردنيين وحقوقهم ومصالحهم والاعتداء على حرياتهم ممارسة اسبوعية اصبحت من وظائف حراكات محددة وجماعات تأزيم اشتبكت في اذهان قياداتها عناوين المطالب لدرجة الجمع بين المطالبة برحيل الحكومة التي تشكلت قبل اسبوعين وبين التضامن مع الاسرى المضربين عن الطعام في السجون الاسرائيلية .
قلنا قبل هذه المرة أن قلة الشغل هي التي جعلت من حراكات الشوارع كل يوم جمعة تسلية للبعض ومشروعا سياسيا للبعض الآخر وميدانا للشهرة لبعض ثالث يلعب من أجل تضييع الوقت بعد ان كسب الشوط الاول بهدف سجل بداية الحراك في انتهاز واضح للثورات الشعبية في بلدان عربية أخرى ,وقلنا ايضا ان في الاردن حراكات شعبية وأخرى نخبوية وطنية وثالثة انتهازية لكل منها شعارات تختلف عن الاخرى رغم انها تخرج في نفس التوقيت وتعبر نفس الشارع ,وهذا ما يفسر غوغائية بعض المطالب وغرابة بعضها الآخر ثم بكل تأكيد صدقية البعض الثالث ,لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن مسيرات الجمعة اصبحت تعاني شح الشعارت مؤخرا وتناقضها الحاد ايضا مع ما يريده الاردنيون من هذه الحكومة وما ارادوه من الحكومات التي سبقت,والملاحظ ايضا أن الربط بين التضامن مع اسرى سجون الاحتلال المضربين عن الطعام وبين المطالب الاصلاحية في الاردن يأتي لغاية واضحة وهي استغلال عواطف الاردنيين جميعا صغيرهم وكبيرهم المسؤولين منهم والمواطنين العاديين المتضامنين بقلوبهم وعقولهم مع الاسرى في سجون الاحتلال, وركوب هذه الموجة كما حدث من قبل ومورست افضح اشكال الانتهازية باستغلال حراك الشارع لمآرب حزبية وتنظيمية وشعبوية رخيصة .
اقل ما يقال الآن ان حراكات ايام الجمعة اصبحت مملة ,وهذا يعني بلغة علم النفس أنها افلست ولم تعد مشوقة ولا مثيرة للفضول ,وهنا فرق كبير بين حراكات اصبحت الشغل الشاغل لمنظميها ووظيفة لهم كل يوم جمعة ولهذه دوافع واسباب لا علاقة لها بالاصلاح ,وبين حراكات شعبية عفوية ذاتية التمويل دافعها مواصلة الضغط لتشجيع الدولة على المضي قدما في عملية الاصلاح بلا تردد ,ومن المهم هنا التفريق ايضا بين حراك دافعه شخصي واقصى غاياته لفت الانتباه لتحصيل منصب او تحقيق مكسب ,وبين بقية الحراكات التي تخرج دون توقيت محدد ولا حتى هدف محدد ,فهذه تؤدي وظيفة وطنية وترفع مطالب نتفق معها جميعا وعلى رأسها الاصلاح ومحاربة الفساد بل واجتثاثه من جذوره ,والمصيبة الحقيقية ان جميع الحراكات ترفع نفس الشعارات مما يشكل اساءة بالغة للحراك الشعبي الحقيقي الذي بات يدرك انه يستغل في القضايا السياسية وحتى في معارك تصفية الحسابات .
لم تتعامل الدولة حتى الآن - امنيا على الأقل – مع الحراكات الممولة والمدفوعة ,ولم تتجرأ جماعات الظل بعد على تجاوز الخطوط الحمراء ,ولكن السياق التاريخي لفعاليات الحراكات المختلفة منذ سنة الى الآن يسجل بعض الملاحظات المهمة على هذا الصعيد ,فالحراك الذي انطلق يطالب بالاصلاح ورفع شعارات تدعو الى ذلك الى جانب شعارات تطالب بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وجميعها شعارات مقبولة ,اصبح الان يقرر كيف يكون الاصلاح ومن هم الفاسدين ,وأكثر من ذلك رفع سقف الشعارات تدريجيا لموازاة ما تقوم به الحكومة ثم تجاوز هذا السقف الى طلبات تعجيزية ,والآن نشهد حالة من الخلط بين ما هو وطني ويقع ضمن المشروع الاصلاحي الاردني ,وبين قضايا جانبية وإن كانت على قدر كبير من الاهمية بالنسبة لنا كاردنيين مثل العودة لمناقشة اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية من موقع الحرص على مصالح الاردن وهذه قضية قديمة جديدة ,وكذلك الحال بالنسبة لقضية الاسرى المضربين عن الطعام وهي قضية الجميع وفوق ذلك طارئة وتحتاج الى فعل عربي ودولي عاجل ,اما اضافتها الى شعارات الاصلاح الداخلية في الاردن فانتهازية واضحة تجعل من جوع المضربين حدث يستغل لمآرب أخرى .