لماذا تكتب أيها الديكتاتور؟

لماذا تكتب أيها الديكتاتور؟
حسام أبو حامد
أخبار البلد -  
تلقّى ديكتاتور أوغندا، عيدي أمين، قدراً بسيطاً من التعليم، ما يفسّر نفوره وتوجّسه من الأشخاص المتعلّمين خلال فترة حكمه (1971 - 1979)، بل يقال إنه كان يرفض نصائح الخبراء، ويفضّل الأخذ بكلام العرّافات والعرّافين، وكان لتاريخه الشخصي علاقة مباشرة بقراراته، التي أدّت إلى خيارات سياسية كارثية، دمّرت اقتصاد بلاده، وألقت البلاد في مستنقع الحرب مع تنزانيا. وبخلاف استثناءات قليلة، أتى العديد من الطغاة من خلفياتٍ متعلّمة، استخدموا الكتابة وسيلة للتعبير عن نظرتهم إلى العالم، ولتبرير سياساتهم وترسيخ أنظمة حكمهم، وظلّت نتائج الطغيان كارثية في الأحوال كلّها.

صكّ هتلر، في كتابه "كفاحي" (1924)، رؤيته لتفوّق العرق الآري، وفي سنوات ما بعد الحرب العالمية الأولى، في ذروة المخاوف الجماعية نتيجة سيادة الإحساس بالهوان الوطني، والظروف الاقتصادية الصعبة والتفتّت السياسي. بدا الكتاب مفسّراً محنة ألمانيا، محفّزاً النازية، حركة وعدت بالنهضة الوطنية، فأصبح أداة مركزية للحشد لصالح القومية المتطرّفة. وكان "الكتاب الأحمر الصغير" (1967)، لماو تسي تونغ، أداة للتلقين خلال "الثورة" الثقافية، وانتشرت اقتباساته في كلّ مكان عاملاً للتوحيد، ووسيلة لفرض عبادة الشخصية، وإضفاء الشرعية على السياسات الماوية في إعادة تشكيلها للمجتمع. وكانت المساهمات النظرية المنسوبة لجوزيف ستالين جامدة وعقائدية، أيديولوجيا لتبرير سياساته، وتعزيز سلطته أكثر منها أعمالاً فلسفية أصيلة. بالمثل، أصبح "روح نامة" لديكتاتور تركمانستان، صابر مراد نيازوف، محورياً في معظم نواحي الحياة، حتى إنك إن أردتَ الحصول على رخصة قيادة عليك أن تجتاز اختباراً بامتلاكك معرفة جيّدة بالكتاب، الذي كان دليلاً للسلوك الشخصي، وأداة لإعادة كتابة الهُويَّة الوطنية، والتاريخ التركماني، وإضفاء الصبغة الأسطورية عليه، وعلى الزعيم الأبدي.

يكتب الديكتاتور ليبدو مثقّفاً واستراتيجياً وصاحب سلطة، مدركاً أهمية السيطرة على الخطابَين الثقافي والتاريخي، فكان "الكتاب الأخضر" (1975) لمعمّر القذّافي جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً لوضع نفسه زعيماً للعالم الثالث، وبطلَ مناهضة الإمبريالية. نقش القذّافي أفكاره على المباني العامّة، وبثّها في المذياع والتلفاز، وأدرجها في المناهج الدراسية. وفي الأعمال الأخرى (الأقلّ شهرة)، واصل الكتابة فعلاً لبناء صورة زعيم صاحب رؤية.

يريد الديكتاتور حين يكتب أن يكون أكثر من مجرّد طاغية، فيكتب لا للجدارة الفنّية، بل لتشكيل المجتمع وامتلاك القوة الشخصية، وللسيطرة على السردية التاريخية، فالفانتازيا التاريخية "زبيبة والملك" (2000)، سواء كتبها ديكتاتور العراق صدّام حسين أو عُهد بها لكاتب ظلّ، رواية رديئة فنيّاً، كانت جزءاً من جهد أوسع نطاقاً لإضفاء الطابع الإنساني على نظام وحشي. تبقى الكلمة سلاحاً بيد الديكتاتور، وعندما يفتقد "المهارة" أو الرغبة في الكتابة، هناك من يكتب عنه كتباً لتمجيده. وللديكتاتور طرائقه الفذّة في ترويجها. من ذلك أن كتاب باتريك سيل عن سيرة حافظ الأسد (استقى معظمها من مقابلاته مع الأسد وعائلته وحاشيته)، "الأسد... صراع على الشرق الأوسط" (دار الساقي، بيروت، 1988)، مُنِع في سورية، فأصبحتَ تراه تقريباً في كلّ بيت سوري.

تقمع كتب الديكتاتور وجهاتِ النظر المخالفة، وتفرضه قائداً ذا رؤية، معصوماً من الخطأ، ويحوّل نتاجُه المكتوب روايتَه الشخصية تاريخاً رسمياً. ولكن، إن خلّدت كتب الطغاة غطرسة السلطة، فإنها تحفّز المجتمعات لمقاومتها، بفعل الكتابة نفسه؛ "1984" لجورج أورويل، و"حكاية الجارية" لمارغريت آتوود، و"عتمة في الظهيرة" لآرثر كويستلر... روايات ديستوبية خالدة، تحذّر من السلطة غير المقيّدة. "أدب الديكتاتور" في أميركا اللاتينية فكّك الاستبداد، واستخدم روائيون (يوسّا وماركيز وأستورياس...) الواقعية السحرية والسرد غير الخطّي لعكس فوضى الأنظمة الاستبدادية، موضّحين كيف يمكن للّغة أن تتحدّى الطغيان، فتفضح عبثية السلطة المطلقة. "القلعة الخامسة" لفاضل العزاوي، و"شرق المتوسّط" لعبد الرحمن منيف، و"مملكة الفراشة" لواسيني الأعرج، و"شيء من الخوف" لثروت أباظة، و"جمهورية كأن" لعلاء الأسواني، و"الزيني بركات" لجمال الغيطاني، و"القوقعة" لمصطفى خليفة، و"حبل سرّي" لمها حسن... وغيرها، تجارب عربية فضحت آليات القمع والاستبداد، والحبلُ على الجرّار.
شريط الأخبار الأرصاد: مدى الرؤية في رأس منيف أقل من 100 متر بسبب الضباب الأردن يرحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأخير بدء امتحانات الطلبة في لواء البترا السبت الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة ولي العهد يبارك للمغرب بطولة كأس العرب ويشكر قطر على حسن التنظيم النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ الأمن العام: خذوا تحذيراتنا على محمل الجد... الشموسة أداة قتل أجواء باردة في أغلب المناطق.. وتحذيرات من تدني مدى الرؤية الأفقية البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب الملكة تشكر النشامى.. "أداء مميز طوال البطولة" الملك يشكر النشامى.. "رفعتوا راسنا" «لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام»