وان احزن فلا احزن الا على بلاد عشت فيها، وعاش في داخلي ترابها طاهرا، جبالها شامخة، هضابها شماء، في القلب تحيا قرية قرية.
حبيبة، حلوة، إشارات مرورها، والشوارع، ووديانها، حبات مائها، وغدرانها، والشاطئ، ووقت الغروب، والندى، وسواد ليلها، حاراتها القديمة، والمساجد، والأنوار، والكنائس، وأشجار زيتونها مباركا، غورها، وسهولها، أحبة أعزة.
نهرها الذي ينبع من القلب، ويصب في القلب، مسحة الحزن على المآذن، ودقة القلب مع أجراسها، مخيمها الحزين، وعطر بيوت الشعر في صحرائها، قيصومها، وشيحها، والزعتر البري، والرمل الأبي، والعلم الذي يرفرف، والشعار، يذوب الحجر عشقا وأذوب.
احن إلى رصيف الشارع عند مطعم هاشم، والوجوه التي تمارس العبور في الساحة الهاشمية، وسقف السيل، والحسين.
احن إلى خبز أمي ، والى أبنائي، وأهلي، وعشيرتي، وقبر أبي، وشجرة التين العتيقة، وطفولتي في أبدر، والأيام البيضاء مع صباحات العيد، وبياض الثلج في صويلح، والحلم الذي افلت من صدري.
احن إلى وجوه أصحابي، احن إلى لحظة في الحمة، وأم قيس، والى مشواري في معان، والى ليلتي في مأدبا، والى الأحباب في الطفيلة، احن إلى الكرك، تحاصرني الأماكن والشوارع، والعابرون، ورائحة العقبة، ورائحة الغائب، والزرقاء وعجلون، ووجوه الراحلين من رحلتي. احن إلى وجه وطني الذي فيه كل الناس، احن إلى بقايا أقدامي على تراب الروح في المرة الأخيرة، احن إلى السلط، وأم العمد، وناعور، والمفرق، والربابة ، والمنجل، والمذراة، وتحن أيامي إلى بعض أيامي، والسجن الذي يحاصر الذكريات... آه من السجن الغادر، السجن يرسمني على جدرانه، يأخذ كل يوم عمري، ويترك خيطه الأبيض في الرأس، والبرد يعصف في قيعان روحي، وارى الباقورة، وتشرق روحي على لحظة سال الدم، وتحلق ذاتي من جديد، وتشرق شمس وجودي، وأخربش على الرمال ... مشتاق.. مشتاق.... مشتاق... على الرمال.
فيا ليالي هذا السجن المالحة، يا وجه وطني، يا الغربة، والرحلة، والمشوار، يالسنوات الهاربة من داخلي، أقيمي على شرف الروح، واستلقي على رمال جرحي، وانتهي عند الوجع، دفقة حزن على وجه فلسطين، ودمعة خلف الماضي، وذكرى حسين الطراونة، ومصطفى وهبي التل ، وكايد عبيدات، وليلة ساهرة مع خيالات تحبسها الجدران الحجرية.
يا ليالي السجن، لي وطن خلف ذاك الجدار، رمال ليست كالرمال، في قلبه شجعان، وإنسان، والدم الذي ما هان، ولي قمر، وقلب، وقصة، ومكان. لي أطفال، وقرية، وأم، وأهل، لي عائلة، وأصدقاء، وشارع. أنا لي مدينة في الشمال، وذكريات، لي ليالي، وصباحات، وسهرة، وحزن وبيدر، لي أخ ، وأخت، وأقارب، ولي من عذبتهم بقصتي، ولي على شرف البلاد حكاية، وعمري لم يكن شبحا اطرده من داخلي بلا سبب، أو بسبب دون ذلك السبب.
يا ليالي السجن، يا أقفال، يا قضبان، يا جدران، يا مهاجع، يا مواعيد الزيارة، وغرف التفتيش، يا نزلاء، يا قيود، يا سنواتي في الحديد، يا أصدقائي جميعا في الألم أنا يدي حمراء لعين فلسطين الحمراء، وقلبي احمر، وتراب الأرض احمر، والدم احمر، والجرح العربي احمر....
بقلم علي السنيد
حبيبة، حلوة، إشارات مرورها، والشوارع، ووديانها، حبات مائها، وغدرانها، والشاطئ، ووقت الغروب، والندى، وسواد ليلها، حاراتها القديمة، والمساجد، والأنوار، والكنائس، وأشجار زيتونها مباركا، غورها، وسهولها، أحبة أعزة.
نهرها الذي ينبع من القلب، ويصب في القلب، مسحة الحزن على المآذن، ودقة القلب مع أجراسها، مخيمها الحزين، وعطر بيوت الشعر في صحرائها، قيصومها، وشيحها، والزعتر البري، والرمل الأبي، والعلم الذي يرفرف، والشعار، يذوب الحجر عشقا وأذوب.
احن إلى رصيف الشارع عند مطعم هاشم، والوجوه التي تمارس العبور في الساحة الهاشمية، وسقف السيل، والحسين.
احن إلى خبز أمي ، والى أبنائي، وأهلي، وعشيرتي، وقبر أبي، وشجرة التين العتيقة، وطفولتي في أبدر، والأيام البيضاء مع صباحات العيد، وبياض الثلج في صويلح، والحلم الذي افلت من صدري.
احن إلى وجوه أصحابي، احن إلى لحظة في الحمة، وأم قيس، والى مشواري في معان، والى ليلتي في مأدبا، والى الأحباب في الطفيلة، احن إلى الكرك، تحاصرني الأماكن والشوارع، والعابرون، ورائحة العقبة، ورائحة الغائب، والزرقاء وعجلون، ووجوه الراحلين من رحلتي. احن إلى وجه وطني الذي فيه كل الناس، احن إلى بقايا أقدامي على تراب الروح في المرة الأخيرة، احن إلى السلط، وأم العمد، وناعور، والمفرق، والربابة ، والمنجل، والمذراة، وتحن أيامي إلى بعض أيامي، والسجن الذي يحاصر الذكريات... آه من السجن الغادر، السجن يرسمني على جدرانه، يأخذ كل يوم عمري، ويترك خيطه الأبيض في الرأس، والبرد يعصف في قيعان روحي، وارى الباقورة، وتشرق روحي على لحظة سال الدم، وتحلق ذاتي من جديد، وتشرق شمس وجودي، وأخربش على الرمال ... مشتاق.. مشتاق.... مشتاق... على الرمال.
فيا ليالي هذا السجن المالحة، يا وجه وطني، يا الغربة، والرحلة، والمشوار، يالسنوات الهاربة من داخلي، أقيمي على شرف الروح، واستلقي على رمال جرحي، وانتهي عند الوجع، دفقة حزن على وجه فلسطين، ودمعة خلف الماضي، وذكرى حسين الطراونة، ومصطفى وهبي التل ، وكايد عبيدات، وليلة ساهرة مع خيالات تحبسها الجدران الحجرية.
يا ليالي السجن، لي وطن خلف ذاك الجدار، رمال ليست كالرمال، في قلبه شجعان، وإنسان، والدم الذي ما هان، ولي قمر، وقلب، وقصة، ومكان. لي أطفال، وقرية، وأم، وأهل، لي عائلة، وأصدقاء، وشارع. أنا لي مدينة في الشمال، وذكريات، لي ليالي، وصباحات، وسهرة، وحزن وبيدر، لي أخ ، وأخت، وأقارب، ولي من عذبتهم بقصتي، ولي على شرف البلاد حكاية، وعمري لم يكن شبحا اطرده من داخلي بلا سبب، أو بسبب دون ذلك السبب.
يا ليالي السجن، يا أقفال، يا قضبان، يا جدران، يا مهاجع، يا مواعيد الزيارة، وغرف التفتيش، يا نزلاء، يا قيود، يا سنواتي في الحديد، يا أصدقائي جميعا في الألم أنا يدي حمراء لعين فلسطين الحمراء، وقلبي احمر، وتراب الأرض احمر، والدم احمر، والجرح العربي احمر....
بقلم علي السنيد