قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في الاجتماع الذي عقده في العشرين من اذار الجاري الابقاء على أسعار الفائدة الرئيسية لليلة واحدة دون تغيير للمرة الخامسة على التوالي والثانية خلال 2024 في نطاق 5،25% - 5،5% .
و استند في قراره الى مجموعة من العوامل والدوافع والبيانات الاقتصادية وارتفع معها الدولار ، أبرزها عودة التضخم بارتفاع مؤشر التضخم الكلي بالولايات المتحدة في شباط الى 3،2% بأعلى وتيرة منذ عام وتوقعاته للتضخم الأساسي وهو المفضل لديه الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة لعدم التحكم بهما عند 2،6% في عام 2024 بدلا من 2،4% .
وأشار الى النموفي الأجور وقوة سوق العمل لزيادة الطلب على العمالة عن المعروض وظهور الاقتصاد الأميركي بأداءا قويا وتحقيقه تقدما كبيرا وأن المؤشرات الأخيرة تشير الى أن النشاط الاقتصادي يتوسع بوتيرة قوية وقد تلقى دعما من طلب المستهلكين القوي وان كان موسميا في الأشهرالسابقة وتعافي سلاسل التوريد وقد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد من 1،4% الى 2،1% هذا العام .
و تراجعت ثقة المستهلكين الأميركيين في شباط حيث يشعرون بالضغط بسبب انخفاض القوة الشرائية حسب غولدمان ساكس ، وانخفضت أرباح البنوك الأميركية بنسبة 44% في الربع الرابع 2023 .
وقد أضاف الاقتصاد الأميركي في شياط 275 ألف وظيفة غير زراعية مقابل توقعات عند 198 ألف وظيفة مع ارتفاع معدل البطالة في أميركا الى 3،9% خلال شباط من 3،7% في كانون الثاني ، و خفض الفيدرالي توقعات البطالة في الولايات المتحدة من 4،1% الى 4% في 2024 .
ووضعت قوة قطاع الوظائف ومعدلات البطالة المنخفضة وجمود التضخم في الولايات المتحدة حيث لا زال مرتفعا وعدم تراجعه بوتيرة سريعة الفيدرالي في مأزق خفض الفائدة الذي كان متوقعا من الأسواق أن تكون بدايته اجتماع أذار ليتحول مبدئيا الى حزيران المقبل ، واعلان الفيدرالي استعداده للابقاء على معدلات الفائدة لفترة أطول اذا لزم الأمر صاحبه توقعات جديدة من الأسواق المالية بخفض أقل وتقليل رهاناتها على الخفض لثلاث مرات بحلول نهاية 2024 ، مما دفع سندات الخزانة الأميركية لأكبر صعود أسبوعي منذ تشرين الأول 2023 واستمرار قوة الدولار باضعاف الطلب على النفط .
ويرى الفيدرالي أن تخفيضات الفائدة ووتيرة تنفيذها لن ترتبط بمواعيد معينة بل ستعتمد على البيانات بشكل أساسي ولا يعتبر تخفيض الفائدة مناسبا حاليا قبل التـأكد من الاتجاه المستدام لمستوى التضخم الى مستهدف 2% ، و أن التضخم ما زال فوق المستهدف على المدى الطويل ومسار التقدم المستقبلي ما زال غير مؤكد وأن السياسة النقدية وصلت الى ذروتها في هذه الدورة و ارتفاع أسعار الفائدة أثر على الأعمال والاستثمار ، رافعا توقعاته لمعدلات الفائدة الى 3،9% في 2025 .
والتساؤل المطروح متى ستخفض البنوك المركزية الفائدة في معركة التضخم الطويلة وتنتظر اشارة البدء بالخفض من الفيدرالي الأميركي للسير في نفس الاتجاه وسيكون الخفض محور عام 2024 وهو ما أكده محافظ بنك انجلترا لبيان الخطوة المماثلة حيث تشهد بريطانيا معدلات الفائدة عند 5،5% وهي أعلى مستوى منذ 15 عاما ، وتراجع التضخم في شباط الى 3،4% وهو أدنى مستوى منذ أيلول 2021 مقابل 4% في كانون الثاني مع توقعات بابقاء بنك انجلترا معدلات الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل في الحادي والعشرين من الشهر الحالي والبدء بأول خفض في اب المقبل .
فيما تخلى المركزي الياباني عن سياسة الفائدة السالبة ورفع معدلات الفائدة على المدى القصيرالثلاثاء للمرة الأولى منذ 17 عاما لتصبح ضمن نطاق صفر – 0،1% ، مع وصول التضخم في البلاد الى 2،2% مقابل المستهدف 2% وتراجع كل من الين مقابل الدولار و ترتيب الاقتصاد الياباني الى الرابع عالميا و انفاق الأسر بأكبر وتيرة في 35 شهرا .
وتراجعت أسعار الذهب بشكل طفيف بدفع من ارتفاع الدولار بعد وصوله فوق مستويات 2100 دولار للأونصة وعادت للارتفاععقب قرار الفيدرالي بشأن الفائدة ، ويتوقع سيتي غروب استمرار ارتفاع الذهب ووصوله الى ثلاثة الاف دولار في 2025 .
وقد اشترت البنوك المركزية 39 طنا من المعدن الأصفر في كانون الثاني المنصرم دعما لعملاتها الوطنية وأكثر تلك البنوك الصين وتركيا ، ويرى بنك UPS أن البيانات الاقتصادية الضعبفة وهبوط الفائدة الحقيقية وراء مكاسب الذهب .
وتوقعت مجموعةدول العشرين من خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية فيها بمؤتمرها في مطلع اذار الحالي في البرازيل هبوطا ناعما للاقتصاد العالمي في 2024 ، فيما أطلقت مديرة صندوق النقد الدولي خلالالاجتماع تحذيرات قالت فيها أن العام الجاري سيكون عاما وصفته " بالصعب " بالنسبة للبنوك المركزية وقرارات السياسة النقدية المنتظرة خاصة مع المهمة الملقاة على عاتق صناع السياسات النقدية والتي تتمثل في معالجة التضخم بالتزامن مع اقرار التوقيت المناسب وكذلك وتيرة خفض أسعار الفائدة بهدف تجنب اعاقة النمو الاقتصادي أو دفع الاقتصاد للركود ، وفي نفس الوقت حذرت من أن صناع السياسة النقدية لدى البنوك المركزية حول العالم يجب أن يكون لديهم " وعي " من مخاطر استمرار أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة لأن أسعار الفائدة في تلك الحالة سوف يكون لديها القدرة على تحفيز المخاطر المتعلقة بالقطاع المالي ودفعها الى الارتفاع .
أما أوروبيا وحسب المركزي الأوروبي ، فقد ارتفع التضخم الأساسي في منطقة اليورو بنسبة 3،1% في شباط على أساس سنوي بأعلى من التوقعات عند 2،9% و بحاجة الى المزيد من الأدلة والتحقق والبيانات على تراجع التضخم ولم يكتسب الثقة الكافية بعد بشأن مسار التضخم ويتوقع الوصول الى مستهدف 2% في عام 2025 ، وأنه مستقل بقراراته وعمله .
وأشار الى تراجع معدل البطالة في منطقة اليورو الى أدنى مستوى على الاطلاق عند 6،4% ، و استمرار ضغوطات الأسعار بسبب النمو القوي للأجور لكن هناك مؤشرات على الاعتدال ، والنمو في اقراض الأسر ما زال ضعيفا ، ونشاط الاقتصاد يظل ضعيفا لكن هناك مؤشرات على التعافي .
ووفق أعضاء في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي ، فان خفض الفائدة في وقت مبكر قد يكون كارثيا اذا عاد التضخم للارتفاع ولا يمكننا ارتكاب أي أخطاء في الجزء الأخير من رحلة مواجهة التضخم .
وشهدت أوروبا في الربع الرابع 2023 أسوأ موسم لنتائج أعمال الشركات منذ الربع الأول 2020 بداية الجائحة ، و بين 313 شركة أوروبية أصدرت نتائج أعمال الربع الرابع فان 50% منها تفوقت بالربحية على التوقعات وكانت قطاعات التكنولوجيا والمرافق الأفضل أداءا بنتائج الأعمال بينما قطاعات المنتجات الاستهلاكية والرعاية الصحية الأسوأ ، وتراجع طلبيات المصانع الألمانية في أحدث مؤشر على تباطؤ الاقتصاد .
ويواجه الاقتصاد الأوروبي تحديات ومخاطر ارتفاع معدلات الفائدة والحرب الروسية الأوكرانية والتوترات في الشرق الأةوسط وأزمة البحر الأحمر التي تتسبب في رفع تكاليف الشحن الجوي والطاقة والتي تنعكس سلبا في رفع الأسعار والتضخم .
.
.
.
.