عندما يطرح حزب الميثاق الوطني في برنامجه الانتخابي فكرة خلق (25) ألف فرصة عمل سنوياً من خلال استثمار بقيمة (100) مليون دينار، كما قرأت، فهو بذلك لن يكون بعيداً عن برنامج الحكومة الحالية ورؤيتها الاقتصادية الحالمة بخلق "مليون" فرصة عمل خلال عشر سنوات، وهل ستكون الكلفة الاستثمارية ذاتها التي تخلق مثل هذا العدد المُبالَغ من فُرص العمل.؟
لا أدري كيف استطاع الحزب أن يحسبها، فهل المائة مليون دينار كفيلة بخلق (25) ألف فرصة عمل.؟!
الاقتصاديون والتجارب والخبرات في اقتصادات عالمية واقتصادات أخرى مُشابهة لاقتصادنا تقول بأن خلق فرصة عمل واحدة مستدامة يحتاج الى استثمار بقيمة تتراوح ما بين "20" ألف إلى "30" ألف دولار.
معنى هذا أن استثماراً بحجم "100" مليون دينار (140 مليون دولار) لن يكون قادراً على توفير أكثر من (7) آلاف فرصة عمل في أحسن الأحوال، فكيف يقول الحزب بأن المبلغ المشار إليه سيخلق أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المتوقّع اقتصادياً.؟!
ربما نستطيع أن نوفر بهذا المبلغ أكثر من (30) ألف فرصة عمل سنوياً، قد يكون هذا ممكناً، لكنها لن تكون فرصاً حقيقية مستدامة، بل وظائف بسيطة جداً وهشّة وموسمية، أو أعمالاً خفيفة لا تحمل مقوّمات الديمومة وتوفير الدخل الأدنى لأصحابها، مع الاختلاف طبعاً ما بين طبيعة قطاع عمل إلى آخر. وحتى في دول ذات اقتصادات مشابهة.
ومن الأمثلة العالمية بحسب تقرير للبنك الدولي حالة مقهى في الولايات المتحدة، إذْ وفقا لمؤسسة مقهى "كريمزون كب كوفي" (Crimson Cup Coffee) فإن إنشاء مقهى يمكن أن يتكلف ما بين 80 ألف و 250 ألف دولار. وتشمل هذه التكاليف الإيجار، واحتياطيات للمرتبات والمزايا والاستحقاقات الأخرى ورسوم التصميم، والمحامين، والمعدات، والمواد الخام، وضرائب الدخل، وغيرها. وعادة ما يوظف المقهى ما بين (3) إلى (7) أشخاص، أي أن الوظيفة الواحدة تُكلف ما بين (25) ألف إلى (35) ألف دولار (18 ألف إلى 25 ألف دينار).
الضمان الاجتماعي سيكون مستفيداً بالتأكيد لو استطاع حزب الميثاق الوطني أن ينجح في تنفيذ برنامجه الحالم في توفير هذا الكم الكبير من فرص العمل بمبلغ المائة مليون دينار، لكن كيف وبأي أدوات، ومع أي شراكات، وما سُبُل التمويل، وفي أي القطاعات والمشروعات، وكيف سيبني جسر التنسيق ما بين وزارة العمل ووزارة الاستثمار والقطاع الخاص..؟!
هذه أسئلة تحتاج إجابة من الحزب.!
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع- يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).