لن تعدم مؤسساتنا العقلاء والحريصين الذين يكبحون الاشاعة ورغبة البعض في الاندفاع لالحاق الظلم بالبريء ولعل نهوض مجلس النواب من خلال رئيسه بدور في هذا المجال حين أعاد انتاج لجان التحقيق التي تكاثرت كالفطر واجتهدت لغير صالح الاجر الواحد او الاجرين حين تحول الى ما يشبه رمي الاسرى للأسود في الحقبة الرومانية!!
يمكننا الان بعد موجة من الاندفاع وتوزيع الاشاعات والتهم أن نعيد رص صفوفنا وان نمحص الحق من الباطل وان نقنع الشارع بالمنطق والحقيقة بدل السير خلفه ومواصلة تحريضه، واتفق مع رئيس الوزراء الدكتور الخصاونة في قوله الحراك ليس غاية والديموقراطية ليست انتخابات وانما وسيلة للعدالة..
واذا كانت المحاكم والقضاء قد ساق البعض من المتهمين للتوقيف الى ان تثبت ادانتهم أو يطلق سراحهم فهذا ديدن العدالة وهذه سماتها..
نتوقف عند توصيات اللجنة النيابية التي أوصت ببراءة رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي ووزراء سكن كريم المهندس سهل المجالي وعدم احالتهما الى النائب العام وهو موقف يصب في اطار العدالة سواء أعجب البعض أم لم يعجب فالأصل هو البراءة والقاعدة الشرعية وحتى المدنية تقول «تبرئة مائة متهم خير من ادانة بريء واحد»..
المهم ان العدالة تسري فسجن المتهمين ليس غاية بمقدار ما تبرئة المتهم أو المظلوم هي الغاية الأسمى..
ومع الاحترام لاجتهاد عضوين محترمين من أصل الاعضاء التسعة لمخالفتهما القرار الا أن الأغلبية هي صاحبة الراي المأخوذ به وهو عدم الاحالة فما زال البرلمان حتى بعد تعديل مواد الدستور يقوم بالتنسيب بدل دور الادعاء العام وهذا ما يحفظ له دوره كون المعنيين من الوزراء..
ما جاء في تنسيب لجنة التحقيق «سكن كريم» في تقريرها المدرج على جدول اعمال جلسة مجلس النواب «انه لم يثبت لها انه كان للذهبي أو مجلس الوزراء أو الوزير سهل المجالي مصلحة شخصية فيما تم وانه لم يتم العمل على تحقيق مغنم ذاتي وان أي فريق لم يرتكب غشاً ولا تنطبق بحقه أحكام المادتين 175، 183»..
اذن لا شبهة فساد مالي في مشروع سكن كريم لعيش كريم لعدم وجود مخالفات قانونية ترتقي الى مستوى الادانة والاحالة للنائب العام..
اللجنة استقصت وتمهلت وجمعت الكثير من البيانات والتقت بمجموعة كبيرة من المعنيين من مهندسين ومقاولين واصحاب عطاءات وحتى منتفعين ومواطنين واطلعت على ارشيف المشروع وخططه وحتى التوجهات الملكية التي انطلقت منها فكرة المشروع وتلك الزيارات واللقاءات التي تم فيها شرح أهمية وابعاد المبادرة الملكية التي كان من اطاراتها الشركة الوطنية (من مكونات القوات المسلحة) وتناوب اكثر من وزير ومشاركته في شرح الفكرة وتجسيدها..
وجاء في خلاصة تقرير اللجنة التي ستعرض خلاصة عملها على البرلمان ان لا مصلحة شخصية فيما تم وانه لم يتم العمل على تحقيق مغنم ذاتي أو أي فريق ولم يرتكب غشاً ولا ينطبق بحقه أحكام المواد 175، 183 عقوبات وكذلك المادة (5) من قانون هيئة مكافحة الفساد والمادة (3) من قانون الجرائم الاقتصادية..
كانت هيئة مكافحة الفساد التي يتطابق رأيها حتى الان مع ما ذهبت اليه لجنة التحقيق النيابية قد استقصت هذه المسألة والتقت اكثر من (35) شخصية لها علاقة مباشرة ودونت مئات الصفحات التي صبت في خلاصاتها بأن ما جرى كان اجتهادات لم تستهدف المنفعة الشخصية ولم يكن العمل موجهاً لذلك..
والخلاصة من لجنة التحقيق التي طرحت خلاصة عملها امام البرلمان بكامل اعضائه (انه لانعدام الدليل القانوني حول وجود أي فعل يعاقب عليه القانون فإن اللجنة تنسب وتوصي لمجلس النواب بعدم احالة المذكورين الى النيابة العامة)..
اذن المسؤولية الادبية والسياسية وحتى اتخاذ القرار سواء بصفته مستعجلاً او عادياً هو شكل من الاجتهاد لا يشكل جريمة يعاقب عليها القانون..
تقرير اللجنة النيابية وتنسيبها بعدم المسؤولية يفتح المجال لاطلاق مشروع سكن كريم لخدمة الهدف الاساس منه ويكسر الحلقة التي وضعت المشروع كله وما ترتب عليه من كلف في دائرة الارتهان والمراوحة رغم الحاجة الماسة له ورغم القدرة الوطنية على اعادة تكييفه ومراجعته وحتى انفاذه وتسويقه.. وبالتالي عدم توقيفه أو تعطيله والشروع فوراً في تفعيل عقود المستثمرين وما يترتب على ذلك من مواصفات وجودة وأسعار وتمويل..
المطلوب غسل المشروع مما علق به من تهم واشاعات واجتهادات وتعطيل وكلف واعادته الى الفكرة الاساس واطلاقه لانتفاع المواطنين المعنيين منه وهذه مهمة وطنية تتحملها الحكومة بعد ان حسمت اللجنة النيابية ببراءة المتهمين..
لن يكون المهندس نادر الذهبي والمهندس سهل المجالي هما من يشعران بأن العدالة قد أخذت مجراها بعد ظلم واتهام ولكن كثيراً من المواطنين والمراقبين والمعنيين بالمسيرة الوطنية وتخليصها بقوة العدالة من اي ظلم او فساد..
alhattabsultan@gmail.com