واصلت إسرائيل ضخ الأخبار التي تتحدث عن وجود "تقدم” في المفاوضات "غير المباشرة” الخاصة بالتهدئة، مشيرة إلى تقديمها خرائط جديدة للانسحاب من قطاع غزة، بخلاف تلك التي قدمت سابقا، فيما تلتزم حركة حماس الصمت تجاه ما تردده وسائل الإعلام الإسرائيلية من معلومات في هذا الشأن.
وخلال الساعات الماضية، نشرت وسائل الإعلام العبرية تقارير عديدة تزعم إحراز تقدم في المفاوضات، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على تصريح قيادي في حماس أكد فيه عدم وجود أي اختراق حتى الآن، وعدم تقديم إسرائيل خرائط جديدة توضح مناطق الانسحاب من غزة في حال التوصل إلى اتفاق تهدئة، بعدما رفضت الحركة الخرائط السابقة التي أبقت سيطرة جيش الاحتلال على أكثر من 40% من مساحة القطاع.
حديث إسرائيلي عن تقديم خرائط انسحاب جديدة تبقي على احتلال رفح
ونقل موقع قناة i24NEWS الإسرائيلية عن أحد مصادره قوله إن "المسألة الحالية لم تعد تتعلق بمحور موراج، بل بالوجود الإسرائيلي في منطقة رفح”. وزعم المصدر أن الوسطاء متفائلون حيال الخرائط الجديدة التي قدمتها إسرائيل، معتبرا أنها "تعزز بشكل كبير إمكانية التوصل إلى اتفاق قريبا”.
وبحسب المزاعم الإسرائيلية، فإن الخرائط الجديدة التي عرضت على الوسطاء تفيد بتخلي إسرائيل فعليا عن بقاء قواتها في "محور موراج”، فيما أكد المصدر: "يشعر الوسطاء بالتفاؤل، فالخرائط الجديدة تُعزز بشكل كبير إمكانية التوصل إلى اتفاق قريبا”.
وتشير المعلومات التي تروج لها وسائل الإعلام العبرية إلى أن الخريطة الجديدة تقضي ببقاء قوات الاحتلال على عمق 1.2 كيلومتر شمال "محور فيلادلفيا”، وعلى عمق 1.1 كيلومتر في شمال وشرق قطاع غزة.
ويعني ذلك أنه حتى في حال وافقت إسرائيل على الانسحاب من "محور موراج” الذي يفصل بين خان يونس ورفح، فإنها لن تنسحب من مدينة رفح ذاتها، ما يعني استمرار احتلال المدينة وبقاء مراكز توزيع المساعدات التي تديرها شركة أمريكية هناك.
وتفيد الرواية الإسرائيلية بأن هذه الخرائط ستُنقل إلى حركة حماس عبر الوسطاء، على أن تتركز جولات التفاوض المقبلة حول مفاتيح إطلاق سراح الأسرى.
وكعادته، شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الترويج للرواية الإسرائيلية، قائلا إن لديه "أخبارا جيدة” بشأن قطاع غزة، وذلك رغم تأكيده في بداية التفاوض وجود اتفاق وشيك خلال يومين، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وكانت قناة "القاهرة الإخبارية” قد أفادت بأن الجهود تُبذل برعاية مباشرة من رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وبالتنسيق مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، في ظل مساعي الوسطاء لتجاوز العقبات التي تعترض المفاوضات بين الأطراف المعنية.
وحتى في حال تأكدت المعلومات حول الخرائط الإسرائيلية الجديدة التي تُبقي على احتلال رفح، فهي لن تحظى بقبول لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، إذ إنها من حيث الجوهر لا تختلف كثيرا عن الخرائط السابقة باستثناء إزالة "محور موراج”، مع استمرار احتلال رفح.
وكانت حركة حماس قد رفضت، خلال جولات المحادثات الجديدة للتهدئة، التي انطلقت بداية الأسبوع الماضي، استمرار آلية توزيع المساعدات التي تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة في ظل سقوط ضحايا يوميا أثناء توجه المدنيين إلى تلك المناطق التي تحولت إلى "مصائد موت”.
وحتى كتابة هذا التقرير، لم تصدر حركة حماس أي تعليق رسمي بشأن التقارير الإسرائيلية الأخيرة. وكان آخر تصريح للحركة في هذا الشأن ما أدلى به القيادي باسم نعيم، الذي قال إن الاحتلال "منخرط في العملية التفاوضية نظريا من أجل الصورة للداخل الصهيوني وتخفيف الضغط الدولي”، مؤكدا أنه حتى الأمس لم يسلّم خرائط جديدة كما يُعلن في الإعلام.
يُذكر أن حركة حماس تطالب بانسحاب قوات الاحتلال إلى مواقعها السابقة خلال فترة التهدئة الأخيرة التي دخلت حيز التنفيذ يوم 18 يناير الماضي، واستمرت 42 يوما.
أما فيما يتعلق بالتفاوض حول صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، فتشير التوقعات إلى أن الخلافات لن تتركز كثيرا حول عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب المقاومة بالإفراج عنهم مقابل كل أسير إسرائيلي حيا كان أو ميتا، بقدر ما ستركز على بعض الأسماء الكبيرة من الأسرى، إذ من المحتمل أن يُعتمد مبدأ الصفقة السابقة، أو أن تطالب حماس بالإفراج عن عدد أكبر من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، خاصة أنها بصدد إطلاق سراح ضباط وجنود من الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة.