أوروبا في صراعها الوجودي

أوروبا في صراعها الوجودي
بيار عقيقي
أخبار البلد -   وجودية القارّة الأوروبية لم تعد نقاشاً بغرض قتل الملل في صالون باريسي، ولا حواراً فلسفياً متخيّلاً يتجادل فيه فلاسفة القرون المتعاقبة، من الإغريق إلى الألمان والفرنسيين. اليوم، وبعد انتفاضة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على كلّ ما تمثله أوروبا، خصوصاً في قتالها غير المباشر في أوكرانيا ضدّ الروس، أصبح الأوروبيون أمام واقع صعب وفعلي، يستلزم التحرّك بسرعة لصياغة مستقبل أكثر تفرّداً، إلى حدّ رسم طريق التحوّل إلى "قطب" من "أقطاب" العالم. لم تعد المسألة مرتبطةً بالحاجة الدائمة إلى الأميركيين من خلف المحيط الأطلسي لنجدتهم، كما حصل في الحربين العالميتَين الأولى (1914 ـ 1918)، والثانية (1939 ـ 1945)، ذلك لأن ظروف اليوم مختلفة عن هاتيك الحربَين، تحديداً في الجغرافيا السياسية.

بالتوازي، لا يعني إضعاف ترامب مواقف أوكرانيا وأوروبا تفوّقاً روسياً، على اعتبار أن الروس أضحوا أضعف من قبل، إلى درجة أن الاستعانة بقوات كورية شمالية لتحرير أجزاء من مقاطعة كورسك الروسية كافية لفهم حقيقة "القوة الروسية". وقد يكون ذلك أيضاً من أسباب طرح ترامب مسألة سحب القوات الأميركية من أوروبا، لأن القوة الروسية تكمن في الأسلحة النووية، لا في التقليدية منها، بعد الاستنزاف ثلاث سنوات في الحرب الأوكرانية. بالتالي، تنتفي الحاجة الأوروبية إلى الجيش الأميركي بسبب قوة الجيش الروسي وفق هذا المنطق. ومفهوم الضعف الروسي ليس جديداً على موسكو، لأن تاريخها في القرن العشرين مرّ به مرَّتَين على الأقلّ، بعد ولادة ثورة 1917، وبعد سقوط السوفييت في عام 1991. في المقابل، فإن الأوروبيين الذين تمكّنوا من بناء مسار اقتصادي صلب بعد الحرب العالمية الثانية، مستعينين بمشروع مارشال الأميركي وإفرازاته، بدأوا رحلةَ العودة إلى سنوات ما بين 1918 و1939، التي تستلزم منهم حالياً التعلّم منها لبناء وحدة سياسية، انطلاقاً من شبه إجماعهم على دعم أوكرانيا ضدّ الروس.

عدا ذلك، ما بنته أوروبا، منبع قادة الاستعمار في أفريقيا والأميركيتين والشرقين الأوسطي والآسيوي، في عقود ما بعد الحرب الباردة (1947 ـ 1991)، مُعرَّض للاندثار الذي سيستولد فراغاً عارماً، ليس بالضرورة أن يستغلّه الروس لعجزهم، بل يمهّد لنشوء موجات يمينية متطرّفة وقومية، تفضي إلى حروب داخلية أقلّوية وإثنية. هنا تكون مذابح البلقان في الحروب اليوغوسلافية مجرّد روضة أطفال أمام احتمالات أوروبية كهذه. عملياً، تحتاج أوروبا إلى قاطرةٍ من رأسَين: ألمانيا وفرنسا، مدعومةٍ من أعمدة إيطالية وبريطانية، للتحوّل إلى المبادرة في صناعة قرار أوروبي متحرّر نسبياً عن الأميركيين، من دون معاداتهم. في النهاية، لن يبقى ترامب إلى أبعد من عام 2029، مع نهاية ولايته الرئاسية.

ما تستطيع ألمانيا وفرنسا فعله أكبر بكثير ممّا يقوم به قادتهما. الجيوبوليتيك الألماني نعمة حقيقية لبرلين، بموقعها وسط القارّة الأوروبية، وبالتالي قدرتها على الإمساك بخطوط المواصلات كلّها، شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، أمّا فرنسا فتبقى المفتاح الأمثل لمحيط أطلسي لا تعرقله الجزر البريطانية. وطيلة سنوات ما بعد الوحدة بين الألمانيتين، في عام 1990، حاولت ألمانيا مراراً استغلال موقعها، رغم أن ذلك قادها إلى الاستنجاد بروسيا طاقوياً، لكنّها أظهرت حقيقة النزعة القيادية الكامنة في اللاوعي الجماعي الألماني. الفرصة فريدة اليوم أمام الألمان لقيادة أوروبا ضمن مفهوم استقلالية القرار الأوروبي، شرط ألا يقفز "البديل لأجل ألمانيا" إلى السلطة. فرنسا من جهتها، لم تفهم بعد أن المعالجات التقليدية للمسائل الدينية والعرقية والطبقية تمنحها مظهر العاجز عن التحرّك، تحديداً بعد الفشل الذريع في التفاهم مع الأفارقة، والانسحابات المتلاحقة للجنود الفرنسيين من دول أفريقية، وآخرها ساحل العاج، الخميس الماضي. تحتاج باريس عملياً إلى اعتماد مقاربةٍ مبنيةٍ على فعل لا ردّة فعل، رغم اقتران اسم الرئيس إيمانويل ماكرون بمحطّات الفشل الفرنسي كلّها. تحتاج أوروبا عملياً إلى ونستون تشرشل ما.
شريط الأخبار الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025