ينفتح المشهد العالمي في هذه الأيام على أفق جديد يستعيد فيه بوصلته نحو المنظومة القيميّة والأخلاقية والإنسانية التي بدأت تتلاشى في خضم مشاهد القتل والتدمير وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على أهلنا في غزة، مشهد تستعيد فيه الجامعات الأمريكية والأوروبية دورها في التنوير والريادة والقيادة وضبط البوصلة الإنسانية والأخلاقية، وتُعيد فيه إنتاج مفاهيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان ورفض الظلم والاستقواء بأنقى صورها، تلك المفاهيم التي تشوهت و غُيّبت تحت وطأة التجاذبات السياسية الدولية ومصالح ال?ول الاقتصادية...
إنه الوقت الذي تشهد فيه العديد من الجامعات الأميركية والأوروبية والعالمية حراكات طلابية بمشاركة أعضاء هيئات تدريسية شكلّت مشهد الوقوف مع صوت الحق والعدالة والضمير والحريّة والديمقراطية، تلك الحراكات التي استدارت على المواقف السياسية لحكومات دولها، واصطفت إلى جانب الحق والإنسانية والحرية والعدالة وصوت الضمير والأخلاق، لدعم الشعب الفلسطيني في غزة هاشم والضفة الغربية المحتلة، ورفع الظلم والقهر والمعاناة عنه، في مشواره الطويل لتحرير أرضه والتحرر من الظلم والاستبداد والاحتلال، ولوقف المجازر في حق المدنيين من ال?طفال والنساء والشيوخ، وكسر سياسات التجويع والعزل والحصار، وتدمير الجامعات والمدارس والمستشفيات ودور العبادة وغيرها من متطلبات الحياة في غزة...
إن العالم اليوم يمرّ في منعطف خطير ويقف أمام مفترق طرق؛ أمام الأخلاق واللاأخلاق، والإنسانية واللاإنسانية، والعدل والظلم، والحرية والاستبداد، وبين صمت الأموات وصوت الحق والضمير والعدالة والإنسانية والأخلاق.
ونحن في الأردن نفخر بأن حبانا الله بقيادة هاشمية حذرت مراراً وتكراراً من تبعات الاحتلال والغطرسة وازدواجية المعايير حتى أصبح الأردن صوت الحق والعقل والمنطق في المحافل الدولية كافة.
وتقع علينا، بوصفنا أساتذة وعلماء في الجامعات وفي كل بقاع العالم، مسؤولية الانحياز إلى الحق والإنسانية، ونعلن بكل ما أوتينا من ضمير وأخلاق وإنسانية دعمنا الكامل لهذه الصحوة في الجامعات والكليات والمعاهد العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا لحراك الطلبة والأساتذة في هذه الجامعات، والذين يتعرض حراكهم إلى التضييق وكبت الحريات وتكميم الأفواه على نحو صادم وغير مسبوق في بلدان لطالما أشبعتنا بالحديث عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، هذا الحراك الذي اجتمع بكل أطيافه، من شتى الأعراق والأصول والمنابت?والمعتقدات بما في ذلك الطلبة اليهود، ليقف مع الإنسانية، ولم يجمع بينهم غير صوت الضمير ونداء الأخلاق والإنسانية ورفض الظلم أنَّى كان شكله ومصدره ومنبته والذي يمارسه هذا العدو المتغطرس ودولته المارقة في غزة وفلسطين، وهذا ما أثار غضب رئيس وزراء دولة الاحتلال؛ لأنه يعلم أن هذه الصحوة ستكون لها تبعات على دولة الكيان حالياً ومستقبلاً.
كما علينا أيضاً أن نعلن، بكل أدبيات الحوار، وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه من هذا الاحتلال البغيض، وحقه في الحرية والعدالة، وفي إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف كسائر شعوب الأرض، وأن نطالب كل الحكومات والهيئات والمجالس والمنظمات الدولية بالاضطلاع بدورها، والقيام بواجبها الإنساني والأخلاقي لوقف هذه الحرب الظالمة التي يرتكبها هؤلاء المغموسون بأيديولوجيات العنف والعفن الفكري، ونناشد كل الشرفاء في العالم الوقوف وقفة حق والانحياز إلى صوت العدل والأخلاق والإنسانية، لإعادة ت?كيل المشهد الإنساني وَفق المنظومة القيميّة والأخلاقية ومفاهيم العدل والحق والحرية والديمقراطية الحقيقية، وكذلك الوقوف إلى جانب كل الشعوب المقهورة بما في ذلك الشعب الفلسطيني ودعمهم للحصول على حقوقهم وحرياتهم المسلوبة. والله ولي التوفيق والسداد.