انهت الثورة الشعبية السورية عامها الأول قبل أسبوعين , ولكن إصرار الشعب على التخلص من عبادة العبد الفرد , يدّلّ على أن استمراريتها ستستمر حتى لو اجتمعت مِلل الكفر والضلال على مساندة النظام الفاجر . فالمسلسل الدموي الذي اتّبعه نظام بشار جاء بخياره وحقده الطائفيّ البغيض .
إنطلقت احتجاجات الشعب السلمية المطالبة بالإصلاحات في الثامن عشر من آذار قبل عام ونيّف , يقول( مفيد شرف ) حيث كتب عدد من تلاميذ المدارس على جدران مدارسهم في محافظة درعا ( جاييك الدور , يا دكتور ) مُتأثرين بثورات الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا . فاعتقلتهم أجهزة النظام التي يسيطر عليها قِلّة من الطائفة العلوية , مصير من يقع بيديها مجهول . فقام الوجهاء بتشكيل وفد لمقابلة المسؤولين الذين أهانوهم وكالوا لهم شتائم لا تليق ببشر ولا يقبلها حيوان. فاندلعت المواجهات بين الشعب الأعزل والنظام القمعيّ الذي جرّده من كرامته وشهامته . ويضيف شرف ويدّعي النظام الكذاب بأننا عصابات إرهابية ونحن الشعب كلّه , أوَيُعقل أن يكون الشعب في مُجمله سفّاحاً ؟ كان مُحدِّثي يجلس في منزل المناضل غازي أبو السل في مدينة الرمثا على الحدود الأردنية السورية حيث ذهبت لألتقي قائد كتيبة النووي وقد نعى نجله وإحدى مجموعات كتيبته استُشْهِدوا في بلدتهم الأصلية ( نوى ) ضمن محافظة درعا , لتقديم التهاني له بمناسبة استشهاد إبنه محمد وأربعة آخرون هم إحدى مجموعات كتيبة النووي ألتي أسسها ويقودها وهم إبراهيم قاسم أبوالسل ومنصور فريد الجهماني ويامن زياد العُقْلات وقائد مجموعتهم محمد شكري شرف الملقب ب ( سبير ).
نفى القائد ( أبو السّلّ ) ما يروجه النظام العميل كما وصفه من أن الثورة مسيسة ومؤامرة , وقال إنها ثورة شعبية صنعها الله بيده , ولو لم نكن من ساعة الصفر فيها لقلنا إنها مؤامرة . وقال إن ثورة شعبنا قامت ضد الظلم والقهر والإستبداد والفساد , قامت لتنتزع حرية لن يهبها سالِبُها , هي كما رأيتموها سلمية يواجه فيها الشباب الثائر دبابات ومدافع النظام بصدورهم العارية , وأردف ألآلاف منهم استشهدوا وعشرات الآلاف مُصابون ومئات الآلاف مفقودون أو مُعتقلون . وفيمَ قال عن أن ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا أنجزت مهمتها الرئيسية بإسقاط أنظمة كل منها وهي ماضية في تحقيق بقية أهدافها إلا أن هناك مؤامرة تعيق انتصار الشعب السوري من قبل ثلاث جهات أولاها ألمد الصفوي حليف النظام الطائفي بدءاً من حزب اللات كما قال وإيران وميليشيات مقتدى الصدر . وثانيها ألأنظمة العربية المذعورة من الربيع العربي وثالثها ألكيان الصهيوني وأمريكا والغرب , فالعالم بأجمعه يمرّ عبر البوابة الإسرائيلية , هي إذن هجمة شرسة من كل هؤلاء . فالناتو تدخل في ليبيا في غضون أيام ثلاثة لكن سوريا قلب العروبة النابض والمجاورة لفلسطين السليبة ومنطلق الفتوحات الإسلامية التي وصلت للصين من المسجد الأموي , لا يريدون تغيير نظامها الموالي لهم , هذا النظام الفاشي الذي لا يعرف الله ولا يرحم الشعوب ويتلذذ في قتل الأبرياء واغتصاب النساء . وكانت روسيا أول من حذرت من إسقاطه لذعرها من المستقبل المظلم الذي ينتظرها وكررت ذلك مراراً للغرب وأمريكا فملّة الكفر واحدة .
لم يقطع القادمون إلى بيته لتقديم التهاني بالشهداء الخمسة له ولذوي من هو موجود في مدينة الرمثا التي ثار سكانها عدة مرات متضامنين مع الشعب السوري حديثه , الذي تخلّلته دموع عينيه وهو يتذكر بلدته نوى ونجله الشهيد محمد والأربعة الآخرون , فقد عاد ابنه محمد لها بعد أن كان معه في الرمثا ليلقى ربه كما أحبّ شهيداً وقال لسنا طائفيون ولا نحب العنف , لكنه فُرِضَ علينا . طلب مني القفز عن سؤال يتعلق بعدد المنتسبين لكتيبته التي باتت منتشرة في أرجاء سوريا وأكد إن الثورة التي كسرت حاجز الخوف حقّقت ثمانين بالمئة من أهدافها , وطالب العرب بتسليح الشعب السوري الذي انتفض من حوران ليكون مهداً لثورة ستجهز على الجهات المتآمرة ولتخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ولكنس الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين .
قال وهو يودّعني ( لم يتبقَّ إلا القليل , والصبر جميل ).