إلى دولة رئيس الوزراء الأكرم،
عندما شرّفكم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم بتكليفكم السامي، لم يكن الأمر تكليفًا إداريًا فقط، بل كان تحميلًا لأمانة ثقيلة ومسؤولية وطنية مقدسة، عنوانها: خدمة الأردن والأردنيين، وحماية الدستور، وتجسيد مبدأ سيادة القانون.
يا دولة الرئيس،
لقد حمّلك جلالة الملك ثقته المطلقة في قيادة الحكومة باختيار وزراءٍ أكفّاء، أوفياء للدستور، نزهاء في القرار، أمناء على مصالح الوطن، ليكونوا شركاءك في حمل هذه الأمانة. لكن، كيف يمكن تفسير امتناع عددٍ من وزرائك عن تنفيذ قرارات قضائية قطعية صادرة باسم جلالة الملك؟ أليس ذلك خرقًا واضحًا للدستور؟ أليس هذا حنثًا باليمين الذي أدّوه أمام الملك؟ أين الثقة التي منحها لهم مجلس الأمة؟ وأين احترامهم لأبسط مبادئ العدالة وسيادة القانون؟
إن الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية، ليس مجرد تقصير إداري، بل هو مخالفة صريحة لأحكام قانون العقوبات الأردني، التي تُجرّم من يتقاعس عن تنفيذ أحكام القضاء.
يا دولة الرئيس،
عندما يختبئ الوزير خلف "قرار إداري داخلي”، يُكلّف خزينة الدولة مئات الملايين، ويتسبب في تشريد المواطنين، وسجن المقاولين، وخراب البيوت، فإن هذه ليست مجرد أخطاء عابرة، بل هي كوارث تُرتكب بدمٍ بارد، وتمثّل انهيارًا أخلاقيًا وإداريًا يجب أن يُحاسب عليه الوزير، ومن يرعاه، ومن يسكت عليه.
سيادة الرئيس،
الخطأ الإداري الجسيم لا يُجمّله الإعلام الرسمي، ولا تغسله جولاتكم الميدانية. الصدق مع الله ومع الملك ومع الوطن، يبدأ بفتح أبوابكم لا بإغلاقها، بسماع شكاوى المواطنين لا بتجاهلهم، بمحاسبة من يتطاول على الحقوق لا بالتواطؤ معهم.
وإن كنّا نعيش إصلاحًا سياسيًا حقيقيًا كما يُقال، فلماذا يُستخدم قانون الجرائم الإلكترونية – المادة (15) سيفًا مسلطًا على رقاب الحزبيين والنقابيين والمهنيين؟ لماذا تُستغل هذه المادة لحماية المسؤول من النقد، لا لحماية الوطن من الفساد؟ هل هذه ديمقراطية؟ هل هذه الحريات التي وعد بها جلالة الملك؟
يا دولة الرئيس،
أكتب إليك لا خصمًا، بل مواطنًا أردنيًا غيورًا، من قلب العمل النقابي والميداني، أطالب بوقف هذا العبث الإداري، وأطالب بقرارات صارمة ضد كل من يتجرأ على عدم تنفيذ حكم قضائي باسم جلالة الملك.
ليس من المقبول أن يدخل المقاول السجن بسبب ديون نتجت عن امتناع وزارة عن دفع حقوقه المحكوم بها، وليس من المقبول أن يهرب أبناء الوطن من البلد، لأن الدولة – ببعض وزرائها – لا تنفّذ أحكام القضاء.
إن كنت لا تعلم، فهذه مصيبة،
وإن كنت تعلم، فالمصيبة أعظم.
والله والوطن والدستور شاهدون.
بقلم: الدكتور عصام عبد الجليل الكساسبة
عضو مجلس نقابة المقاولين الأردنيين الأسبق