بسام بدارين - لا يأتي القيادي البارز في الحركة الإسلامية الأردنية الشيخ حمزة منصور بجديد وهو يعاود التأكيد على ثابت قديم للحركة يرفض قرار فك الإرتباط الشهير المتخذ عام 1988 للفصل بين الأردن والضفة الغربية.
ورغم إمتلاء الساحة السياسية بنقاشات ساخنة تطال هذا القرار المثير للجدل وتتصل به إلا أن دعاة دسترة فك الإرتباط وقوننته قصفوا مجددا الأسبوع الماضي الشيخ منصور وحركة الأخوان المسلمين داعين لتعديل قانوني يقضي بحظر ترخيص أحزاب تؤمن بالإرتباط بين الطرفين.
.. لم ترد الحركة الإسلامية على ذلك فقد أصبحت هدفا مفضلا لكل من أقلقه تصريح الشيخ الدكتور عبد اللطيف عربيات أحد أبرز رموز الإعتدال في الحركة قبل أسبوعين وهو يقترح على من يحرضون ضد التيار الأخواني 'إستبدال' الشعب الأردني وإحضار شعب آخر لا يصوت للإسلاميين في الإنتخابات.
عربيات كان يرد ضمنيا على أصحاب القرار الأمني والسياسي الذين صدمتهم حقيقة السيطرة المطلقة للإسلاميين على مجلس نقابة المعلمين الأولى في البلاد التي حصل الإسلاميون على نحو 70 بالمئة من مقاعد مجلسها المركزي قبل فوزهم الأسبوع الماضي بـ 14 مقعدا من أصل 15 في الهيئة الإدارية.
فوبيا الأخوان المسلمين بعد إنتخابات المعلمين برزت على سطح الحدث في كل غرف القرار الأردنية وساهمت في التأثير على مجريات تركيبة قانون الإنتخاب الجديد لكن نقيب المعلمين الجديد البعثي مصطفى الرواشده الذي صوت له الإسلاميون بوضوح يطالب ضمنيا الخائفين على النقابة الوليدة التوقف عن البكائيات فقد ألمح عندما سألته القدس العربي إلى أن نقابة المعلمين تحكمها الأنظمة والقوانين وليس التيار الإسلامي معتبرا ومن باب الخصومة الفكرية والسياسية للإسلاميين بأن الإنتخابات كانت نزيهة وفعالة ومقترحا على الجميع قبول نتائج الإنتخابات وإحترام الصندوق .
بكل الأحوال نفى الرواشده قبل الإنتخابات الأخيرة وعلى هامش لقاء قصير معه وجود ترتيبات تحالفية خاصة من أي نوع بينه وبين الإسلاميين ستوصله لسدة رئاسة النقابة الأضخم في البلاد وبعد النتائج بدا الرجل خارج علبة الخوف من التيار الإسلامي وصرح بأن 'الرحلة إنطلقت' والخطوة القادمة هي التركيزعلى العمل وتجهيز بنية تشريعية ونظامية للنقابة الجديدة بدلا من الإسترسال في لعبة الخوف من الشيخ حمزة منصور ورفاقه فمن ترشح وإنتخب في النهاية هم زملاء معلمون.
لكن عودة تهديد الأخوان المسلمين بسبب موقفهم من 'فك الإرتباط' من قبل بعض دعاة دسترة الفك يعيد الجميع مرة أخرى لمربع الإتهام والإتهام المضاد والأهم يقفز بقصة فك الإرتباط إلى الواجهة دوما علما بأن السلطات السياسية تفضل عموما غلق النقاش في هذا الملف.
ويظهر الأمر في المحصلة بأن موقف الإسلاميين الرافض لفك الإرتباط مع الضفة الغربية لا زال حاضنة أساسية للحفاظ على الوحدة الوطنية في الأردن فمؤسسة الأخوان المسلمين وبشهادة محلل سياسي بارز من طرازعريب الرنتاوي قد تكون المؤسسة الوحيدة في المملكة التي لا زالت خارج نطاق التلوث بأي جدل يؤذي الوحدة الوطنية مفاهيميا وممارسة.
الواقع يقول أن الحراك المؤثر في الشارع الأردني لم يهتم لأسباب مفهومة بمسائل من طراز الوحدة الوطنية والمواطنة لإن أولوياته كانت تكتيكية وميدانية فيما لا توجد معارضة جذرية وحقيقية خارج سياق الأخوان المسلمين أما مؤسسات الدولة البيروقراطية فبعضها يجلس في دائرة الإتهام عندما يتعلق الأمر بإجراءات إعتباطية تمس بالوحدة الوطنية.
لذلك يبقى الأخوان المسلمون سواء رفضوا قرار فك الإرتباط أم وافقوا عليه عنوانا أساسيا من عناوين إستقرار الوحدة الوطنية بالأردن.
وبهذه المعنى تتصدى منصة الأخوان المسلمين لبعض المحاولات التي تسعى لتكريس قرار فك الإرتباط كأساس لترويج الإنفصال في طبقات المجتمع، الأمر الذي أبلغ وزير الداخلية محمد الرعود 'القدس العربي' أنه متنبه تماما له عندما تعلق الأمر بأحزاب قيد التأسيس تقدمت بطلبات ترخيص رسمية على أساس الفصل بين الضفتين في خطوة أولى تمهد لقوننة فك الإرتباط.
هنا سبق لأحد الأحزاب الناشئة أن أعلن بأن شروط عضويته تتضمن أن لا يكون المنتسب حاصلا على الرقم الوطني الأردني بعد عام 1988.. الهدف هو تكريس فك الإرتباط بين الضفتين لكن الوزير الرعود وعندما سألته القدس العربي عن الموضوع أفاد بأن وزارته لا تستطيع الموافقة على أي مبدأ يفرق بين المواطنين وستلتزم بمقتضيات قانون الأحزاب فيما يختص بطلبات الترخيص.
بالمقابل لا يخفي نشط سياسي ونائب سابق من طراز محمد السعودي تلمسه ميدانيا لتلك التكتيكات الرسمية البائسة التي تحاول تخويف المكون الأردني في المجتمع من شقيقه الفلسطيني في موجة يركبها أحيانا مثقفون يساريون عنصريون أو بسطاء لا يدققون في التفاصيل وتنطلي عليهم خدعة منهجية تقول بأن الضغط على النظام بالحراك والإصلاح أو بغيرهما سيستفيد منه الجزء الفلسطيني من الشعب الأردني.
هذه الخدعة تمكن بعض النشطاء من رصدها عدة مرات في سياق التفاعلات الميدانية لمسؤولين صغار في رتبة الوظيفة حاولوا إظهار الإدعاء بقدرتهم على وقف الحراك في بعض المحافظات لكن المسألة برأي السعودي وغيره أشبه بلعبة مراهقة وبائسة كشفها الناس وستنتهي إذا ما تواصلت ليس فقط بخدمة الأخوان المسلمين وتكريسهم كعنوان للوحدة الوطنية بل أيضا بحرق أصابع مؤسسة القرار والسحب من رصيد النظام نفسه عند جميع المكونات عندما يرتد سحر اللعبة على اللاعب.
دعوات لحظر أحزاب تؤمن 'بالضفتين' وفوبيا الأخوان المسلمين تنمو بعد سيطرتهم على نقابة المعلمين
أخبار البلد -