أخبار البلد -
اخبار البلد_ في أول تصريحات علنية حول ظروف استقالته، قال رئيس الوزراء السابق عون
الخصاونة لمجلة الايكونومست البريطانية، إن هناك ثلاث حكومات في الأردن
حكومة الديوان وحكومة المخابرات والحكومة الحقيقية.
وفيما يلي ترجمة المقابلة الصوتية للخصاونة بتصرف:
عانى المشهد السياسي الأردني الهادئ عامة من اضطراب الأسبوع الماضي بعدما
اتخذ رئيس الوزراء عون الخصاونة الخطوة غير الاعتيادية بتقديم استقالته.
كان الخصاونة قد اختير من قبل الملك عبدالله الثاني في 2011 لدفع الإصلاحات
الديمقراطية والاستجابة للربيع العربي، لكن المؤسسات الأمنية جابهت جهوده
باستمرار.
قابلت "إكونوميست" الخصاونة في منزله الكائن في غرب عمان، حيث أوضح لماذا
دفعته جهود القصر لتمديد الدورة العادية لمجلس الأمة، الأمر الذي يخالف
رغبته، لتقديم استقالته.
إذ بيّن الخصاونة أنّ الدورة العادية تتضمن مناقشة كافة القوانين وطرح
الأسئلة، كما يمكن استجواب الوزراء، والقيام بتصويت منح الثقة وغير ذلك،
فيما تنحصر مهام الدورة الاستثنائية بمناقشة قوانين محددة، وهو ما يمكن من
إنجاز تلك القوانين والتشريعات.
وقال الخصاونة إنه عندما كان في اسطنبول هاتفه أحد مستشاري الملك ليبلغه
بالرغبة الملكية بتمديد الدورة العادية للبرلمان، موضحا أنّ السبب الذي
قدّمه هذا الشخص هو إصرار الملك على إنجاز ما تبقّى من تشريعات مطروحة أمام
النواب.
وكان ردّ الخصاونة حينها أنّه تقدّم بتوصية لعقد دورة استثائية بدلا من
تمديد الدورة، وأنّه هو من يدير البلد، وهو رئيس الوزراء، ولا يقبل تعليمات
من الديوان الملكي، فالملك يحكم من خلال الوزراء لا من خلال المستشارين،
فنظام الحكم لدينا برلماني وليس نظاما رئاسيا. الأمر الذي جعل الخصاونة يرى
أنّ تقديم الاستقالة هو الأمر الوحيد المشرّف له، وهو ما قام به.
وتابع: "في وقتنا هذا الذين يستقيلون بسبب مبادئهم مات أكثرهم، رغم أنّ ذلك
من عاداتنا التاريخية، إلاّ أنّ الناس حاليا يأملون البقاء في مناصبهم،
بدلا من مغادرتها".
وحول الربيع العربي ومتطلباته والوضع في الأردن، قال الخصاونة: "عندما
تولّيت رئاسة الوزراء في تشرين الأول كان الأردن برأيي ودون مبالغة على شفا
حرب أهلية، فالأمور كانت تتجه إمّا للتحسّن أو التدهور لحال شبيه بما يحدث
في سوريا، فكنّا بحاجة إلى تغيير الحكومة حينها. ولا أقول بالضرورة إنّ
حكومتي كانت البديل عن سابقتها، ولو بقيت الحكومة، فأنا شبه متأكد من
انزلاق البلاد نحو العنف السياسي، وهو أمر خطير في مجتمع عشائري".
وتابع أنّ الخطوة الأولى له كانت بفتح باب الحوار مع الإسلاميين، مبيّنا
أنّه دعاهم وسألهم الانضمام في تشكيل الحكومة ورفضوا، إلاّ أنّه أسس معهم
علاقة طيبة، وهذا ما جعل الناس يتّهمونه بأنّه مؤيّد للإسلاميين، الأمر
الذي قال إنّه غير صحيح إلاّ أنّه "ليس من ضمن الفكر الذي يقوم على إقصائهم
وتهميشهم"، مشيرا إلى أنّ الضمان الأفضل لاستمرارية النظام السياسي يكون
بمشاركة كافة الأطياف في الحياة السياسية وليس بإقصائها، لكي يتحولوا من
معارضة للدولة "ليس كالمعارضة بالمنظور البريطاني"، لكن بكونهم ضدّ الحكومة
والدولة، إلى جزء من النظام، وتستمر العلاقة الجيدة معهم، مضيفا اعتقاده
أنّ الحكومة نجحت بشكل لافت في تقليل التوتر في الأردن من خلال الحوار
واحترام كافة الأطياف خارج مؤسسة الحكم، وهذا الإنجاز الرئيسي للحكومة، إذ
إنّ الدولة أكثر هدوءا حاليا، حسب تعبيره.
وحول إبعاد قيادات حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وإن كان هنالك من عارض
تصريحاته، أوضح الخصاونة أنّ الأجهزة الأمنية هي من كانت وراء قرار إبعادهم
عام 1999، وأنّ الحكومة في ذلك الوقت كانت مطيعة لتطبيق ذلك القرار، وقال
إنّ رئيس الوزراء في حينه كان أحد المعترضين على تصريحات الخصاونة، وأضاف:
«مما كان سيدفعني للتوجه إليه للقول بأنه ليس هو من اتخذ القرار وإنما
دائرة المخابرات العامة».
وأشار إلى أنّ دائرة المخابرات العامة اتخذت موقفا معارضا لتصريحاته
ولسياساته، حيث كانوا يفكرون بعقلية المؤامرة "الأنجلو أمريكية-
الإسلامية"، أو القول بأنّه "كشخصية من عائلة أردنية عريقة" يتجه لمنح
الأردنيين من أصول فلسطينية حقوقا أكبر".
وعن الإصلاحات أوضح الخصاونة بأنه لم يكن هنالك أيّ إصلاحات في الفترة
الماضية، بل على العكس من ذلك يعتقد أنّ "المبدأ الأساسي للديمقراطية بتحمل
الحكومة لمسؤولياتها أمام البرلمان قد دمّر بالكامل، واستبدل بالإرادة
الملكية المباشرة من خلال مستشاريه"، مبيّنا أنّ عام 1952 كان لدينا دستور
أكثر تحررا من الممارسات السياسية وتطبيق الحكم من العقود الثلاثة الأخيرة.
وقال الخصاونة إنّه كان هنالك 3 حكومات تتمثل بالديوان الملكي الذي أصبح
أكثر قوة، وجهاز المخابرات إضافة إلى الحكومة الحقيقية، مشيرا إلى أنّ تلك
الجهات أرادت أن تتعامل مع رئيس الحكومة كشخص وظيفي منفذ لقراراتهم، الأمر
الذي لم يكن بمقدوره القبول به، الأمر الذي قد يقود إلى التوتر في البلاد"،
وهذا لا يعني قبول أيّ رئيس وزراء بأن يكون منفذا لقراراتهم".
وعمّن عارضوا سياساته أكّد الخصاونة أنّ "هؤلاء يعتقدون أنّ ما يعرف
بالربيع العربي خفّت حدته، وأنّ بإمكانهم العودة إلى الطريقة القديمة، وهم
بذلك أسوء طلاب للتاريخ، لأن الربيع فصل سيستمر بالعودة مرة تلو الأخرى"،
مضيفا أنّه لا يتمنى أن يمسّ الأردن أيّ سوء، وأن يكون المستقبل أفضل، بعد
الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور فايز الطراونة.