لا تزال العملية السياسية في بلدنا, كما كانت دائما, تحدث في الكواليس, في
خفية عن الرأي العام وتفاعلات القوى السياسية. الشيء الجديد هو أن الاخوان
المسلمين دخلوا على خط الكواليس, وتم الترحيب بهم في الغرف المغلقة أو في
المزارع المسوّرة البعيدة عن عيون الشعب.
ألم تتشكّل, في عزّ ,2011 لجنة للحوار الوطني, ضَمن الملك, شخصيا, تنفيذ توصياتها.أين تلك التوصيات? أينها, سواء فيما يتعلق بالديباجة السياسية البالغة الاهمية والمتضمنة توافقات الحد الادنى في مسألة المواطنة والجنسية والعدالة الاجتماعية ودولة الحق والمساواة, أم في مسألة النظام الانتخابي?
أين لجنة قوننة فك الارتباط مع الضفة الغربية التي تم الاجماع على تشكيلها
للبحث في الصيغ الدستورية والقانونية للخلاص من أشباح الوطن البديل
والكونفدرالية الخ? ألم تتشكّل, في عزّ ,2011 لجنة للحوار الوطني, ضَمن الملك, شخصيا, تنفيذ توصياتها.أين تلك التوصيات? أينها, سواء فيما يتعلق بالديباجة السياسية البالغة الاهمية والمتضمنة توافقات الحد الادنى في مسألة المواطنة والجنسية والعدالة الاجتماعية ودولة الحق والمساواة, أم في مسألة النظام الانتخابي?
بالنسبة لي, لم أكن على وفاق كامل مع مخرجات لجنة الحوار الوطني; كان, وما زال لديّ تحفّظات على الكثير منها. لكنني, كغيري, قبلتها جملةً, ذلك لأن الاجماع الوطني على أفكار وحلول ناقصة يظلّ أكثر جدوى من التشتت والتنابذ والصراع من دون مرجعية.
ضربت حكومة عون الخصاونة عرض الحائط بكل تلك العملية السياسية التي جرت في جوّ صحي وفي النور وجمعت معظم الاطياف السياسية والاجتماعية في البلاد. وبدلا من الاخذ بمخرجات لجنة الحوار الوطني والشروع في تطويرها وتنفيذها فورا, تلكأت حكومة الخصاونة وناورت والتفّتْ على تلك المخرجات باسم الولاية العامة لمجلس الوزراء. ولئلا يحدث التباس, فنحن قاتلنا من أجل الولاية العامة طويلا, لكن لاستخدامها ضد الخلية النيوليبرالية والتعدي على المصالح الوطنية, وليس لاستخدامها ضد الارادة الشعبية والاجماع الوطني.. كما يستخدمها عون الخصاونة, متذرعا بولايته لنسف منجزات الربيع الاردني.
الوثيقة السياسية للجنة الحوار الوطني وهي الاهم ذهبت أدراج الرياح, كذلك جرى طيّ اقتراحها الخاص بالنظام الانتخابي. وهو اقتراح لا أتفق معه بالضرورة, لكنه نجم عن حوار شامل, وتحت الشمس, وأمام الاعين. أما مشروع النظام الانتخابي لحكومة الخصاونة, فهو يُطبَخ في مزرعته سرا مع حليفين لا غير هما حمزة منصور وأحمد عبيدات, ويهدف إلى بلورة نظام انتخابي يضمن سيطرة التحالف الثلاثيّ على العملية السياسية, والبرلمان المقبل, والحكومة البرلمانية التي يخطط الخصاونة لرئاستها محمولا على أكتاف "الاخوان" وتحالفاتهم الاقليمية والدولية.
انسوا ما يطالب به "الاخوان" علنا, وفكّروا في الصفقة التي ستدور حول متلازمة الدوائر الكبيرة ومبدأ الفوز الاكثري. وهو ما يلائم " الاخوان" تماما لأنه يساعدهم على مضاعفة حصتهم من خلال القدرة على تجيير الاصوات. وكانت لجنة الحوار الوطني قد أوصت بالدوائر الكبيرة لكن مع مبدأ الفوز النسبي الذي يعطي لكلّ طرف حصته العادلة, ولا يسمح بتجيير الاصوات ومضاعفة الحصة.
لا يمكننا أن نوافق على دوائر كبيرة ( المحافظات و3 دوائر في عمان ودائرتان لكل من الزرقاء وإربد) الا على أساس القوائم والنسبية, أما إذا تم اعتماد مبدأ الفوز الاكثري, فلا مناص من الدوائر الصغيرة, لتمكين القوى الاجتماعية والسياسية من المنافسة.
احتجاجي, أولا, هو على الكواليس والصفقات وتجاهل وإهانة ممثلي الرأي العام في لجنة الحوار الوطني, أولئك الذين ننتظر منهم صحوة غضب لكرامتهم وكرامة البلد, واحتجاجي, ثانيا, على صفقة نظام انتخابي ستبيع البلد لتحالف سياسي مرتهن خليجيا وأمريكيا.