أخبار البلد -
كشف الخبير الاقتصادي وعضو هيئة مكافحة الفساد السابق عبد الرزاق بني
هاني أن استقالته من هيئة مكافحة الفساد جاءت احتجاجا على "عجز الهيئة" عن
التحقيق في شبهات فساد كبيرة ماثلة أمامها.
وقال: "إن هيئة مكافحة الفساد بحاجة إلى هيئة لمكافحتها"، مشيرا في هذا
الصدد إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (إنما هلك من كان قبلكم أنه إذا
سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).
وأضاف خلال ندوة ثقافية نظمها منتدى سحاب الثقافي مساء أمس بعنوان: (محاربة
الفساد والحالة الاقتصادية الراهنة) "لم أستطع فتح ملفات فساد كثيرة، كما
أُجبرت على غلق ملفات أخرى رغم أنفي".
وشدد على أن من ينتقد قضايا الفساد في هذا الوطن انطلاقا من حسه الوطني
الغيور على المصلحة العامة يكون في مرمى سهام التندر والسخرية.
وحث على محاربة زمرة الفاسدين الذين استطاعوا دقَّ أسافين داخل النسيج
الاجتماعي الأردني حتى وصل بنا الحال إلى مرحلة من الفوضى الفكرية
والاجتماعية والاقتصادية لا نحسد عليها.
وبين أنه وقبل 40 عاما كنا نتغنى بالتنمية الشاملة على جميع المستويات
الاقتصادية والفكرية ورفع مستوى معيشة المواطن وبناء الديمقراطية وتعزيز
الرقابة على عمل السلطات، لكننا الآن نعيش أوضاعا مزرية بكل المقاييس.
وقال: "انضممت إلى فريق التخطيط عام 1995 واطلعت على كثير من الخطط
الاقتصادية لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلا أن هناك فريقا منذ
عام 1990 أعاد العجلة إلى الوراء، إما جهلا منه أو لارتباطه بأجندة خارجية،
ويريد أن يوصل البلاد إلى هذه الحالة المأسوية.
وأشار إلى أن قرضا بقيمة 75 مليون دينار تم الحصول عليه من البنك الدولي في
تلك الفترة بفائدة مقدارها 6 في المائة لغاية إقامة مشاريع تنموية، إلا
أنه بعد مرور سنتين، لم يكن هناك أي إثر ملموس على أرض الواقع لهذا القرض،
ناهيك عن ملف التحول الاجتماعي والاقتصادي الذي أنفق عليه 850 مليون
دينار.. ذهبت إدراج الرياح.
وأوضح أن قطاعات الزراعة والمياه، والتربية والتعليم، والتعليم العالي
تعاني أزمة حقيقية، وكل الأموال التي تم تحصيلها للارتقاء بهذه القطاعات
جانبها الصواب، وكان الفشل حليفها.
ومضى قائلا: إن المديونية ارتفعت من 7 مليارات دينار إلى 14 مليارا وارتفع
معها عجز الموازنة، وزادها سوءا ارتفاع أعباء الفاتورة النفطية مما يجعل كل
أردني مديناً بمبلغ 4 آلاف دينار.
وأردف: "أمام هذه الأوضاع المتفاقمة، لم يعد أمام الحكومة إلا أحد ثلاثة
حلول، إما زيادة الضرائب على الناس أو طبع نقود جديدة فيزيد التضخم وترتفع
الأسعار، وإما الاقتراض وهو أهون الشرور لكنه يعني أيضا زيادة العجز
والمديونية".
وحذر من أن المنظومة الإدارية والتشريعية والقضائية ومؤسسات المجتمع المدني
تعاني من تراكمات الماضي وما زالت كذلك، ولا حل إلا بإعلان ثورة على
الفاسدين من خلال إفراز مجلس نواب وطني قوي يمثل إرادة الشعب تمثيلاً
حقيقياً.
ونبه إلى أن الفساد لا يتعلق فقط باختلاس المال العام، فالمحسوبية والواسطة
والتعصب القبلي عمليات فساد لا تقل خطورة عنه، بل إن الشك المتبادل هو
أعظمها خطراً، وهي أمور تمت تحت جنح الظلام، ولا بد من وقت كاف لمحاربتها
والقضاء عليها، فتغيير الواقع الأليم يتطلب تضافر جميع الجهود فلا أحد
بمفرده يملك حلا سحريا لذلك.