كله تمام سيدي

كله تمام سيدي
نضال المجالي
أخبار البلد -  
سعيد بأن ذهب العنوان بمخيلتك لما في داخل عقلك من توقعات لمحتوى المقال، ولكن سامحني لن أقدر أن أخوض بذات المستوى من مخيلتك عن ذات الزمان والأشخاص حتى أضمن أن أكتب مقال الأسبوع القادم وتكون أموري «تمام».

الغاية أننا نجمّل الأشياء ونتائج وأثر القرارات والأعمال في جلساتنا واجتماعاتنا مع المسؤول الاول او من يليه، ولكن الحقيقة مخالفة لذلك.
المشهد بات محفوظاً: اجتماع رسمي، مسؤول يتصدر الطاولة، فريق عمل يفتح ملفات لامعة، ثم تنطلق الجملة السحرية: «سيدي، الأمور تحت السيطرة… الإنجازات عظيمة… كله تمام!» وهكذا، يخرج الجميع وكأنهم وضعوا حجر الأساس لمستقبل واعد.
لكن ما إن تنتهي الجلسة، حتى يظهر الواقع الذي لم يجرؤ أحد على ذكره: مشروع سكة الحديد الذي بُشّرنا بأن أرباحه ستكون عظيمة، ولن يتأثر دخل سائقي شاحنات النقل، فيما يعرف حامل الملف أن السائقين وعائلاتهم هم أول من سيدفع الثمن. مقترح سيطرة أجنبية على منظومة لوجستية كاملة بعوائد مالية كبيرة ترفع من جودة الحركة وهم يعلمون أن ذلك يجعلنا تحت رحمة إدارة مالك المنظومة ومستوى طموحاته. مستشفى جديد افتُتح باحتفال ضخم، لكنه بلا أطباء مقيمين واحيانا خط نقل عام باتجاهه، ومع ذلك قيل: «الخدمة متوفرة على مدار الساعة». طريق مبلط حديثاً، امتلأ بالحفر مع أول شتوة، لكن التقرير الرسمي كتب: «المشروع أنجز بجودة عالية».
تلك الأمثلة ليست نادرة، بل هي جزء من ثقافة ترسخت في العمل العام: ثقافة تلميع، وإخفاء الخلل، واختراع لغة وردية تُسكب فوق قرارات هشة. الموظف يتجنب قول الحقيقة لأنها قد تُفهم على أنها تهجم أو تمرد، فيكتفي بتكرار لازمة «كله تمام» حتى لو كان يعلم أن كل شيء ليس تماماً.
لكن الصدق ليس تهوراً ولا مخاطرة، بل هو أبسط شروط الإصلاح. المسؤول الذي لا يسمع إلا المديح، كيف سيتخذ القرار الصحيح؟ وأي مشروع يُبنى على تقارير منمقة وأرقام مزيفة سينهار عاجلاً أم آجلاً، مهما صُوّر أمام الكاميرات على أنه «إنجاز وطني».
تخيل لو أن أحدهم تجرأ وقال: «سيدي، الطريق مليء بالحفر، السكة لن تحقق الأرباح الموعودة، والمستشفى بلا كادر كافٍ». قد يبدو الكلام صعباً في لحظته، لكنه يفتح الباب لحلول حقيقية، بينما «التطمين الكاذب» لا يجلب سوى مزيد من الأزمات.
وإن استمرت هذه العادة، فلا غرابة أن يتحول «كله تمام» إلى الشعار الرسمي غير المعلن للحياة العامة: يُكتب على جدران المدارس، يزين التقارير السنوية، وربما يخرج من البريد الإلكتروني الرسمي او مركز خدمات الشكاوي والرد الآلي كرسالة آلية: «تم استلام شكواك… كله تمام».
الصدق يا سادة، ليس ترفاً، بل هو صمام أمان لبناء ثقة الناس بالدولة. أما المجاملة فهي قد تحفظ وجوهاً في لحظة، لكنها لا تبني مؤسسات. وإن أردنا إصلاحاً حقيقياً، فلنبدأ بكلمة واحدة قد تبدو ثقيلة، لكنها أكثر قيمة من كل التصفيق: «سيدي، كله مش تمام».

شريط الأخبار "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب