معلوم بان القضاء في مملكة السويد يمارس فعليا مهامه باستقلال وحياد وتجرد ونزاهة ويصون حقوق وحريات المتخاصمين وهو أنقى وأسمى من أن يمارس ظلما أعمى او يهضم الحقوق ولا يخضع لأي توجيهات سياسة او تتحكم في قراراته وأحكامه أجهزة أخرى ولا يتعرض لضغط او اغراء من اي قوى من السلطة التنفيذية او اصحاب الجاه والنفوذ والمال والأعمال ولهذاهل ينجح في تحقيق العدالة المنشودة في جريمة تنظيم الدولة ( داعش ) بحقالشهيد الطيار معاذصافي يوسف الكساسبةوينصف دمه المهدور ظلما بالحكمالأشد قسوةبحققتلتهالارهابين
سنوات عشر انقضت على الحادثة البربرية والوحشيةالتي هزت العالمبأفعالها المشينة والخارجة عن كل القيم والآداب والضوابط الإسلاميةحين اقدمت فيعام 2015ثلة اجرامية من لصوص عصابات ما يسمى تنظيمالدولةالارهابي (داعش ) علىإجبار الطيارالشابمعاذ الكساسبة26 عامعلى الدخول الى قفص حديديبينما كان يرتدي بزة برتقالية اللونثم حرقًه حياحتى استحال جسده مع النار في كتلة لهيب واحدةثم التمثيل بجثته المتفحمة بسير جرافة عليها ودفنها بالركام وذلكبعداسرهيوم 24 كانون الأول 2014جراء سقوط طائرته الحربية من نوع إف-16أثناء قيامها بمهمة عسكرية على مواقع تنظيم داعش في محافظة الرقة شمالي سوريا
العمل الاجرامي الخسيس والجبان الذي قام به تنظيم الدولة لا يمت بأي صلةللأخلاق والانسانية وقوانين ومواثيق الحرب الدولية كما انه يخالفالنصوص الشرعية والقواعد الفقهية لشريعتنا الإسلامية السمحةوتعاليم كل الديانات والشرائع السماوية الاخرى حيث درج تنظيم الدولة على اتخاذ ( الترهيب ) كاستراتيجية ردع ثابتةبالقتل الجماعي وتصفية الرهائن بجز الرؤوس وأخيرا الإعدام بالحرقونذكر هنا إعدام التنظيم لعدد من الجنود الاتراك بالعراق في عام 2016 في مشهدًا مشابهً لما حدث مع الكساسبة مما يسلط الضوء على الطبيعة الوحشية لجرائم التنظيمويؤكد بما لا يدع مجال للشك ان ( الأسير المسلم وغير المسلم لا يجوز قتله أبدا بالحرق وباتفاق جمهور العلماء)
بعد كل هذه السنوات والاسى والمعاناة ومرارة الفقد عند اسرته واهله ومختلف ابناء الشعب الاردني وعدم الكشف عن المجرمين عادتقضية الكساسبة إلى الواجهة مجددا حيث طالب ممثلو الادعاء العام في مملكة السويد بطلب مواطن سويديمحتجز حاليًا في فرنسايدعى ( أسامة كريم ) 32 عامً المعروف ايضا باسمنعيمأونعيم الحامداصول سورية ولد في مدينة مالمو السويديةيشتبه في ارتكابهجرائم حرب وجرائم إرهابية خطيرة في سوريامن ضمنها المشاركة في قتل الطيار الكساسبة حرقا في سوريابعد انتمائه لتنظيم الإرهابيوقبل أن يعود إلى أوروباويلقى القبض عليه عام 2016 في مدينة مولينبيكببلجيكا
ذلك وفقما صرحت به المدعية العامةالسويديةرينا ديفغون خلال مؤتمر صحفيحيث قالت ان كريم متهم بالمشاركة مع عناصر من تنظيم داعش في تلك الجريمة التي وثقت فظاعتها بمقطع فيديواستمر لمدة 22 دقيقةبدقة عاليةبثته مؤسسة الفرقان التابعة للتنظيم تحت عنوان ( شفاء الصدور) ضمنحملتها الإعلاميةوالدعائية وقد استخدم المقطع كأداة لبث الرعب عالميًا بعدما تصدر الشاشات وعناوين نشرات الاخبار وصفحات مواقع التواصل الاجتماعيالمختلفة
المجرم كريم متورط ايضًا في هجمات إرهابية وقعت في باريس وسان دوني الدموية عام 2015 حيث قُتل 130 شخص وفي عام 2016 أُدين بتهمة القتل الإرهابي لدوره في هجمات بروكسل التي أودت بحياة 32 شخصاً وفي تطور لاحق أصدرت محكمة بلجيكية حكما بالسجن مدى الحياة بحقه في عام 2023 بعد ثبوت تورطه في تفجيرات مطار بروكسل وشبكة المترو في 22 آذار 2016 والتي أسفرت عن مقتل 32 شخصًا وإصابة المئات وبعد موافقة السلطات الفرنسية تم تسليم كريم مؤقتًا إلى السويد في اذار الماضي لمدة تسعة أشهر لتمكين الادعاء من استكمال التحقيقات ومحاكمته على على أن يُعاد لاحقًا إلى فرنسا لقضاء محكوميته
من المقرر أن تنطلق جلسات محاكمته في العاصمة ستوكهولمفي الرابع من حزيران المقبل وسط اهتمام واسع من الأوساط القانونية والإعلامية نظرا لحساسية القضية وارتباطها بواحدة من أبرز الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش بحق أسرى الحرب وما تمثله من خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني وارتباطها بعقوبات دولية قد تساهم في محاكمة المشتبه بهم عبر المحاكم الدولية المختلفة
التحقيقات القضائية التي اجراها الادعاء العام السويدي مؤخرا نجحت في تحديد موقع الجريمة بدقة حتى وإن تعذّر تحديد تاريخها بشكل مؤكد كما أظهرت أن كريم كان يقف مسلحاً وملثماً مع أشخاص آخرين أجبروا الِكساسبة على دخول قفص معدني ثم اشعلوا النار فيه وهو على قيد الحياة ما أدى إلى وفاته
الحكومة السويدية عينت مؤخرا المحامي ( السويدي ميكيل ويسترلند ) لتمثيل أسرة الكساسبةفي القضيةوالذي زار منزل العائلة في محافظة الكرك قبل فترة برفقة الصحافي السويدي اللبناني قاسم حمادي وقد تم توكيله رسميًا من قبل والد الطيار الكساسبة وعائلته للترافع في المحكمة السويدية والمطالبة بمحاكمة عادلة مع تقديم طلب لجلب المتهم إلى الأردن للكشف عن كامل ملابسات القضية
عند اسر الطيار الكساسبة كان الأردن جزءاً من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة في سوريا خلال الحرب الأهلية وقد سعى لتأمين إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل للأسرى الا ان التنظيم ماطل وكذب واصر على اعدامه الوحشي ليرد الاردن فورا بإعدام الارهابية العراقية ساجدة الريشاوي التي شاركت في تفجيرات فندق رادسون ساس والمجرم زياد الكربولي المنتمي لتنظيم القاعدة والذي اختطفه فرسان الحق رجال ( المخابرات العامة ) من لبنان وجلبوه للأردن بعدما ساعد في قتل عدد من سائقي الشاحنات الاردنيين في العراق
جلالة الملك عبد الله الثاني لازال يطالب بالثأر الذي يشفي الصدور لدم الشهيد الكساسبة ويتوعد برد قاس ومؤلم على البغاة ومقاتلات سلاح الجو الاردني في اتم استعدادها لشن غارات هجومية جديدة ضد مواقع التنظيم الارهابي والأردن ممثل بحكومته يولي أهمية قصوى لهذه المحاكمة نظراً لخصوصيتها وارتباطها المباشر بالجريمة البشعة التي طالت أحد ضباط سلاح الجو الملكي وهي تتواصل مع الجهات السويدية لمتابعة مجريات الملف القضائي بأدق تفاصيله
المأمول اردنيا رسميا وشعبيا من القضاء السويدي خلال جلسات التحقيق والمحاكمة المنتظرة للمجرم كريم المساعدة في كشف بعض ملابسات القضية الغامضة ومعرفة مكان رفات الشهيد الكساسبة لاستعادته ان امكن وبيان كيفية إسقاط طائرته ومن ألقى القبض عليه وتحديد عدد الأشخاص المشاركين في الجريمة وكشف الحقائقالخاصة بحرق جثته في ذلك المشهد المؤلم وبالمناسبة فأننا نناشد الضمير العالمي وكل الاحرار ومنظمات الحقوق الإنسانية الوقوف مع الحق ودعم قضية ابننا العادلة والذي لا زال يعيش بيننا حيا رغم استشهاده بكل ذكرياته الغالية الطيبة
المبادرة الايجابية للقضاء السويدي تشكل جزءًا من الجهود الدولية لمحاسبة عناصر التنظيم الإرهابي على الجرائم المروعة والبشعة التي ارتكبوها والتي وثقت أغلبها بمقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع خلال تلك الفترة حيث تضمنت انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنساناملين أن تشكل هذه المحاكمة خطوة نوعية على طريق تحقيق العدالة لروح الشهيد الكساسبة الذي قضى في واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها تنظيم "داعش" الإرهابيوالتي شوهت صورة الإسلام والمسلمين في مختلف ارجاء العالم
ابناء عشيرة الكساسبة الكرام في الكرك الشماء بعد فاجعة الفقد الاليم لابنهم الغالي وكعادة الاردنيين الاباة لم يستقبلوا ابناء الوطن الشرفاء الذين تقاطروا الى قرية عي بمحافظة الكرك من كافة المحافظات والمدن والقرى والبوادي والمخيمات في ( يوم عزاء ) بل اعتبروه مناسبة ( غز وفخر وعرس آخر ) للشهيد البطل معاذ الذي تحول إلى رمز عالمي مشرف يحتذى في الشجاعة خلال الحرب المستمرة على الارهاب بعد ان واجه الموت المحتوم بثبات فريد ولاقى ربهبأيمان صادق
على الرغم من كل ما ورد في كتاب ( مسائل في فقه الجهاد ) لأبي عبد الله المهاجر الذي يعد المرجع الفقهي الأهم لتنظيم الدولةفانه لم يثبت ابدا عن السلف او أي من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أنه حرق أحداً من الأعداء فقد كانوا ملتزمين بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يعذِّب بالنار إلا رب النار ) رواه أبوداود
وما ينشر في بعض مواقع الإعلام المضللة عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أمر بحرق بعض المرتدين مثل الفجاءة السلمي فهذا لا يخفى على علماء الحديث ونقاد التاريخ أنه مكذوب عليه وكذلك الخبر الذي يروى عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه طبخ القدر على حرق رأس مالك بن نويرة بعدما قطعهوأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حرق قوما من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري ادعوا ألوهيتهفلم ترد هذه الحوادث باي إسناد واحد كما لم تذكرها كتب التاريخ المحققة ولهذا لا يجوز رد الحديث النبوي الصحيح في النهي عن التعذيب بالنار
ليعلمخوارج هذه الأمةالسادرين في غيهم وضلالتهم والمخدرين بالمرجعيات الكاذبةوالفتاوي الباطلة ممن لم تذق قلوبهم حلاوة الإيمان والرحمة وأُشربوا العنف والقسوة حتى أُبعدوا عن سبيل الرحمن وهدي نبيهان كل ( طفل وشاب ) في اردن العزة والكرامة هو ( معاذ الكساسبة ) وسنخبر ابنائنا واحفادنا بفعلتكم الاثمة والمخزية وهول جريمتكم النكراء ونربيهم ليأخذوا بثأرَه وثأرَ كل مسلم قُتِل على أيديكم القذرة والملوثة بالدم والعار مهما طال الزمن ايها الطغاة الافاكين يا دعاة الاسلام والدين الذي انتم منه براء وعنه خارجين بأفعالكم الاجرامية وافكاركم المنحرفة
رحم الله الشهيد معاذ الكساسبة وجميع شهداء الوطن والامة وغفر لهم ونور قبورهم وحشرهم مع النبيين والصديقين والشهداء في الفردوس الأعلى من الجنة والهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون