خاص لـ أخبار البلد - رائده الشلالفه
في ظل التداعيات التي أحاطت بخروج عون الخصاونة من الدوار
الرابع والتي تناقلت بشأنها حقائق وقراءات انقسمت بين قراءتين احداها تقول
باستقالته وأخرى تقول بإقالته، فإن الراجح على ما يبدو في رحيل تلك الحكومة ينحو
صوب الإقالة ليس لشخص الخصاونة وإنما لعدم قدرة فريقه الحكومي على تنفيذ مهام ذات
أولوية بحسب القصر والمتعالقة بالشأن الانتخابي لقانون الانتخاب على وجه الخصوص.
وللإنصاف، وحين أخذ على الخصاونة تباطئ حكومته في انجاز
قانون الانتخاب، فقد أسقطت بالكامل أي جهود له بهذا الاتجاه، وهو من التقى لأكثر من مرة رئيس واعضاء لجنة الحوار الوطني كبداية لحوارات
أجرتها حكومته مع مختلف الاطياف السياسية والحزبية لبلورة مشروع قانون الانتخابات
والنظام الانتخابي المقترح ، وتجسيدا لنهج حكومته في الانفتاح على كافة اطياف
المجتمع الاردني والتي تشكل لجنة الحوار الوطني مكونا رئيسيا فيه كمقدمة لحوارات
اخرى مع اطياف المجتمع، هذه الجهود التي لم تتطرق او تعنى بها أطراف رأت من
مصلحتها عدم انجاز قانون الانتخاب وسارعت بذات الوقت لوضع اللوم على ظهر الخصاونة
كشخص وليس كرئيس حكومة فحسب !
فـ الخصاونة لم يكن مسؤولا عن عدم اكتمال النصاب
القانوني لجلسات مجلس النواب في مناقشة قانون الانتخاب وغيره من القوانين، وهو
بذات الصدد ليس صاحب فكرة التقاعد النيابي التي استنزفت جلسات المجلس على حساب
جلسات أشد أهمية لموضوعات وطنية، وهو أيضا ليس صاحب صكوك الغفران ولا يمت لها بصلة
نفعية كانت !
الخصاونة الذي أدار حكومة قد يطالها ظلما حال وصفها بغير
الكفوؤة، هي حكومة دخلت أجواء مأزومة بفعل تراكمات سلفه رئيس الوزراء د.معروف
البخيت الذي اشتعلت بعهده قضيتي الكازينو ورجل الاعمال السجين خالد شاهين، وكذلك
سلفه الأسبق سمير الرفاعي الإبن والذي أنهكته مسيرات الغضب للحراك الاحتجاجي
الاردني فاقد البرنامج السياسي الاصلاحي، قبل أن تطال الاخير أي مساءلة ذات صلة
بتسخيره مقدرات الدولة الاقتصادية لصالح الاستثمار الخارجي لغول دبي كابيتال، الذي
لن نخوض في تفاصيله في هذا المقام، لكنه يسحبنا قليلا للوراء لعهد حكومة نادر
الذهبي، التي ترأسها من أحال رمال العقبة إلى ذهبٍ لم يصب بكل الاحوال في خزينة
الاردنيين، فلماذا يدفع الخصاونة ثمن مطبات الوطن ممن تسبب أوفشل في حلها سابقيه
!!
قاضي لاهاي صاحب الانجاز الوطني النضالي للأردن رئة
فلسطين بوصفه ونبيل العربي الرئيس الحالي لجامعة الدول العربية والقاضي السابق في
لاهاي، حين تصديا للمخطط الصهيوني القائم بجدار الفصل العنصري وانتزاع قرار لاهاي
ضده واعتباره انتهاكا للدولة الصهيونية ، فعندما اقتنص الخصاونة قرار لاهاي ضد
جدار الفصل العنصري من أيدي أكبر اللوبيات
والعصابات الصهيونية فتلك نقطة نرى من الاجحاف المرور عنها وتغييبها، فالرجل مارس
منصبه في لاهاي بانتمائه الاردني العربي، فكيف يكون للاخفاق من سبيل له وهو في سدة
القرار بالدوار الرابع !
لعل من سوء حظ الخصاونة انه لم يكن متمكناً من أدوات
السلطة المساندة، فعلى اليمين ثمة مجلس نيابي لم ولن يسحب الاردنيون مسماهم له
بمجلس الـ 111 ، وهو ذاته المجلس الذي أجمعت الصالونات السياسية وأوساط المحللين
والمراقبين السياسين إضافة للشارع الاردني من أنه مجلس صكوك الغفران لقضايا شائكة
هددت امن الوطن الاقتصادي.
ومن على يسار الخصاونة كانت ثمة طوابير تعمل على إجهاض
مخطط الرجل المتروي في الإصلاح، مدفوعاً هذا التروي بحكمة وذكاء الخصاونة الذي كان
يعي أن فتح الجبهات على "بعض" فساد المؤسسة الرسمية وجبهات مماثلة
لملفات وجهات الفساد بالاتساق مع دوران عجلة الاصلاح في مواضع الدولة لم يكن بأي
حال من الاحوال قد يفضي لما أراده الرجل، فكلما كثُرت الجبهات تشتت الجهود، فكان ان دفع ثمن ترويه قبل أن يقطف الاردن ثمار
هذا التروي !!
فعلى الرغم من انتقادات عايشتها حكومة الخصاونة خلال
عمرها القصير، بسبب عدم مباشرتها الفعلية لخطتها السياسية التنموية والاصلاحية محكومة
بالتروي المشار إليه، و تحديدا في مشروع قانون الانتخاب، إلا انه ثبت لاحقا صواب تأنيها المدفوع بعدم
اتخاذ نهج احادية القرار وترسيخ مبدأ التشاركية في صنع القرار ابتعاداً عن طبقية
صنع القرار والتفرد به، ولو قيض لها البقاء لوجدنا أنفسنا أمام مدخل حقيقي وثابت
للمضي بتنفيذ خططها التي نجزم بأنه سيصار إلى نسف أرضيتها كما اعتدنا عليه عند
تشكيل الحكومات حيث يتم منجز من سبقها والبدء من جديد في استنزاف مجاني للجهود على
حساب مشروعنا الوطني المتعثر !
ولأن العادة جرت في الاردن حال تغيير الحكومة على
التطبيل للقادم والنهش بالرحل، فقد بدأت بعض طوابير المسحجين والمزمرين باستلال
سكاكينها وتقطيع فروة الرجل، الذي أصبح كبش الفداء لحكومات متعاقبة منذ حكومة
الطراونة الأولى 1999 وحتى رحيل حكومته، متجاهلة هذه الفرق الاستعراضية حقيقة النواتج
والرواسب التي احتشدت في الحندق الحكومي طيلة العقود الماضية، ومتعمدة بذات الوقت
على الزج به في حساباتها التصفوية على الرغم من قصر مدة حكومته التي لم تمضي سوى
نصف العام !
ومن "العيب" أن ينكر اولئك المطبلين العراقيل والمؤامرات
التي كانت تدار بالخفاء على هيئة مكافحة الفساد في محاولة لحرف بوصلة المسائلة عن
وجهتها، وهل لهم أن يتناسوا كيف خرج رئيس هيئة مكافحة الفساد ليدب الصوت مناشدا
جلالة الملك لإغاثة الهيئة بمستلزمات قيامها بمهامها وخلوها حتى من الاجهزة
الحاسوبية اللازمة لمتابعة مهامها، في إشارة الى ان الإرث الأسود في عرقلة جهود
مؤسسات الدولة الرقابية كان قبل أن يدلف الخصاونة للدوار الرابع، قس على ذلك
الكثير من التعثرات والعراقيل التي تنخر في جسم الدولة حين كان الرجل يمارس مهامه
كقاضٍ في لاهاي وليس في محكمة أمن الدولة .. مثلاً !
ملف الاصلاح السياسي والاقتصادي تنبع عملية المضي به من بيئة خصبة وحساسة لمعطيات عدة تحتكم لشخوص واسماء ومناصب ومتنفعين، بالمجمل ثلة من الخصوم والاعداء لمسيرة الاصلاح وليسوا خصوما للخصاونة بدليل ان اقامته خارج الأردن أسهمت بنأيه عن اي مشهد شللي ذي صلة بأولئك الخصوم، اعداء الوطن ومسيرته الاصلاحية وليسوا اعداء شخص الخصاونة وذلك أشد وأعتى !!