أخبار البلد - يقول خبراء إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يريد التوصل إلى صفقة مع المقاومة بقدر ما يريد الحصول على مزيد من الوقت، وإنه قرر العودة للتفاوض خوفا على مستقبله وليس حرصا على حياة الأسرى.
ونقلت وسائل إعلام عبرية وأميركية عن مسؤولين إسرائيليين إعلانهم عن جولة جديدة من المفاوضات بحضور الوسطاء القطريين والمصريين وبمشاركة فاعلة من الولايات المتحدة، مؤكدين أن تل أبيب مستعدة لبحث الهدوء المستمر لأنها تخشى نفاد الوقت.
وفي حين تبدي وسائل الإعلام الإسرائيلية تفاؤلا كبيرا باحتمال التوصل لاتفاق قريب، فإن الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين يرى أن الحرب لن تتوقف إلا إذا أحبت إسرائيل أسراها أكثر من كرهها للفلسطينيين.
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، أعرب جبارين عن اعتقاده بأن نتنياهو لا يزال أكثر المستفيدين من هذه الحرب، وأنه يحاول إطالة أمدها خشية المحاسبة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أدار المعركة بلغة أكثر شعوبية ما زال أيضا قادرا على إدارتها بدهاء سياسي، كما يقول جبارين، مؤكدا أن ما يتم الترويج له بشأن العودة للمفاوضات يعكس شعوره بأن العصي السحرية التي يضعها في عجلة المفاوضات بدأت تنفد.
بحث عن الوقت وليس عن الحل ومع ذلك، يعتقد جبارين أن اليمين الإسرائيلي يظل هو العقبة أمام أي حديث عن وقف للحرب، ويرى أن ما يقوم به هذا اليمين في الضفة الغربية من انتهاكات وتوسيع للاستيطان وطرد للفلسطينيين من قراهم "ليس إلا رشوة من أعضاء مجلس الحرب عموما لهذا التيار المتشدد حتى يقبل بما ستؤول إليه هذه الحرب مستقبلا"، حسب تعبيره.
الرأي نفسه ذهب إليه الباحث السياسي حسام شاكر بقوله إن الكرة باتت في مرمى إسرائيل لأنها تتحدث عن التفاوض مع قادة المقاومة التي جعلت القضاء عليها هدفا أول لهذه الحرب.
إلى جانب ذلك، فإن العودة للمفاوضات تأتي بعد أسبوعين تقريبا من عملية رفح التي كان نتنياهو يقول إنها المحطة التي تسبق إعلان النصر، بينما لم يحقق فيها أي شيء عسكريا، برأي شاكر.
وبناء على هذا الواقع الميداني فإن نتنياهو لم يعد أمامه إلا التفاوض الذي لا يريده ومن ثم فهو يدخله بحثا عن تهدئة الشارع الإسرائيلي وليس بحثا عن الحل، كما يقول المتحدث نفسه.
أما الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي، فيرى أن المقاومة تجيد استثمار ورقة الأسرى التي هي أهم ما لديها من أوراق للضغط على نتنياهو، لكنه في الوقت نفسه يعتقد أن الأخير يتحرك انطلاقا من الصراع السياسي الدائر في إسرائيل وليس بحثا عن سلامة الأسرى.
وأشار مكي إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية -حتى اليمينية منها- بدأت تتبنى مصطلح "الوقت ينفد" الذي صاغته المقاومة، لافتا إلى أن هذا الأمر يمثل جزءا من الصراع السياسي الداخلي.
المفاوضات ساخنة ورغم ذلك، يقول شاكر إن المفاوضات ساخنة وإن كلا الطرفين يبحث عن اتفاق، لكنه في الوقت نفسه يعتقد أن نتنياهو سيعرف كيف يمنع التوصل لهذا الاتفاق في وقت معين، وهو رأي يتفق معه مكي بقوله إن نتنياهو "لن يقبل بوقف إطلاق النار أبدا".
ووفق مكي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يعرف أن الزمن هو عامل الحسم في هذه المعركة، لكنه فشل في استغلاله ويحاول استثمار ما تبقى منه للتلاعب بالآخرين سواء الرأي العام الإسرائيلي أو المفاوضين".
وخلص مكي إلى أن نتنياهو "ربما يرضخ لبعض المطالب لكنه لن يفرط في الأمور التي يرفضها اليمين الإسرائيلي، وغالبا سيبحث عن طريقة تدفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لرفض أي مقترح مقبل".
وأعرب مكي عن اعتقاده بأن إسرائيل قد تنسحب عسكريا من معبر رفح مقابل الحصول على مزيد من الوقت من الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الأخيرة لا تزال راغبة في القضاء على حماس عسكريا أو سياسيا، وبالتالي ربما تمنح نتنياهو الوقت والمعلومات التي لم يحصل عليها من قبل مقابل سحب قواته من رفح.
وعن الموقف داخل إسرائيل عموما، قال جبارين إن الحرب لا تزال محط إجماع رغم وجود خلافات بشأن أهدافها، مؤكدا أن المجتمع الإسرائيلي لم يعد معنيا بأي عنصر أخلاقي خلال هذه المعركة، وبالتالي فإن التوصل لاتفاق بشأن هدوء مستدام ربما يعني الإبقاء على حق الجيش في دخول القطاع مجددا كما هي الحال في الضفة الغربية.