خطاب نتنياهو استعراضي، وبعيد كل البعد عن الحقائق ومليء بالكذب والادعاءات الباطلة وقد أظهر عبر خطابه الأخير في الكونغرس أنه «يتقن الطريقة الأمريكية في ممارسة السياسة، بعد أن صافح الناس يميناً ويساراً في طريقه إلى قاعة مجلس الشيوخ و النواب لإلقاء خطاب يشبه خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرؤساء الأمريكيون، وقدّم وكان قوات احتلال جيشه قد حققت الانتصار، وملأ خطابه بنقاط جلبت التصفيق، كما قفز الجمهوريون وبدؤوا يهتفون في الوقت المناسب، وكذلك فعل العديد من الديمقراطيين» ويمكن وصف الحدث والخطاب بأنه أشبه بمسرحية، هذا على الرغم أن هناك الكثير من الناس في إسرائيل والولايات المتحدة، بما في ذلك بعض من كانوا في القاعة ويستمعون للكلمة، يأملون خروج نتنياهو من منصبه، وخروج القوميين المتطرفين في ائتلافه، كما شكّلت الحشود التي تظاهرت ضده ومن أجل الفلسطينيين رغم الطقس الحار خارج قاعة الكونغرس، مُشكلة سياسية وفضل العديد من المشرعين داخل القاعة تجنبها.
خطاب نتنياهو أمام الكونغرس لم يكن خطاب النصر الذي كان يتمنى تحقيقه وقد استمر ساعة تقريبا - وهي ضعف المدة التي تحدث فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي قبل سبعة أشهر - وكان بعيداً عن كونه «الانتصار الذي يحتاج إليه» ودعا إلى أن تكون غزة «منزوعة السلاح وخالية من المتطرفين»،وقد اتهمه العديد من المحللين والمراقبين وحتى السياسيين بممارسة «الكذب والتضليل» بخلاف المزاعم التي حاول الترويج لها أمام الكونغرس الأمريكي، مساء اليوم الأربعاء، بخصوص استهداف المدنيين بقطاع غزة وعرقلة توصيل المساعدات، وقد أكدت تقارير حقوقية وأممية مرارا مقتل مدنيين، بينهم نساء وأطفال، خلال عمليات الجيش الإسرائيلي وتدمير منازل وأحياء سكنية كاملة، ووفاة الآلاف من المدنيين جوعا في غزة نتيجة منع إدخال المساعدات.
ومع محاولته تغييب حقائق الخسائر البشرية والمادية التي أكدتها تقارير دولية وأممية بشأن حرب غزة، ادعى نتنياهو في كلمته أمام الكونغرس أن الفلسطينيين يعانون الجوع «لأن حماس تسرق المساعدات»، على حد زعمه.
وزعم أن عدد القتلى في غزة جراء الحرب التي تشنها إسرائيل «هو الأقل في تاريخ حروب المدن»، مدعيا أن حماس «تنشر الأكاذيب للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب» وبدعم أمريكي، أسفرت حرب إسرائيل على غزة عن نحو 129 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حتى مساء الأربعاء، بحسب التقارير الموثقة الصادرة عن وزارة الصحة بغزة.
وهاجم نتنياهو المتظاهرين ضد إسرائيل، واتهمهم بأنهم يريدون تدمير الولايات المتحدة، وزعم أن «كثيرا من المتظاهرين ضد إسرائيل اختاروا أن يقفوا مع الشر ومع حماس ويجب أن يشعروا بالعار» كما زعم أن «المتظاهرين أمام الكونغرس أصبحوا لعبة في أيدي إيران»، وادعى أن طهران تمول الاحتجاج ضد إسرائيل، دون تقديم أدلة على مزاعمه.
كما هاجم نتنياهو المحكمة الجنائية الدولية التي سبق أن أكدت أن إسرائيل تجوع الفلسطينيين بغزة متهما إياها بـ»الهراء والتلفيق».وزعم أن «أكاذيب محكمة الجنايات الدولية تحاول تقييد يد إسرائيل ومنعنا من الدفاع عن أنفسنا».
وسبق أن طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن «جرائم حرب» و»جرائم ضد الإنسانية» في غزة.
وحذرت 13 منظمة دولية وإنسانية، في تقرير نشرته الخميس الواقع في 24/7/2024، من تواصل تعطل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة.
وحذرت «أطباء بلا حدود»، وهي إحدى هذه المنظمات، من «تفاقم الكارثة الإنسانية بالقطاع، في حين تستمر المنظمات غير الحكومية في مواجهة العقبات التي يفرضها استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية».
وأكدت المنظمة أن «المعابر في جنوب القطاع مغلقة تماما، أو لا يمكن الوصول إليها من الناحية اللوجستية، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية»،.
ورغم كل تلك الأضاليل والأكاذيب التي تتضمنها خطاب نتنياهو فان حكومته تواصل حربها على قطاع غزة متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع، وهناك خطر يتهدد القطاع من تداعيات الحرب وهذه كلها تتناقض مع خطاب نتنياهو المليء بالكذب والحقد والتحريض.