حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا

حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا
: أحمد سليمان العُمري
أخبار البلد -  

في قاعة «كريستال» الفاخرة بفندق «رويال جراند»، حيث تتدلّى ثريات الكريستال مثل دموع مجمّدة، اجتمع صُنّاع القرار تحت شعار «حقوق الحيوانات؛ أولويتنا الأولى».

الرخام الإيطالي يلمع تحت الأضواء، وكأنه يحاول جاهدا إخفاء بقع الدم التي لا تُغسل.

المشهد الأول: طاولة النفاق الأوروبي

يعتدل جون (وزير أوروبي) في جلسته، يرفع صحيفة ويصرخ غاضبا: «هذا غير مقبول، كلب في برلين حُرم من نزهته اليومية».

يرد عليه ريتشارد (رئيس منظمة حقوق الحيوان): «لقد أغلقنا حملة التبرعات بعد جمع مليون يورو لعلاج القطط المصابة بالصدمة».

في رُكن آخر، ينظر مارك (دبلوماسي أممي) إليهم بحزن، ثم يتمتم: «بينما في غزّة، الأطفال يشربون مياها ملوّثة بالصرف الصحي...».

(صمت مطبق)، ثم ينهض جون فجأة: «أقترح تشكيل لجنة دولية للتحقيق في معاملة الكلاب في أوروبا».

(تصفيق حار).

المشهد الثاني: غرفة الحرب العربية

بعيدا عن الأضواء، في قاعة مغلقة ومؤمّنة جيدا، يجتمع وزراء عرب حول طاولة ضخمة من خشب «الأبنوس». تنتشر أمامهم وثيقة سرية بعنوان: «مشروع إعادة التوطين الإنساني - البروتوكول الذهبي».

الوزير الأول (يقرأ بصوت عالٍ): «المادة 7: سيتم توفير خيام بيضاء تحمل شعار 'يد العون العربية'».

الوزير الثاني (يضحك وهو يشعل سيجار كوبا): «ولكن بشرط ألّا تزيد مساحة الخيمة عن 2م² لكل عائلة، نحن لسنا دولة رفاهية».

الوزير الثالث (يضيف بينما يعيد ترتيب أزرار بدلته الفاخرة): «ونطلب من الإسرائيليين تزويدنا بصور جوية لـ 'تحسين جودة الخدمات'».

الوزير الأول (مبتسما): «المهم أن نصوغ البيان بشكل يُظهر إنسانيتنا... مثلا: 'بسبب الوضع الإنساني المتفاقم قرّرت الدول العربية الشقيقة توفير ملاجئ آمنة للفلسطينيين مؤقتا'».

الوزير الثاني (بسخرية): «'مؤقّتا'؟ هاهاها! مثلما كانت اتفاقياتنا مؤقّتة، ثم أصبحت دائمة».

الوزير الرابع (يخفض صوته): «ماذا عن ردود الفعل الشعبية؟ هناك تعاطف كبير مع الفلسطينيين».

الوزير الأول (وهو يشير إلى شاشة تبث قنواته الإعلامية الرسمية): «لا تقلق، نحن نتحكّم بالسرد؛ سنُظهرهم كمجموعة من الجاحدين الذين رفضوا مساعداتنا الكريمة».

الجميع يضحك، ثم يضغطون أزرار توقيع الوثيقة، وتُحسم القضية بجرّة قلم.

المشهد الثالث: كواليس المؤتمر

في القاعة الرئيسية، تُعرض حملة دعائية على شاشة ضخمة: «تبرعوا لإنقاذ كلاب أوكرانيا – 500 يورو تنقذ حياة».

في الزاوية اليمنى، تمُرّ أخبار عاجلة: «غزّة: مستشفى الأمل يخرج عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي، ونقص الوقود والأكسجين والمياه وارتقاء الكوادر الطبية والمرضى».

المذيع (بابتسامة واسعة): «عذرا للانقطاع، نعود لمؤتمرنا الرئيسي عن حقوق القطط في الفنادق الفاخرة».

آدم (رجل حُرّ إنسان، ولا ينتمي لأي من هذه الأنظمة التي تنادي بالحُرّيات المكذوبة والإنسانيات المُعلّبة لتسويقها للعالم الثالث «المستوي»؛ يُراقب كُلّ شيء بصمت، قبل أن يتصفّح هاتفه المحمول، حيث تصله رسالة قصيرة من طفلة في غزّة): «أنا ليلى، عمري 8 سنوات، قتل الجيش الإسرائيلي أمي وأبي وأُخوتي وكُلّ أسرتي. أبيع حجارة مدرستي المُدمّرة كي أحصل على بعض الطعام، إن وُجد. هل تريد واحدة؟ ثمنها 10 دولارات».

يُحدّق في الصورة: حجر صغير، مكتوب عليه بالطباشير: «هذا ما تبقى من مقعدي في الصف الثاني».

آدم (يكتب وهو يحوّل لها كل مُدّخراته): «خذي المال، ولا تبيعي ذكرياتك؛ هي التي يحُفّها الألم وترويها الدموع بأكثر من الماء المعدوم، فقد قصفت الصواريخ الإسرائيلية آخر بئر ماء في غزّة... لا تبيعي بنيتي ذكرياتك، فهي آخر ما تبقى لكم».

المشهد الرابع: العدالة العمياء

داخل الفندق، ترتفع أصوات الاحتفال: «نحن رواد حقوق الحيوانات».

يقف آدم بجانب النافذة، يشاهد المدينة الباردة التي يضيئها وهج الثراء، بينما يظهر على الشريط الإخباري العاجل على شاشة التلفاز خلفه: «عاجل: إسرائيل توسّع عملياتها العسكرية في غزّة، وارتقاء 500 فلسطيني؛ جُلّهم أطفال ونساء».

المذيع (ببرود): «تحذير: قد يحتوي هذا التقرير على مشاهد غير ملائمة».

المَشَاهِد؟

طفل يبحث بين الأنقاض عن أمّه.

رجل يحمل طفلته الشهيدة؛ مبتورة الأطراف.

أم تُمسك بيد رضيعها تحت الأنقاض.

آدم يهمس لنفسه: «غير ملائمة... لمن؟ لمن يعيشون هنا؟ أم من أجل ماذا يموتون هناك؟».

المشهد الأخير: الحقيقة المرّة

في الخارج، تمطر السماء، وفي غزّة تمطر السماء القنابل الإسرائيلية والصواريخ صناعة أمريكية وألمانية.

داخل الفندق، يرفع الحضور كؤوسهم: «للعالم الحُرّ... ولحقوق الحيونات».

أمّا آدم، فيغلق هاتفه؛ ينظر إلى لوحة المؤتمر المكتوب عليها: «معا نبني عالما أفضل للجميع».

ثم يتمتم: «للجميع...؟ إلّا لمن لا يملكون حتى حجرا في غزّة ينامون عليه».

وأخيرا، ليست كُلّ الكتابات تحتاج إلى خاتمة؛ فبعضها يترك الجرح فاغرا وغائرا لكي لا ينسى العالم أنّه ينزف، وأنّ الغزّيين قُتلوا صبرا وهُجّروا قسرا.

 

شريط الأخبار الجيش يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة مزارع يوثق لحظات مرعبة.. نسر بحري يخطف خروفا حديث الولادة ويحلق به عاليا! (فيديو) جمعية مستثمرين قطاع الاسكان تستضيف كتلة المقاول وتفتح حوار حول برنامجها الإنتخابي فتح باب الترشح لانتخابات الصحفيين في 8 نيسان الجغبير: غرف الصناعة تبحث تداعيات رفع الجمارك على الصادرات للولايات المتحدة العيسوي يفتتح مشروع تأهيل مجرى الوادي في مخيم سوف للمرحلتين الأولى والثاتية إدارة السير تدعو لتخطيط مسبق لتفادي الزحام المروري صباح الأحد مشروب "ماتريكس" الخيار الأول لا ثاني له.. لم ينجح بضربة حظ فروى عطش الأردنيين بحب "المستقبل العربية" تعلن موعد إجتماعها العمومي غير العادي لتخفض رأسمالها الدولار يتراجع... هل يتأثر الدينار الأردني "مناقيش بالحبر" والعقباويون يطالبون السلطة بسحب الاكياس الورقية فوراً لخطورتها على الصحة تبريرات ادارة بنك الاردن بتراجع الارباح بنسبة 20% لا تقنع المساهمين الترخيص المتنقل ببلدية برقش في إربد الأحد فئران ضخمة بحجم القطط تثير الذعر في شوارع برمنغهام... فيديو بعد الرسوم الجمركية الجديدة ... سعر تلفون الايفون سيصبح 3500 دولار غضب في هولندا بعد إحراق يميني متطرف نسخة من المصحف أمام بلدية أمستردام.. فيديو ارتفاع عدد قتلى زلزال ميانمار إلى 3354 فتح جسر الملك حسين أمام المسافرين العرب اليوم السبت انخفاض كبير على أسعار الذهب بالأردن السبت طقس لطيف الحرارة اليوم ودافئ حتى الثلاثاء