اربع شركات تأمين فقط من نشرت ميزانياتها وقوائمها المالية الختامية على موقع هيئة الأوراق المالية وفقاً لتصريحات صدرت عن المدير التنفيذي لبورصة عمان مازن الوظائفي قبل أيام حيث تم منح شركات التأمين مهلة لغاية 30/9/2024 لتزويد البورصة بالبيانات المالية النصفية لعام 2024 انسجاماً مع قرار مجلس مفوضي هيئة الاوراق المالية بهذا الخصوص وهذا يعني ان معظم الشركات في هذا القطاع لم تقم بتقديم بياناتها المالية السنوية او النصفية بالرغم من المهل الزمنية التي منحت لتلك الشركات بإعتبار ان تلك البيانات لا تزال تدرس وتراجع وتقيم من قبل ادارة التأمين في البنك المركزي التي اصبحت الجهة الرقابية والتنظيمية لقطاع التأمين بديلاً عن هيئة التأمين لوزراة الصناعة والتجارة.
بيانات وميزانيات شركات التأمين لا يمكن ان يتم نشرها او حتى الافصاح عنها او مناقشتها بالاجتماعات العمومية العادية ما لم تجاز قانونياً ومحاسبياً من قبل ادارة التأمين في البنك المركزي والذي يبدو انه يقوم بجهد غير مسبوق في تحليل ومناقشة وتشريح كل بنود الميزانية الخاصة بتلك الشركات تحديداً بعد ان جرى اعتماد معيار محاسبي جديد يطبق لأول مرة وتم تأجيله بعض الوقت على تلك الشركات مع وجود اهتمام ورقابة من قبل البنك المركزي في متابعة ومراقبة كل الملاحظات والايضاحات والبنود المالية ومعرفة مدى موائمتها للأسس والشروط والمعايير المحاسبية والاكتوارية التي تم وضعها، وهنا نؤكد ان البنك المركزي وادارة التأمين به حريصة تماماً على عدم اجازة اي قوائم مالية الا "ويطمئن قلبها" تماماً لكل قوائم الميزانية كقائمة مركز مالي وقوائم التدفقات النقدية وحقوق المساهمين والملاءة المالية والمخصصات والمعايير وليس كما كان سابقاً عندما كانت القوائم تجاز وتختم "على العميان" وبدون تدقيق او مراقبة حتى اكتشفنا ان من قام بإجازة الكثير من القوائم كان مجرماً بحق تلك الشركات ومستثمريها ومساهميها وحتى المواطنين المنتفعين بها ، وكم هو الوضع يائس وبائس عندما تم تطبيق القانون والأنظمة والتعليمات وتشديد الرقابة على تلك الشركات وهي بالمناسبة والكثير منها شركات كبرى ومهمة ولها دور في النشاط الاقتصادي والناتج الاجمالي الكل يعرفها ، ونؤكد بأن بعض الشركات وخصوصاً الكبيرة وذات السمعة والسيرة الطويلة تدفع ثمناً غالياً وكبيراً جراء ما يتم هذا الوقت في التأخير او التأجيل في اقرار ميزانياتها المعلقة بالهواء منذ شهور طويلة ولا تزال حتى الآن والدليل ان الشركات التي حصلت على موافقات واجازات لبياناتها المالية لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة وفيما لا يزال تنتظر الشركات دورها في الحصول على تلك الموافقات التي طال انتظارها وتجاوزت حدود الزمن المعطول مما اثر سلباً عليها امام مساهميها ومستثمريها وحتى المتعاملين معها ممن يجدون بأن هنالك أسباب في تأخير اقرار القوائم وهم لا يعلمون كيف يتم اقرار الميزانية وتسلسل الاجراءات في دراستها وفحصها وتدقيقها ومعالجتها قبل اقرارها.
شركات عديدة وكثيرة لم تحصل بعد على "الختم" حتى الآن ومنذ شهور طويلة جداً ويبدو ان السبب ليس ان المحاسب القانوني الداخلي والخارجي لتلك الشركات لا يعلم كيف يتم بناء وصياغة ميزانيته لأن بعض المحاسبين لتلك الشركات هي شركات عالمية كبار ومعروفة ولها تاريخ في اقرار الميزانيات ولديها عملاء كثر أيضاً مما يثير تساؤلات ومعضها مشروع وحقيقي في ان التأخير لا تتحمله الشركات لوحدها او بعضها بل ان المسؤولية ايضاً تقع على عاتق ادارة التأمين في البنك المركزي التي يبدو انها تعاني من قلة الخبرات والكفاءات والمهارات وفي قلة العنصر البشري العامل في الادارة لأن بعضهم هاجر وترك منصبه يبحث عن فرصة في دول مجاورة وبرواتب وفيرة في الوقت الذي عجزت به ادارة التامين عن توفير البدائل الجاهزة ذات الخبرة النادرة في الكثير من الدوائر المحاسبية والمخاطر وذات الخبرة في مجال الدراسات الاكتوارية مما ادى الى تراكم عشرات البيانات والميزانيات والقوائم على ادراج الادارة في ظل انشغال ادارة التأمين والصف الاول بها في مهمات ومسؤوليات واولويات تشريعية وتنظيمية وادارية هدفها ضبط اعدادات هذا القطاع الذي كان يسير بلا كوابح وبلا رقابة حقيقية او محاسبة دقيقة.
اليوم شركات التأمين لديها شكوى حقيقية ومعاناه يلمسها البعيد قبل القريب أهمها ان هنالك شركات تقف عاجزة عن عقد اجتماعات عمومية سنوية دورية مثلها مثل كل الشركات المساهمة العامة ولا تستطيع توزيع اية ارباح مطلقاً لعدم معرفتها بمصير اموالها وارباحها وفيما اذا يسمح لها بالتوزيع او لا يجوز واحدى الشركات قامت باحداث فوضى عارمة عندما اعلنت انها لم توزع ارباح لهذا العام بسبب ان البنك المركزي منعها من اتخاذ هذه الخطوة مما ادخلها في حرج وضيق ومتاهة انعكست سلباً على وضع الادارة والسهم المتعاملين معها وبعض الشركات تنتظر من يجيز لها تلك القوائم ولكنها لا تحصل على موافقات بسبب المراسلات الخطية الروتينية البطيئة من قبل ادارة التأمين التي وبأمانه مع ايماننا بحجم المسؤوليات الواقعة على عاتقها الا انها بطيئة جداً في حركتها وفي تنفيذ ما يطلب منها بسبب عدم قدرتها على التعاطي مع المتغيرات السريعة والكثيرة لهذا القطاع ولا يستغرب احد بأن بعض الشركات لم يستطع عقد اجتماع عمومي من أجل تغيير او انتخاب مجلس ادارة جديد لعدم وجود القوائم المالية التي تمثل جوهر الاجتماع العمومي كما ان بعض المستثمرين خصوصاً ممن يملكون اكثر من شركة تأمين متداخلة لا يستطيعون عكس نتائج ميزانياتهم على الميزانيات المجمعة لشركاتهم في الخارج .
واخيراً نأمل من محافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس والجميع يثق بهذا الرجل وبدوره وحماسه ونشاطه وعدله ان يتدخل بما يضمن الموازنة بين انجاز المعاملات واقرار البيانات والسرعة باتخاذ القرار مع ضرورة تطبيق المعايير والاسس العلمية والمحاسبية من خلال دراسة اسباب تأخير تلك المعاملات والتحكم بسير واقع الشركة ومسار حركتها والاطلاع عن كثب عن الاسباب الحقيقية التي تؤثر على الانجاز في العمل خصوصاً وان الجميع يدرك ان قطاع التأمين يعاني جداً وبعض الشركات خرجت من الخدمة وبعضها دخل محور التصفية والآخر اوقف عن العمل وبعضها يترنح خصوصاً مع قرارات زيادة رأس المال وامور اخرى ومتطلبات يجدها البنك المركزي ضرورية جداً وهو من حقه ان يطلب ما يشاء ولكن هناك واجب عليه ايضاً ان يذلل الصعاب بطريقة تضمن سير العمل وتحقيق الانجاز وخدمة كل الاطراف وعلى ثقة بأن البنك المركزي وادارته ستتدخل لتشخيص معاناه سمعتها اكثر من مرة ومن اكثر من طرف وهي شكوى تستحق ان نقف امامها.