حرّاءْ إصبعه
تلك هي أكلة سوريّة شعبيّة تُسمّى حرّاق إصبعه مكونة من طحبن او معكرونة وعدس بنّي وحب الرمّان والكزبرة وزيت الزيتون ومواد اخرى مُفيدة للصحّة وقد سُمّيت بهذا الاسم لأنّ الطبّاخ كان يضطرّ ان يضع إصبعه ليتذوّق الطبخة وملحها حتّى يحترق من كثرة ما يتذوّق وما يخطر على البال في هذه المرحلة من الحراك الشعبي السوري وما يُواجهه من النظام السوري الحاكم وسواء إستطاع النظام الاستمرار في الحكم أم تغيّر حسب معادلات دوليّة معقّدة وآخرها محاولة الوسيط الأممي العربي كوفي عنان وتحديد مجلس الأمن الدولي يوم العاشر من نيسان لوقف ما يُسمّى بالعنف في سوريّا وسحب الآليات العسكريّة لجيش النظام من المدن فإنني اقول بانّ النظام حرق اصابع كثيرة له في مواجهته الشرسة للمعارضة السوريّة التي ابتدأت باعداد قليلة جدّا ثمّ بدأت بالتنامي والازدياد نتيجة التغذية الخارجيّة او نتيجة ازدياد عدد القتلى بين ابناء الشعب السوري ونتيجة للتصوير الاعلامي الممنهج والمخطّط له سابقا وكلما زاد عدد القتلى الذي اقترب من عشرة الآف كما تقول بعض الإحصاءات غير المؤكّدة وكلّما ادخل النظام إصبعا أو إصلاحا ليتحسّس ردّة الفعل يكون الوقت متأخرا وعدد القتلى إزداد وكان لمواقف الدول الداعمة للنظام مثل روسيا والصين وإيران والدول المتحفّظة كدول الجوار والدول الداعية لتنحّي الرئيس كالسعوديّة اكبر الاثر في تعقيد الموقف وجعل الربيع نارا مؤجّجة وبركانا نازفا .
وحيث انّ الطبّاخون كانوا كثرا فقد شاطت (انحرقت ) الطبخة والخاسر الكبير هو الشعب السوري العربي العظيم الذي لجأ بعضه لدول الجوار ليحتمي من نار الموت .
وأعتقد أنّ تلك الظروف كيفما انتهت ستسبّب جرحا نازفا وعميقا في سوريّا والتصفيات التي ستحصل وفي العالم العربي إنقساما هائلا وقد تظهر تحالفات عدّة قد تضمر العداء لبعضها ويكون الخاسر هو العربيّ الذي سيزداد انقساما وتشرذما مع الايام ويكون المُستفيد هو العدوّ الإسرائيلي على مختلف الجبهات الصامتة صمت الخرسان وستكون استفادة العدو من مختلف الولايات العربيّة الحاليّة والجديدة .
في الخمسينات من القرن الماضي ونحن صغارا كنّا نسمع الكبار يقولون إنّ امريكا ترسل لنا طحينا مخلوطا بعقاقير لعدم الفهم او لتبقينا كالمُخدّرين وكان مكتوب على اكياس الطحين هديّة من شعب الولايات المتّحدة الامريكيّة ليس للبيع أو المبادلة وكان أهالينا تستعمل تلك الاكياس كملابس داخليّة للصغار ويكون مكتوب خلف هؤلاء الصغار ليس للبيع او المبادلة وها هي النتائج ندركها الآن لأنّ ما يتحقّق الآن هو نتاج تخدير طويل الأمد لنا ولحكّامنا حيث سمحنا بضياع الاوطان بعد ضياع العقول وموت الضمائر وحلّلنا دم العربي على العربي واصبح لا فضل لعربي على عربي إلاّ بمدى قربه من امريكا ......
وهكذا فإنّ طبخة حرّاق إصبعه لم تنتهي لتقدّم على طبق ساخن للعدو الصهيوني فما زال هناك أصابع كثيرة ستحترق وخاصّة السبّابة والوسطى اصابع التشهّد لكي نكون في الجوامع ولا نستطيع التشهّد من النار الامريكيّة بانتظار نار جهنّم إن بقينا على هذا الحال .
وها هي ليبيا على ابواب ان تكون لوبيتين والعراق اصبح واقعيّا ثلاثة أعراق والحبل على الجرّار ومن يمسك الحبل سوى امريكا واسرائيل والذي يلعب عليه كالكراكوز في السيرك هم نحن العرب اصحاب الحضارة البائدة والاخلاق الشاردة والاحاسيس الباردة .
وكما قال شوقي
لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلاّ لصابر
ما بين غمضة عين و انتباهتها يغيّر الله من حال إلى حال
ما حك جلدك مثل ظفرك فتولّ أنت جميع أمرك
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
والهجرُ أقتلُ لي ممّا أراقبهُ أنا الغريق فما خوفي من البلل
إنّ في الحكمة البليغة للروح غذاءً كالطبِّ للأجساد
بقدر الصعود يكون الهبوط فإياك و الرتب العـاليـة
ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار
أحمد محمود سعيد
7/4/2012
تلك هي أكلة سوريّة شعبيّة تُسمّى حرّاق إصبعه مكونة من طحبن او معكرونة وعدس بنّي وحب الرمّان والكزبرة وزيت الزيتون ومواد اخرى مُفيدة للصحّة وقد سُمّيت بهذا الاسم لأنّ الطبّاخ كان يضطرّ ان يضع إصبعه ليتذوّق الطبخة وملحها حتّى يحترق من كثرة ما يتذوّق وما يخطر على البال في هذه المرحلة من الحراك الشعبي السوري وما يُواجهه من النظام السوري الحاكم وسواء إستطاع النظام الاستمرار في الحكم أم تغيّر حسب معادلات دوليّة معقّدة وآخرها محاولة الوسيط الأممي العربي كوفي عنان وتحديد مجلس الأمن الدولي يوم العاشر من نيسان لوقف ما يُسمّى بالعنف في سوريّا وسحب الآليات العسكريّة لجيش النظام من المدن فإنني اقول بانّ النظام حرق اصابع كثيرة له في مواجهته الشرسة للمعارضة السوريّة التي ابتدأت باعداد قليلة جدّا ثمّ بدأت بالتنامي والازدياد نتيجة التغذية الخارجيّة او نتيجة ازدياد عدد القتلى بين ابناء الشعب السوري ونتيجة للتصوير الاعلامي الممنهج والمخطّط له سابقا وكلما زاد عدد القتلى الذي اقترب من عشرة الآف كما تقول بعض الإحصاءات غير المؤكّدة وكلّما ادخل النظام إصبعا أو إصلاحا ليتحسّس ردّة الفعل يكون الوقت متأخرا وعدد القتلى إزداد وكان لمواقف الدول الداعمة للنظام مثل روسيا والصين وإيران والدول المتحفّظة كدول الجوار والدول الداعية لتنحّي الرئيس كالسعوديّة اكبر الاثر في تعقيد الموقف وجعل الربيع نارا مؤجّجة وبركانا نازفا .
وحيث انّ الطبّاخون كانوا كثرا فقد شاطت (انحرقت ) الطبخة والخاسر الكبير هو الشعب السوري العربي العظيم الذي لجأ بعضه لدول الجوار ليحتمي من نار الموت .
وأعتقد أنّ تلك الظروف كيفما انتهت ستسبّب جرحا نازفا وعميقا في سوريّا والتصفيات التي ستحصل وفي العالم العربي إنقساما هائلا وقد تظهر تحالفات عدّة قد تضمر العداء لبعضها ويكون الخاسر هو العربيّ الذي سيزداد انقساما وتشرذما مع الايام ويكون المُستفيد هو العدوّ الإسرائيلي على مختلف الجبهات الصامتة صمت الخرسان وستكون استفادة العدو من مختلف الولايات العربيّة الحاليّة والجديدة .
في الخمسينات من القرن الماضي ونحن صغارا كنّا نسمع الكبار يقولون إنّ امريكا ترسل لنا طحينا مخلوطا بعقاقير لعدم الفهم او لتبقينا كالمُخدّرين وكان مكتوب على اكياس الطحين هديّة من شعب الولايات المتّحدة الامريكيّة ليس للبيع أو المبادلة وكان أهالينا تستعمل تلك الاكياس كملابس داخليّة للصغار ويكون مكتوب خلف هؤلاء الصغار ليس للبيع او المبادلة وها هي النتائج ندركها الآن لأنّ ما يتحقّق الآن هو نتاج تخدير طويل الأمد لنا ولحكّامنا حيث سمحنا بضياع الاوطان بعد ضياع العقول وموت الضمائر وحلّلنا دم العربي على العربي واصبح لا فضل لعربي على عربي إلاّ بمدى قربه من امريكا ......
وهكذا فإنّ طبخة حرّاق إصبعه لم تنتهي لتقدّم على طبق ساخن للعدو الصهيوني فما زال هناك أصابع كثيرة ستحترق وخاصّة السبّابة والوسطى اصابع التشهّد لكي نكون في الجوامع ولا نستطيع التشهّد من النار الامريكيّة بانتظار نار جهنّم إن بقينا على هذا الحال .
وها هي ليبيا على ابواب ان تكون لوبيتين والعراق اصبح واقعيّا ثلاثة أعراق والحبل على الجرّار ومن يمسك الحبل سوى امريكا واسرائيل والذي يلعب عليه كالكراكوز في السيرك هم نحن العرب اصحاب الحضارة البائدة والاخلاق الشاردة والاحاسيس الباردة .
وكما قال شوقي
لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلاّ لصابر
ما بين غمضة عين و انتباهتها يغيّر الله من حال إلى حال
ما حك جلدك مثل ظفرك فتولّ أنت جميع أمرك
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
والهجرُ أقتلُ لي ممّا أراقبهُ أنا الغريق فما خوفي من البلل
إنّ في الحكمة البليغة للروح غذاءً كالطبِّ للأجساد
بقدر الصعود يكون الهبوط فإياك و الرتب العـاليـة
ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار
أحمد محمود سعيد
7/4/2012